شكل اللقاء، الذي جمع الملك محمد السادس، والشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، بقصر البحر بالإمارات، مناسبة للرد على ما أثير، مؤخرا، من توثر علاقات الرباطوأبوظبي، نتيجة موقف المملكة المغربية من أزمة الخليج، وتصويت الإمارات، إلى جانب دول أخرى في مقدمتها السعودية، لصالح الملف الأمريكي المشترك الثلاثي المكون من الولاياتالمتحدةالأمريكية وكندا والمكسيك الذي فاز بشرف تنظيم مونديال 2026، على حساب نظيره المغربي. ويرى مراقبون، أن علاقات المغرب والإمارات استراتيجية ومتينة، وهو ما أكده الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، خلال لقائه الملك محمد السادس، من كون دولة الإمارات، بقيادة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، حريصة على توثيق علاقاتها الأخوية مع المملكة المغربية، بما يحقق مصالحهما، ويعزز العمل العربي المشترك، خصوصاً في ظل التحديات والأزمات التي تواجهها دول المنطقة. واستنادا لما أوردته قصاصة لوكالة الأنباء الإماراتية "وام"، فقد أعرب الملك محمد السادس، من جانبه، خلال ذات اللقاء الهام، عن سعادته بزيارة دولة الإمارات، التي ترتبط مع المغرب بعلاقات أخوية أصيلة وراسخة، مشيداً بمواقف دولة الإمارات تجاه تعزيز وتفعيل العمل العربي المشترك، في ظل قيادة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الإمارات. وتعليقا على هذه التطورات الجديدة بين المغرب والإمارات، من خلال الزيارة الخاصة التي يقوم بها الملك محمد السادس، إلى الإمارات، ولقائه، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، أكد محمد تاج الدين الحسيني أستاذ للعلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس أكدال- الرباط، أن العلاقات المغربية الإماراتية هي علاقات ثابتة، ولها ثوابت على مستوى العلاقات بين الطرفين. واعتبر الحسيني، في تصريح ل"الأيام24"، أن "علاقات المغرب والإمارات، حقيقة تميزت بنوع من الغموض بعد ملاحظة التطور الإيجابي مع قطر التي هي في نزاع مع كل من السعودية والإمارات، ولكن المغرب حاول دائما أن يؤكد أن دوره في هذه العلاقات هي المساعي الحميدة وتطوير العلاقات نحو الأفضل وتفادي زيادة تفاقم هذا النزاع، وبالتالي علينا أن ندرك جيدا أن مرجعية العلاقات المغربية الإماراتية، أنها ترتبط بعلاقات تعود تاريخيا إلى عهد الراحل الشيخ زايد الذي اختار أن يكون المغرب موطنه الثاني". وتابع الحسيني قائلا "وأعتقد أن نفس النهج اتبعه أبناؤه الذين يقيمون مدة طويلة، طوال السنة في الديار المغربية، ثم أكثر من هذا وذاك هناك على مستوى العلاقات الثنائية هناك اتفاقيات اقتصادية مهمة فيما يتعلق بالتبادل الحر، هناك تعاون على مستوى الاستثمارات الكبرى التي تقودها الإمارات العربية المتحدة، داخل المغرب، وأكثر من هذا وذاك ، فإن الإمارات عضو مركزي في مجلس التعاون الخليجي التي يرتبط بعلاقات استراتيجية مع المغرب". وأوضح " نحن نعلم أن مجلس التعاون الخليجي سبق له أن طلب من المغرب الانضمام النهائي كعضو كامل العضوية في المجلس، لكن الملك محمد السادس، كان قد اعتذر باعتبار المغرب العربي هو خيار استراتيجي، وعوض ذلك بإقامة علاقات استراتيجية معمقة وصلت إلى حد التعاون العسكري، سواء في التحالف في قضية اليمن أو في القضية السورية أو في إيفاد مقاتلات مغربية إلى دول الخليج، وبالتالي لا أعتقد أن مثل هذه العلاقات التي تطورت في هذا المستوى، يمكن أن تتراجع بجرة قلم من خلال توثر في علاقات مع دولة أخرى وهي قطر". وأكد الحسيني " أن هذه الزيارة تتجه نحو توضيح الرؤيا فيما يتعلق ببعض الغموض الذي أصبح يسود في وسائل الإعلام وباعتبار أن المغرب سيبقى هو والإمارات في علاقات قوية ومتينة، وأعتقد أن هذه الزيارة ستكون فرصة ليشكل منعطفا جديدا في تطوير هذه العلاقات، التي شهدت بعض الركود في ميادين محددة، نحن نعلم أن الإمارات ليس فقط على مستوى استثماراتها الثنائية بل حتى متعددة الأطراف، مثل هناك شركة وصال الموجودة في المغرب، والتي رأس مالها مكون من مساهمات من طرف السعودية والإماراتوالكويت وحتى قطر، وبالتالي، هذه فرصة أخرى، لإعادة بلورة هذه العلاقات بشكل أفضل. وفي رده عن سؤال حول وضع الحياد الذي اتخذه المغرب في أزمة الخليج، بين قطر ودول السعودية والإمارات والبحرين ومصر، أكد الحسيني "أن هذه المسألة من الصعوبة من مكان، لأن المغرب كان يراهن على حل هذا النزاع القائم بين قطر وباقي بلدان دول الخليج..وهذه التطورات أصبحت بالفعل مزعجة، والمغرب يجد نفسه في موقف صعب، في محاولة لعب دور المساعي الحميدة وتسوية النزاع، واعتبر أن نزاعات من هذا النوع بالبلدان العربية ليست نزاعات عابرة، ولكنه اتضح الآن أن الأمر يتعلق بنزاع مستديم". وعبر الحسيني عن "اعتقاده أن وجود ترامب في الإدارة الأمريكية له كذلك نصيب معين، في استفحال هذه الأوضاع..، وبالتالي أعتقد أن المغرب سوف يستمر دائما في نفس الموقف، وهذا اختيار جيد وحكيم في الدبلوماسية المغربية ، ألا تنزوي لطرف ضد الأخر، وأعتقد أن هذا الأسلوب نجح، ولولا لم ينجح، لكانت هناك قطيعة بين السعودية والإمارات بالنسبة للمغرب، ولكن ذلك لم يقع، وأعتقد أن المغرب سيحاول اليوم الحفاظ على الوضع القائم، في ظل ما هو عليه، مع محاولات متوالية لتقريب وجهات النظر، وهي أعتقد نهج تتبعه حتى بعض دول الخليج، مثل الكويت التي تقوم الآن بشكل فعال بهذا الدور، لم تنجح لحد الآن، ولكنها تستمر فيه، وبالتالي إذا كانت الكويت يقبل منها وهي عضو داخل مجموعة الخليج بأن تقوم بدور الوساطة، لماذا لا يقبل بدولة ثالثة، وصديقة للجميع، وهي المغرب". وأشار إلى أن " الرسالة قد وصلت، وحتى المسؤولين الإماراتيين أصبحوا يتفهمون موقف المغرب جيدا، وهذا عنصر إيجابي رغم استمرار النزاع. يشار إلى أن الإمارات أصبحت تحتل المرتبة الأولى على صعيد الاستثمارات العربية بالمغرب، بفضل التدفق الكبير للاستثمارات الإماراتية من خلال استثمارات "صندوق أبوظبي للتنمية" والشركة "المغربية الإماراتية" للتنمية، وشركة طاقة، وشركة المعبر الدولية للاستثمار، ومجموعة إعمار، وشركة دبي العالمية، وشركة القدرة القابضة، والشركة العالمية البترولية للاستثمار.