في تحليل للخطاب الملكي بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الخامسة، قال أستاذ العلوم السياسية محمد شقير ل"الأيام 24"، إن الخطاب خصص كليا للعمل البرلماني والانتخابات بخلاف بعض الخطابات التي يدشن بها الملك الدورات الخريفية التي تخصص لبعض القضايا إما جهوية أو وطنية. وحدد الأستاذ الباحث أهم مضامين الخطاب في أربع نقط، الأولى هي أن الخطاب أشار في بدايته أن هذه السنة ستكون بمثابة نهاية الولاية التشريعية الحالية واعتبر بأن هذه الدورة تصادف تشكيل أول مجلس مستشارين بحلة جديدة.
النقطة الثانية، حسب شقير، ركز فيها الملك على انتقاد سلوك بعض المكونات النخبوية، بحيث أشار إلى أن نضج المواطنين هو الذي أدى إلى إخفاق بعض الأحزاب، مشيرا أن على الذين أخفقوا التحلي بروح الديمقراطية وأن يعتبروا أن الديمقراطية تفترض الفشل اليوم والفوز غدا. وأضاف المحلل السياسي، "أظن أن الملك هنا كان يشير إلى حزب ''الاستقلال'' بصيغة مبطنة وبالأخص إلى أمينه العام، وكون أن الحزب لم يفز بما كان يطمح إليه لا يعني ضرورة انتقاد واتهام السلطة واتهام مجريات العملية الانتخابية والتشكيك فيها، وأن هذه السلوكات ليست من قواعد اللعبة الديمقراطية".
وعن ما إذا كان ادريس لشكر الأمين العام لحزب "الاتحاد الاشتراكي"، الذي خرج مؤخرا يشكك في العملية الانتخابية، أيضا مقصودا بإشارة الملك، قال شقير إن الخطاب انتقد سلوكات بعض المكونات ككل وليس فقط حزب الاستقلال، إذ أشار إلى كل من انتقد أو شكك في العملية الانتخابية الديمقراطية، أي أن المقصود هي الأحزاب السابق ذكرها بأمنائها العامين إضافة إلى بعض الناشطين والقياديين في أحزاب أخرى حاولت التشكيك في نتائج الانتخابات.
وأشار شقير أن الملك أوصى في خطابه هؤلاء بالقبول باللعبة الديمقراطية وبقواعدها التي تفرض إما الفوز أو الإخفاق، ونصحهم باستعمال النقد الذاتي لتجاوز الإخفاقات والاختلالات التي وقعوا فيها، حتى يستطيعوا في ولايات تشريعية مقبلة أن يفوزوا بأكبر عدد من المقاعد. كما انتقد الخطاب سلوكات بعض السياسيين ونصحهم بالتحلي بالوطنية والعمل على إعطاء الأهمية للمصلحة الوطنية بدل المصالح الفئوية والشخصية، معتبرا أن على المنتخبين أن يتحلوا بهذه الثقافة.
كما أوضح أن لغة السياسيين لا ترقى إلى مستوى انشغالات المواطنين، وأظن أن جزء من الخطاب كان مركزا على هذه السلوكات، فعدة مرات يحاول الملك انتقاد هذه السلوكات وأن ينصح بالرفع من مستوى الخطاب، لكن يبدو أن بعض المكونات لن تتمكن من تغيير هذا السلوك لأن هؤلاء تدربوا على المزايدات الحزبية أكثر من تربيتها على أشياء أخرة، وبالتالي من الصعب تغيير سلوكاتها.
وأشار محمد شقير ل"الأيام 24" أن الملك ركز في النقطة الثالثة من الخطاب إلى تثمين المشاركة المكثفة للناخبين في الأقاليم الصحراوية، ورأى في هذا دليلا على تشبث هذه الفئات بالوطن، وثقة النتخبين في أنهم يمثلون الشرعية من خلال الأعداد التي صوتت عليهم وأنهم ممثلون حقيقيون لسكان هاته الأقاليم وليس كما سماها البوليساريو "أقلية واهمة خارج البلاد". واعتبر الملك أن هذه المشاركة المكثفة هي دليل آخر على انتماء الناخبين والمنتخبين إلى الوطن.
أما النقطة الرابعة في الخطاب، حسب المحلل السياسي، فكانت مخصصة للعمل البرلماني، حيث اعتبر الملك أن هذه الولاية تحفل بالكثير من القوانين أو أن هناك عدة قوانين لم تتم المصادقة عليها، وتعتبر بالغة الأهمية كبعض القوانين التنظيمية، وهي قانون الأمازيغية والهجرة وغيرها، التي من الضروري على البرلمانيين المصادقة عليها قبل انتهاء هذه الولاية.
بالإضافة إلى ذلك اعتبر الملك، يقول شقير، أن هناك بعض المجالس والمؤسسات التي لم تخرج بعد إلى حيز الوجود ومنها مجلس المناصفة واللجنة الوطنية لمكافحة الرشوة ومجلس المنافسة، موجها النصيحة للبرلمانيين بالعمل بما سماه بالتوافق الإيجابي بدل التوافق السلبي القائم على الترضيات الشخصية والمصالح الفئوية، على اعتبار أن هذا التوافق هو الذي سيسمح بالإسراع في استكمال مختلف هذه القوانين والمؤسسات.