يوجد وزير الطاقة سابقا شكيب خليل والملياردير عبد المومن رفيق خليفة، المعروفان بكونهما شخصين فوق القانون وبعيدين عن أية شبهات، في قلب فضائح مالية لن تمحى من التاريخ السياسي والقضائي للجزائر. فشكيب خليل، الرجل القوي في الحكومات المتعاقبة خلال العشرية الأولى من القرن الحالي، متابع بكونه مسؤولا في قضية رشاوى هزت أركان الشركة الوطنية للمحروقات (سوناطراك).
بعد الاتهامات التي وجهت له بخصوص القضية المعروضة أمام القضاء فيما يعرف ب"سوناطراك 1"، خرج الرئيس المدير العام السابق للشركة الوطنية للمحروقات بالجزائر (سوناطراك) محمد مزيان عن صمته، مؤخرا ، ليؤكد علنا أنه كان ضحية"تصفية حسابات على مستويات عليا".
وأسر مزيان في خرجة صحفية قبل شهر من انطلاق محاكمته الأحد الماضي، بالقول "كنت ضحية حرب مصالح على مستويات عليا، والرهانات ربما كانت سياسية ومالية".
ففي حوار نشرته صحيفة (الوطن) في عددها ليوم 18 فبراير 2015، كشف المتحدث المتابع في حالة سراح، أنه كانت لديه "شكوك مجرد شكوك حول أشياء كانت تتم على أعلى مستوى، بخصوص بعض العقود، لكن لا شيء أكثر".
وخلص إلى أن "دوره لم يكن التدخل في العقود المبرمة التي كانت تحسم في مستويات عليا"، متهما وزير الطاقة سابقا شكيب خليل الذي يوجد في قلب فضيحة مالية كبرى عرفت ب "فضيحة سوناطراك"، حيث يعتقد أن شركة (سايبام) ، فرع المؤسسة الإيطالية للمحروقات (إيني)، تورطت في تقديم رشاوى بقيمة 198 مليون دولار تلقاها العضو النافذ آنذاك في الحكومة الجزائرية وكذا المقربين منه، كمقابل لإبرام عقود ب8 ملايير.
وفي إطار قضية "سوناطراك 1"، يعتبر محمد مزيان رفقة اثنين من أبنائه وثمانية مدراء تنفيذيين من بين 19 متهما، ضمنهم رعايا أجانب، متابعون جميعهم بجنايات متعددة متعلقة بالفساد.
وبداية من سنة 2009، ستعرف طفرة الاقتصاد الجزائري اهتزازا إثر الكشف عن وقائع تخص اختلاسات ورشاوى مريبة في مقابل منح عقود مربحة لشركات أجنبية.
ذلك أن شكيب خليل الذي أقيل من منصبه الحكومي بعد تعديل وزاري في شهر ماي 2010، عاد اسمه ليتردد بداية غشت 2013، حين قرر القضاء الجزائري إصدار مذكرة توقيف دولية في حقه بناء على تحقيق قضائي بإيطاليا، قاده النائب العام بميلانو حول ممارسات مشبوهة للشركة الإيطالية (سباييم).
وتمثلت هذه الشبهات في تقديم الشركة نحو 198 مليون دولار كرشاوى للوزير الوصي على القطاع ومحيطه، مقابل الحصول على عقود بقيمة 8 ملايير أورو في المجال النفطي بالجزائر.
بدوره يوجد عبد المومن رفيق خليفة المسجون حاليا بالجزائر العاصمة بعد ترحيله من بريطانيا في دجنبر 2013، في قلب فضيحة مالية أخرى لا تقل عن تلك الملتصقة ب(سوناطراك). وكان سقوط خليفة بمثابة صدمة لجزء كبير من الجزائريين الذين كانوا يرون فيه رمزا للنجاح ومثالا يحتذى، في وقت كان البلد لم يضمد بعد جراح العشرية السوداء.
ففي أواخر تسعينيات القرن الماضي، أسس رفيق خليفة إمبراطورية يؤثثها بنك وشركة طيران وقناتان تلفزيونيتان، عمل بها 20 ألف موظف بالجزائر وأوربا، وكانت هذه المجموعة التي تمثلت كواجهة للنظام الجزائري، تستمد قوتها من تنشيط استثمارات وطنية بأسعار فائدة جذابة عبر (خليفة بنك).
وإثر اكتشاف ممارسات اعتبرت "مشبوهة"، تدخل البنك المركزي للجزائر في نونبر 2002، من خلال منعه تحويلات (خليفة بنك) إلى الخارج، مما عجل نهاية هذه المؤسسة المالية.
وبعد أقل من أربعة أشهر من هذا المنع، تم توقيف مساعدين مقربين من رفيق خليفة بمطار الجزائر العاصمة وبحوزتهم 200 ألف أورو، مما أشر على بداية نهاية الإمبراطورية التي التصقت بها كل أنواع الممارسات الخاطئة.
وقد تسبب انهيار هذه المجموعة العملاقة خسائر للمستثمرين وللدولة الجزائرية، تراوحت بين 1.5 و5 ملايير دولار.