شهدت محاكمة محمد مبديع، الوزير السابق المتابع في قضية الاختلالات المالية والتسييرية التي عرفتها مدينة الفقيه بنصالح خلال فترة تسييره لها، تطورات مثيرة خلال جلسة اليوم الخميس، والتي عُقدت بغرفة الجنايات الابتدائية المكلفة بجرائم الأموال بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء. في بداية الجلسة، أثار دفاع مبديع دفوعات أولية تتعلق بالشكل والمساطر القانونية، حيث طالب النقيب محمد حيسي، ممثل هيئة الدفاع، بضرورة استدعاء عدد من المسؤولين والمختصين الذين لهم علاقة بالملف، من بينهم أعضاء المفتشية العامة لوزارة الداخلية، التي أعدت التقارير التي استند إليها التحقيق، وأعضاء اللجان التقنية التي أشرفت على محاضر التسليم الأولي لمجموعة من المشاريع. هذا وشمل الطلب استدعاء شهود قضية اقتناء سيارة فاخرة من نوع BMW، إلى جانب موظفين من الشركة المعنية، بالإضافة إلى شهود في قضية مهرجان الفقيه بن صالح. وطالب الدفاع باستدعاء موثقين سبق وأن صدر في حق أحدهم حكم قضائي، فضلا عن ولاة جهة بني ملالخنيفرة الذين صادقوا على جميع الصفقات التي أبرمتها الجماعة. وأوضح النقيب حيسي أن المجلس الجهوي للحسابات أصدر قرارات بشأن الجماعة، حيث أوصى في تقريره بإصلاح الاختلالات ومعالجة المشاكل دون توجيه اتهامات مباشرة لمبديع. وتركزت مرافعة الدفاع حول نقطة جوهرية، وهي عدم توقيع موكله على أغلب محاضر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، مشيرا إلى أن العديد من محاضر الاستماع لم تُنتج أي أثر قانوني.
كما ندد ب"إفشاء سرية البحث التمهيدي"، حيث تم نشر تفاصيل القضية عبر وسائل الإعلام، معتبراً أن "الزمن الإعلامي بات يسبق الزمن القضائي، مما قد يؤثر على سير المحاكمة العادلة". وشكك الدفاع في صحة بعض الأدلة المقدمة، مشيرا إلى أن صورا منسوبة لموكله خلال أحد الأعراس كانت في الواقع من حفل زفاف آسيوي وليس مغربيًا.
ومن جهة أخرى، طالب الدفاع بإبطال الاطلاع على الحسابات البنكية لموكله، معتبرا أن ذلك تم دون إذنه، مما يعد خرقا للقوانين المتعلقة بحماية المعطيات الشخصية. كما أكد أن المتهم خضع للتحقيق لمدة سنتين دون إخطاره رسميا بالتهم الموجهة إليه، ما اعتبره إخلالا بحقوقه القانونية. بدوره، شدد المحامي إبراهيم أموسي، عضو هيئة الدفاع، على ضرورة بطلان محاضر الضابطة القضائية، معتبرًا أن عناصر الشرطة تجاوزت دورها، حيث تضمنت المحاضر استنتاجات يفترض أن تصدر عن النيابة العامة أو قاضي التحقيق، لا عن الجهاز الأمني الذي يجب أن يتحلى بالحياد أثناء البحث التمهيدي. وفي ختام مرافعاته، طالب الدفاع بتمتيع مبديع بالسراح المؤقت، مؤكدا أنه يوفر جميع الضمانات القانونية، باعتباره شخصية عامة سبق لها أن مثلت المغرب في محافل دولية، ولم يشكل أي تهديد للمجتمع، مستندا في ذلك إلى مقتضيات الفصل 59 من قانون المسطرة الجنائية.