أصدرت الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية يوم الثلاثاء الماضي قرار حل الحزب بمدينة المحمدية، بناء على مقترح من الكتابة الجهوية للحزب بجهة الدارالبيضاءسطات، من دون الكشف عن الأسباب الحقيقية التي أدت إلى اتخاذ القرار الذي جسد خطوة تنظيمية من شأنها الزيادة في عزلة رئيس المجلس البلدي للمحمدية حسن عنترة، وزوجته زهرة الفرحاني والموالين له المنتمين ل"البيجيدي". وكشفت مصادر جد مطلعة ل"الأول" أن القرار لم يأت بناء على خلافات تنظيمية داخلية للحزب بالمحمدية فقط، كما يتم الترويج له، بل إنه قرار استباقي لحفظ ماء الوجه ومحاولة للتبرؤ في المستقبل من فضائح وشبهة الفساد المالي في تدبير المجلس البلدي من قبل الرئيس المنتمي للبيجدي وزوجته التي تشغل منصب نائبة الرئيس بذات المجلس. مضيفة، أنه قبل اتخاذ هذا القرار قام عبد الصمد حيكر الكاتب الجهوي لحزب العدالة والتنمية بالدارالبيضاءسطات، برفع تقرير إلى الأمانة العامة يتضمن معلومات خطيرة، استقاها بناء على جولة قام بها بالمحمدية، شملت لقاءات جمعته بمنتخبين بالمجلس ينتمون للأحزاب المشكلة للأغلبية والمتمثلة في حزبي الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والتجمع الوطني للأحرار، والذين كشفوا عن خروقات خطيرة في تدبير الرئيس ومن معه للمجلس، بل إن حيكر التقى عامل عمالة المحمدية، الذي أكد له على أن ماجاء في لجنة تقصي الحقائق التي شكلها المجلس بخصوص هذه الأخطاء لها مصداقية ويجري البحث في نتائجها، حيث أنه وجه استفسارا للرئيس بشكل رسمي للإجابة عنها. وفي ذات السياق كشفت مصادر من داخل حزب العدالة والتنمية إلى أن قيادات حزبية رفيعة من بينها سعد الدين العثماني رئيس الحكومة والأمين العام للحزب حاولوا بشكل كبير احتواء الأزمة من دون جدوى، من خلال لقاءات ماراطونية، إلا أن جميع من التقوهم ومنهم الأحزاب المشكلة للأغلبية في المجلس البلدي للمحمدية والتي فكت التحالف مع "البيجيدي" في شخص رئيس المجلس البلدي، أكدوا أنه لا سبيل للخروج من الأزمة سوى بإقالة الرئيس وسحب المنصب منه، بعد كل ماقام به بمن خروقات واختلالات وتماديه في ذلك. وتابعت ذات المصدر أن هذه ليست المرة الأولى التي قامت فيها قيادة "البجيدي" بإصدار قرار الحل في حق تنظيم المحمدية، بل إنه في سنة 2009 صدر قرار بحل الكتابة الإقليمية للحزب، بسبب عدم حصول الحزب على مقاعد في الانتخابات الجماعية لنفس السنة، بل حتى أنه لم يستطع تجاوز العتبة الانتخابية، بالإضافة إلى أن بعض المسؤولين في الفروع المحلية التابعة للكتابة الإقليمية للحزب دعموا مرشحين من أحزاب أخرى على حساب مرشحي الحزب، خصوصا مرشح حزب الاتحاد الدستوري في جماعة الشلالات. وأكدت ذات المصادر على أن المشكل كان قائما مند مدة ليست بالقصيرة داخل الحزب الإسلامي بالمحمدية، فلم يكن هنالك تنظيم حقيقي ومهيكل، بل كان عمل الحزب مناسباتيا وانتخابيا، ففي الانتخابات الجماعية لسنة 2003، حصل الحزب على 5 مقاعد في المجلس البلدي وقد قام مسؤولو الحزب أنذاك بتحالف لم يرض عنه "مناضلو" الحزب، جمع "البيجيدي" بحزب التجمع الوطني الأحرار الذي لم يتحصل سوى على 3 مقاعد، والذي كان وكيل لائحته أحمد العطواني، الذي يشغل حالياً، رئيس مجلس عمالة المحمدية، وبالرغم من ذلك سمح له "البيجيديون" برئاسة المجلس البلدي، وهو الأمر الذي أدى إلى انسحاب عدد كبير منهم، متسائلين عن قيمة الصفقة التي تمت في الخفاء. وأضافت مصادرنا" أن الحزب منذ ذالك الوقت وهو يعيش فراغا تنظيميا ملأه مجموعة من الأعضاء لاعلاقة لهم بالحزب، بل إن أحدهم الذي سيصبح نائبا لرئيس المجلس البلدي الحالي، توجه له اتهامات ب"الاتجار في الخمور"، بالإضافة إلى انه اليد اليمنى لأحد رجال الأعمال المعروفين في مدينة المحمدية، رجل الأعمال هذا تشير له الأصابع بأنه "مول" الحملة الانتخابية للحزب ب80 مليون سنة 2015، حيث أصبح هو الآمر الناهي في الحزب عن طريق يده اليمنى الذي يشغل منصب النائب للرئيس، بل إن عنترة لا يستطيع فعل أي شيء من دون الرجوع إليه. مشيرة إلى أن ما يؤكد هذا الكلام، هو عندما طالب عدد من المنتخبين داخل المجلس البلدي المنتمين ل"البيجيدي" من الرئيس حسن عنترة سحب التفويض من نائبه الرابع المكلف بالتعمير، وهو اليد اليمنى لرجل الأعمال، والذي يدعى العباسي، رفض الرئيس الأمر وظل يتماطل في تنفيذ ذلك. ويسري نفس الأمر على زوجة عنترة زهرة فرحاني، التي تشغل منصب نائبة رئيس المجلس البلدي لمدينة المحمدية، والمنتمية لحزب العدالة والتنمية كذلك، حيث وجه له منتخبو الحزب طلبا بسحب التفويض منها، بسبب ممارساتها "الإرتجالية" في تدبير الشأن المحلي، لكن هذا الأمر رفضه عنترة أيضا. ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل أكدت مصادرنا على أن الأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية عبد الإله بنكيران، كان قد التقى زوجة عنترة في منزله بالرباط، وطلب منها الاختيار مابين أن تكون زوجة رئيس المجلس البلدي أو أن تكون نائبته، قائلاً: "لديك خيار واحد إما أن تتخلي عن زوجك آو عن منصبك كنائبة له لأن هناك فرق بين تدبير المجلس البلدي وبيت الزوجية، والأمر يبدو أنه اختلط عليك"، هذا الكلام لم تستسغه زوجة الرئيس التي انهارت وبدأت في "الطليب والرغيب". بنكيران وحسب ذات المصادر كان قد وجه كلاما فيه انتقاد حاد لرئيس المجلس البلدي في لقاء جمعه بأعضاء الحزب بالمحمدية، قائلاً له: " أنت ما قدرت دبّر حتى براكة بقا لك غير مجلس بلدي"، في إشارة واضحة إلى الحي الصفيحي الذي يتحدر منه الرئيس عنترة بالمحمدية. وبناء على كل ما سبق، يتأكد أن قرار حل حزب العدالة والتنمية بالمحمدية من قبل الأمانة العامة جاء أساسا للتغطية على ما سيتفجر في المستقبل من اختلالات سيكون بطلها، رئيس المجلس البلدي بالمحمدية، وستشكل ضربة قوية ل"البيجيدي" لها تأثير على المستوى الوطني خصوصا وأنها الدائرة الانتخابية التي نجح منها رئيس الحكومة سعد الدين العثماني والأمين العام للحزب الحالي.