أكد الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الأحد، مقتل زعيم تنظيم "داعش"، أبو بكر البغدادي، في عملية عسكرية أمريكية بشمال غرب سوريا، موضحا أن ذلك تم لدى تفجيره سترة ناسفة بعد محاصرته من قبل قوات أمريكية خاصة في نفق مغلق. وفي تفاصيل العملية ذكرت صحيفة نيو يورك تامز أن المخابرات المركزية الأمريكية تابعت عن كثبٍ مع مسؤولين من المخابرات العراقية والكردية في العراق وفي سوريا؛ لتحديد موقع البغدادي بدقةٍ، ولزرع الجواسيس في أماكنهم لمراقبة تحركاته الدورية، ما سمح للقوات الخاصة الأمريكية بتنظيم هجومٍ السبت 26 أكتوبر، قُتل فيه البغدادي وفقاً لما صرح به الرئيس ترامب.
غير أن قرار ترامب المفاجئ بسحب القوات الأمريكية من شمال سورية أربك الخطط الدقيقة وأجبر مسؤولي البنتاغون على الإقدام على غارةٍ ليليةٍ محفوفةٍ بالمخاطر قبل أن يتزعزع سلطانهم على القوات والجواسيس وطائرات الاستطلاع في المنطقة، ووفقاً لمصادر عسكرية، واستخباراتية، ومسؤولين في مكافحة الإرهاب فإن موت البغدادي وقع على الرغم من تصرفات ترامب.
وكان للأكراد دور في الكشف عن مكان البغدادي حيث قال أحد المسؤولين إن الأكراد السوريين والعراقيين وفروا معلوماتٍ للغارة أكثر من أي دولةٍ أخرى.
بدأت الخطة الأصلية لتلك الغارة في الصيف الماضي. بدأت قوات دلتا الخاصة في الجيش في رسم الخطط وبحثها لشن مهمةٍ سريةٍ لقتل أو اعتقال قائد تنظيم الدولة الإسلامية بالعراق والشام، وواجهت الكثير من العقبات. كان المجال الجوي لتلك المنطقة يخضع لسلطة السوريين والروسيين. ألغى الجيش المهمة في اللحظة الأخيرة مرتين على الأقل.
وقال وزير الدفاع الأمريكي مارك إسبر الأحد 27 أكتوبر في برنامج This Week الذي يُذاع على شبكة ABC: «حتى يوم الخميس كان الرئيس يدرس خياراته، وحسم أمره وأعطانا الضوء الأخضر يوم الجمعة لتنفيذ ما نفذناه بالأمس».
وقال إسبر إنه لم يكن يعلم ما إذا كانت الولاياتالمتحدة ستستطيع شن غارةٍ بطائرات الهليكوبتر على القرية التي يقطنها البغدادي، في حال سُحبت القوات الأمريكية تماماً من الأراضي السورية كما كان يُخطط الرئيس ترامب.
وقال لبرنامج State of the Union الذي يُعرض على شبكة CNN: «كنت سأستشير قادة الجيش حول ذلك الوضع».
وبالإضافة لحساب ترامب الرسمي، فقد أكد عشرات مسؤولي البنتاغون، والجيش، والاستخبارات، ومكافحة الإرهاب على نفس التسلسل الزمني للغارة بعد أن وافق الرئيس عليها.
وقد أقلعت ثماني طائرات هليكوبتر، أغلبها من نوع CH-47 Chinooks من قاعدةٍ عسكريةٍ قرب أربيل في العراق قرب منتصف الليلة الماضية -الخامسة من عصر السبت تقريباً بتوقيت واشنطن.
عبرت الطائرات الحدود السورية محلقةً على ارتفاعاتٍ منخفضةٍ وبسرعةٍ كبيرةٍ لتجنب الرصد، وعبرت الأراضي السورية -في رحلةٍ خطرةٍ مدتها 70 دقيقةً تعرضت خلالها الطائرات لإطلاق نارٍ عدة مرات- وصولاً إلى منطقة باريشا شمالي مدينة إدلب غرب سوريا. وقُبيل الهبوط مباشرةً بدأت طائرات الهليكوبتر، ومقاتلاتٌ أُخرى في إطلاق النار على المُجمع السكني، موفرةً غطاءً لمقاتلين من قوات دلتا الخاصة ولكلابهم العسكرية لتهبط في المنطقة.
وبدا ترامب متحمساً للكشف عن تفاصيل الغارة أثناء المؤتمر الصحفي الذي عُقد الأحد 27 أكتوبر/ في البيت الأبيض، فقال إنه وأثناء إطلاق طائرات الهليكوبتر للنار من الجو، اجتازت القوات الخاصة الباب الأمامي، مُحتاطين من وجود فخٍ، قبل أن يُدمروا أحد جدران المجمع السكني. سمح لهم هذا أن يُسرعوا إلى الداخل وأن يواجهوا مجموعةً من مقاتلي التنظيم.
وشاهد الرئيس، ووزير الدفاع إسبر، ونائب الرئيس مايك بينس، وقائد الأركان المشتركة الجنرال مارك ميلي، شاهدوا جميعاً بثاً مباشراً للغارة نُقل لغرفة الطوارئ في البيت الأبيض عبر طائرة استطلاعٍ كانت تحوم فوق أرض المعركة.وقد حاول البغدادي الهرب من الجنود الأمريكيين لكنه فشل
دخل مقاتلو قوات الدلتا إلى المجمع السكني تحت النيران، وأردوا عدداً من الناس. وقال ترامب إنهم أبعدوا كذلك 11 طفلاً من مرمى النيران.
ركض البغدادي إلى نفقٍ تحت الأرض، وتبعته القوات الأمريكية. وقال ترامب إن قائد التنظيم أخذ معه ثلاثة أطفالٍ، ربما لاستخدامهم كدروعٍ بشريةٍ من النيران الأمريكية. وقال ترامب كذلك إن الجنود، لخشيتهم من أن يكون البغدادي مرتدياً لقميصٍ انتحاري، ولعلهم كانوا محقين، فقد أطلقوا وراءه كلباً عسكرياً ليُسقطه. وتابع قائلاً إن قائد التنظيم فجر حينها المتفجرات مُصيباً الكلب ومردياً الأطفال الثلاثة. ويصف إسبر أحداث الغارة التي استغرقت ساعتين في برنامج This Week قائلاً: «كان يقطن في مجمعٍ سكني، هذا صحيح، ومعه بعض الرجال الآخرين، وبعض النساء، وعددٌ كبيرٌ من الأطفال. لدى قواتنا الخاصة خططٌ وتقنياتٌ وإجراءاتٌ يتبعونها لمحاولة إخراجهم. في النهاية وكما قال الرئيس نعتقد أنه قرر أن ينتحر، آخذاً معه بعض الأطفال الصغار».
أما ترامب فقد كان أكثر تفصيلاً في وصفه. وقال: «لقد شاهدت معظم ما حصل، لقد مات بعدما ركض إلى نفقٍ مسدودٍ وهو ينتحب ويبكي ويصرخ على طول الطريق. لقد سحب معه ثلاثة أطفالٍ وفجر نفسه والأطفال الثلاثة معه».
لكن إسبر لم يؤكد أمر النحيب والبكاء اللذين ذكرهما ترامب، وقال: «ليست لدي تلك التفاصيل. ربما أُتيحت للرئيس فرصةٌ للتحدث إلى القيادات على الأرض».
قال ترامب كذلك إن القوات الأمريكية قضت نحو ساعتين على الأرض، لتطهير المبنى من المقاتلين، والتقصي عن معلوماتٍ قال إنها حوت تفاصيل مهمةً عن عمليات التنظيم. وقال إن القوات كانت لديها بالفعل عيناتٌ من الحمض النووي لقائد التنظيم، استخدموها للتحقق سريعاً من أنهم أسقطوا الرجل الصحيح.