أثار مرسوم رئيس الحكومة، الصادر في الجريدة الرسمية، أول أمس الإثنين، والمتعلق بالأحكام الإنتقالية في شأن التبادل الآلي للمعلومات لأغراض جبائية، ردود أفعال كبيرة، حول حماية السرية المنصوص عليها قانونا بالنسبة للبنوك ومؤسسات الإئتمان. وأضافت جريدة "الصباح" في عدد اليوم الأربعاء، أن المرسوم تشوبه العديد من علامات الإستفهام حول مدى دستوريته، سيما أنه أجبر المؤسسات البنكية والإئتمانية على أن تقدم مباشرة وتلقائيا وبصفة منتظمة المعلومات المتعلقة بالأشخاص الذاتيين والإعتباريين. كما يفرض عليها تزويدها بالمعطيات السرية المتعلقة برؤوس الأموال المنقولة وأرصدة الحسابات المفتوحة لدى الهيآت والمؤسسات التي تربطها بالمملكة اتفاقيات، وذلك لغرض التبادل الآلي للمعلومات لأغراض جبائية. وفي تصريح للجريدة قال الدكتور عمر أزوكاو، المحامي بهيأتي البيضاء وباريس، أن المرسوم الموقع عليه من قبل سعد الدين العثماني، بصفته رئيسا للحكومة، غير دستوري ومتناقض مع مبدأ السرية المكفول في القوانين سواء بالنسبة إلى البنوك أو مؤسسات الإئتمان. وذهب الباحث نفسه إلى أنه أكثر من ذلك فإن المرسوم يخرق الدستور، على اعتبار مبدأ توازي الشكليات وهرمية القوانين، إذ لا يمكن لمرسوم صادر عن السلطة التنظيمية أن يخرق قواعد آمرة أنتجتها السلطة التشريعية وصدرت في شكل ظهير بمثابة قانون. وأضاف المتحدث أن القانون الذي يصدر عن السلطة التشريعية لا يمكن إلغاؤه أو تعديله، إلا من قبل السلطة نفسها، ووفق الإجراءات المنصوص عليها دستوريا. واستطرد أزوكار قائلا أن التشريع من صميم السلطة التشريعية وأن المرسوم يراد به تعطيل القوانين التي تحمي السرية، سواء القوانين المنظمة لعمل البنوك ومؤسسات الإئتمان أو القانون الجنائي نفسه الذي يدخل نطاقه في مجال هذه الحماية، إذ أن المرسوم يلزم تلك المؤسسات بالوشاية لدى المؤسسات المالية التي تربطها علاقة مع المغرب، وجرى توسيع نطاقه حتى أصبحت ملزمة بالتبليغ تلقائيا بأرصدة الأشخاص. وأشارت الجريدة إلى أن ما يعزز النية في تجاوز القوانين التشريعية، استهلال المرسوم بعبارة "على الرغم من جميع المقتضيات التشريعية المخالفة.. يرخص لمؤسسات الإئتمان والهيآت المعتبرة في حكمها ومقاولات التأمين وإعادة التأمين وجميع المؤسسات المالية الأخرى، أن تقدم مباشرة وبصفة تلقائية ومنتظمة إلى السلطات المختصة في البلدان المزمع إبرام اتفاقات بينها وبين المملكة المغربية من أجل التبادل الآلي للمعلومات لأغراض جبائية، المعلومات بالمتعلقة بالأشخاص الذاتيين والإعتباريين..". وأوضح أزوكار أن الإدارة الجبائية هي التي تطلب بناء على القانون، الإطلاع على الحسابات لدى تلك المؤسسات قصد مراجعة التصريحات أو تحصيل الديون العمومية، وأصبحت اليوم تتلقى هذه الأسرار تلقائيا من المؤسسات الإئتمانية والبنكية بناء على المرسوم سالف الذكر. واسترسلت الجريدة قائلة، أن المرسوم نفسه الذي أحيل على البرلمان، فهو يخاطب الأشخاص الذاتيين أو الإعتباريين الخاضعين للضريبة طبقا للتشريع الجاري به العمل في البلدان المزمع إبرام اتفاقية معها للتبادل الآلي للمعلومات لأغراض جبائية والذي تلزم تشريعاته هذا التبادل، وهو ما يعني بمفهوم المخالفة استهداف الذمم المالية لأفراد الجالية واستثماراتهم بالمملكة.