لم يمر إعادة تنصيب الأمين العام للحزب العمالي الاشتراكي الإسباني، بيدرو سانشيز، رئيسا للحكومة الإسبانية لولاية ثانية، وأدائه اليمين أمام الملك فيليبي السادس، دون إثارة نقاشات سياسية وتكهنات مستقبلية في علاقات مزمنة ثلاثية الأبعاد بين إسبانيا والمغرب من جهة وبين اسبانياوالجزائر من جهة ثانية.
فالجزائر التي استقبت تنصيب بيدرو سانشيز، أعادت ترميم علاقتها من البلد الأوروبي عبر وضع سفير لها في مدريد بعد أن سحبتها لما يقرب من السنتين، بسبب موقف سانشيز وحكومته من قضية الصحراء المغربية، حيث أعلن دعمه للرباط في مقترح الحكم الذاتي، ما رأته الجزائر "طعنة سياسية" من سانشيز، إلى درجة أن الرئيس الجزائري اعتبر في تصريح صحفي مع قناة الجزيرة القطرية، أن موقف مدريد من الصحراء لا يعني البلد بل يهم فقط حكومة سانشيز، وأن الجزائر لا تريد معاقبة الشعب الإسباني ولكن تريد معاقبة حكومته.
فهل أقبرت عودة سانشيز إلى السلطة، المحاولات الجزارية الداعم للطرح الانفصالي في تعديل الموقف الإسباني، أو على الأقل دفعها إلى المنطقة الرمادية؟، يرى متابعون للشأن السياسي أن البوليساريو اقتنعت بأن التوظيف السياسي لملف الصحراء في الدفع بسانشيز إلى التراجع عن موقف بلاده، بات ورقة منتهية الصلاحية، خاصة مع تصويت النائبة تشي سيدي، المنتمية إلى تنظيم "البوليساريو" وتحالف "سومر" اليساري، مُرغمةً، لصالح سانشيز وفقا للاتفاق الذي تم الشّهر الماضي بين تكتل "سومر" والحزب العمّالي الاشتراكي لأجل تشكيل الحكومة.
نيل بيدرو سانشيز ثقة البرلمان الإسباني وتشكيل حكومة في ولاية ثانية، قرأه عبدالحميد بابا الله، الباحث في العلاقات الدولية بجاامعة الخامس بالرباط، أنه سيزيد من تثمين العلاقات مع المغرب والبناء على التراكم الدبلوماسي الذي دشن من لقاء الملك محمد السادس وبيدرو سانشيز ووضعهما لخارطة الطريق، لكنه في المقابل، يمثل نكسة سياسية للجزائر والبروليساريو، سيما وأنهما راهنا على الحزب الشعبي الإسباني للتّراجع عن الاعتراف بمغربيّة الصحراء.
وأشار في حديثه ل"الأيام 24″ أن التعويل على فوز ألبيرتو نونييز فييخو، لتصحيح موقف سانشيز كان بمثابة الرهان على الحصان الخاسر، على اعتبار أن الحزب الشعبي يبني موقفه السياسي في علاقته بالمغرب انطلاقا ملف الصحراء وملف سبتة ومليلية المحتلتين.
وقال المحلل السياسي، إن الحزب الشعبي معروف بمواقفه تجاه القضايا الوطنية، ما أثار رغبة الجزائر والبوليساريو، خاصة وأن الحزب كان أقرب إلى الحكم، معتبرا أن حتى ولو نال فييخو ثقة البرلمان وتمكن من تشكيل الحكومة، فلن يكون بمقدروه تغيير موقف اسبانيا من ملف الصحراء، على اعتبار أن دعم مدريد لمغربية الصحراء ليس اختيارا سياسي بالنسبة لحكومة بيدرو سانشيز ولكنه قرار سيادي اسباني، نابع من قرار تتقاطع فيه المصالح الاستراتيجية، حيث شارك ت فيه مؤسسات الملكية والجيش.