تشهد تونس تصاعدًا غير مسبوق للجدل بشأن إمكانية إلغاء الرئيس التونسي قيس سعيد، الحصانة البرلمانية عن بعض النواب، وذلك تمهيدًا لملاحقتهم قضائيًا على خلفية حديثه قبل أيام عن "مؤامرات" و "خيانات" استهدفت الأمن القومي التونسي. واحتدم النقاش في تونس بشكل لافت، خلال الساعات الأخيرة على مواقع التواصل الاجتماعي، حول وجود توجه رئاسي لإلغاء الحصانة البرلمانية عن عدد من النواب، وسط أنباء متواترة تفيد بأن سعيد، يستعد لإصدار مرسوم رئاسي لهذا الغرض. وإزاء ذلك، قال ثامر بديدة، الناشط السياسي المقرب من رئيس الجمهورية، خلال تصريحات له، إن"لديه معلومات مؤكدة تفيد بأن رئاسة الجمهورية في تونس تستعد لإصدار مرسوم رئاسي يقضي بإنهاء تمتع نواب مجلس نواب الشعب بالحصانة البرلمانية". واعتبر بديدة، وهو رئيس حركة شباب تونس، الموالية للرئيس، أن"المرسوم الرئاسي سيصدر قريبًا وسينهي استهتار النواب بالقانون"، مضيفًا أن "اللقاء الأخير الذي جمع الرئيس مع وزير العدل الجديد محمد بوستة، الجمعة، تطرق إلى مضامين هذا المرسوم". ونشرت صفحات ومجموعات على "فيسوك" قريبة من الرئيس التونسي، مثل صفحة "الشعب يريد"، و مجموعة " نحن الماكينة"، منشورات تحدثت بكثافة عن غضب رئيس الدولة من هجمات بعض النواب عليه، وتأكيده أنه سيمضي في محاسبتهم بعد رفع الحصانة عنهم. في المقابل، استبعد مراقبون مختصون في القانون الدستوري أن يلغي رئيس البلاد الحصانة البرلمانية عن النواب، معتبرين أنه لا يمتلك صلاحيات ذلك، كما نوهوا إلى أن تعديل الحصانة البرلمانية يكتسب أهمية قصوى. وأكد أستاذ القانون الدستوري في الجامعة التونسية عبد الرزاق المختار أن البند 69 من الدستور التونسي يحصّن أعضاء مجلس النواب من الملاحقة القضائية، إلا في حال إعلانهم التخلي طواعية عن الحصانة البرلمانية. وقال المختار، إن "المُشرّع التونسي رتّب القوانين بحسب قوة مصادرها، وعلى أساسها لا يمكن لنص قانوني في درجة سفلى أن يعدل قانون في درجة عليا أو أن يلغيه". وأضاف المختار أن "تعديل البند المتعلق بالحصانة البرلمانية يقتضي تقديم مبادرة لتعديل الدستور سواء من رئيس البلاد أو ثلثي النواب، ثم تزكيتها في البرلمان من ثلثي النواب بعد إطلاع المحكمة الدستورية عليها، التي لم تتشكل بعد". من جانبه، اعتبر الباحث في القانون الدستوري وأستاذ القانون العام، رابح الخرايفي أن الحاجة إلى تعديل البند المتعلق بالحصانة البرلمانية باتت ضرورية، لتعديل السلوك المنفلت لبعض النواب، وانخراطهم في السباب والفوضى، والنيل من رموز مؤسسات الدولة. ودعا الخرايفي، إلى مراجعة الحصانة البرلمانية بدلًا من إلغائها، وذلك من خلال اختصار مراحلها الإجرائية في البرلمان التي تبدأ بإعلام السلطة القضائية للبرلمان بالدعوى المثارة ضد النائب، ثم تصويت أعضاء لجنة مختصة على رفع الحصانة عن النائب المعني من عدمه، وهي إجراءات يمكن أن تستغرق فترة زمنية طويلة وتمنح اللجنة البرلمانية صلاحيات واسعة. واعتبر الخرايفي أن الفهم الخاطئ لمن يمارسون السلطة التنفيذية لمفهوم الحصانة البرلمانية يجعلهم يغضون الطرف عن حالات تلبس نواب بجرائم، داعيًا في السياق إلى ضرورة التعريف بمفهوم الحصانة البرلمانية والعمل على تعديله. المصدر: الدار– وكالات