رحيل الوزير عبد الكبير العلوي المدغري رحل عن دار الدنيا الوزير الأثير لدى الحسن الثاني بعد إدريس البصري. كان يهتم كثيرا بدقائق الأمور. ويحاول تمرير رسائل مشفرة او واضحة في دروسه الحسنية. ويبقى أشهر درس هو الذي أسسه على حديث السلطان ظل الله في الأرض. وهو درس ذو أبعاد سياسية اكثر من بعده العلمي. رد عليه العلامة المحدث السيد عبد العزيز الغماري بمقال ناسف. فهم المدغري الإشارة. فحرك علماءه. ردوا وعقبوا…. بكلام بعييييييد عن علم الحديث وقواعده. تدخل العلامة السيد عبد الله بن الصديق الغماري بنقد مختصر موجز. وتبعه العلامة السيد عبد العزيز بمقال مطول. فلم يجد الوزير من ينصره. كل هذا النقاش …. كانت ساحته جريدة العلم…. كانت في المعارضة حينها. بعدها طلب -حسب معلوماتي – مسؤولون كبار ممن لهم اهتمام بالشأنين الديني والسياسي. من بعض العلماء كتابة مقالات انتصارا للوزير…. نشرت في مجلة دعوة الحق … مجلة الوزارة. ……………. اشتغل الوزير في وزارة متخلفة جدا…. وتركها متخلفة جدا. تقلد المنصب وللوزارة أقدم مجلة ثقافية في المغرب…. دعوة الحق… كتب فيها الرحالي الفاروقي وبنتاويت والمودودي وعبد الله كنون وعلال الفاسي والندوي والغماري والناصر الكتاني وغيرهم من أعلام المشرق والمغرب. وغادر الوزارة وترك المجلة ميتة موتا سريريا. تصدر في عيد العرش وعيد الشباب وثورة الملك والشعب …. تقلد المنصب وعقارات الأوقاف غير مضبوطة وغير منظمة…. وتركه والعقارات لم تستثمر بطريقة حديثة. ولا تخضع لمراقبة صارمة. واشياء أخرى لا نذكرها في هذا المقام. وللإنصاف…. إذا قارناه مع خلفه…. فهو أفضل…. لأن التوفيق كان دون المستوى…. ويدبر الوزارة من منظور ضيق جدا. ولم يسهر على تحديث الوزارة بطريقة منسبة لعصرنا….. اما العقارات ومداخيلها ومراقبة تدبيرها فمثل عش الدبابير. مما يؤاخذ على المدغري أنه جلب قاضيا مشهورا بالحكم على الطلبة والمناضلين وعينه كاتبا عاما خالدا مخلدا آمرا ناهيا في الوزارة. وأعطاه رئاسة المجلس العلمي للجهة الشرقية. ولم يتراجع إلا بعد تعيين اليوسفي وزيرا أولا. وكان هذا الكاتب العام كثير الكتابة عن عيد الشباب والاستقلال والمسيرة ووووو ودائما يتحدث عن عبقرية الملك وريادته وووو…. هذه مقالاته. وهذا علمه. كما ان الوزير لم يستطع ضبط إيقاع استيراد الوهابية وأهلها. وترك الأمر لوزير الداخلية. فأطلق يد المغراوي يؤسس دور القرآن كما شاء. ويقرر فيها من البرامج ما شاء. ويستضيف من المؤطرين من شاء….. ووزير الأوقاف مجرد مشاهد في المدرجات. حاول الوزير استقطاب بعض التيارات السياسية الإسلامية من خلال بعض الأنشطة المحسوبة…. فاستضاف إسلاميين مغاربيين ومشارقة. وعمل على تقريب وجهات نظر العدالة والتنمية والمخزن. ولم يفلح في تقريب العدل والإحسان. في الدروس الحسنية. كان يشرف على جلسة خاصة لمناقشة كل درس. ورأيته يحضر بعض حلقاتها. وأحيانا يتدخل وراء الستار. مرة. القى عبد الصبور شاهين درسا حول قضية آدم وأبوته للآدميين دون البشر. فأثنى عليه الحسن الثاني . وسمع الوزير الثناء. لقربه منهما. لكنه في الليل. أرسل مبعوثه إلى الفندق ليقرع ابواب الغرف ويحث العلماء المغاربة على ضرورة حضور المناقشة. وضرورة التدخل والنقد. لست أدري. هل جامل الملك شاهين ثم أرسل علماءه لنقده؟ أم أن تدخل الملك لم يرض الوزير. فحرض الأخير علماء الملك لتصريف موقف مخالف للملك؟ شخصيا. حضرت الجلسة. ووقفت مع عبد الصبور شاهين رحمه الله. وحكى لي منتشيا عن موافقة الملك له. ولم يكترث بمواقف علماء المغرب. وقد قال أحدهم في لقاء آخر : عبد الصبور ارتد ! ……………………. كان الوزير كثير التوقيف لخطباء الجمعة. منهم الأستاذ أحمد شقور بالقصر الكبير. العلامة عبد العزيز الغماري الذي اعتبر في خطبته ان الملك فهد مجرم حرب يجب ان يعاقب لتسببه في قتل ضحايا ملجأ العامرية. على اعتبار انه من استدعى فيالق الجيش الأمريكي إلى الخليج. وكذلك نال سيدي الوالد حظه من التوقيف. لكن المصلين قاموا بدور استثنائي وانتفضوا في وجه الخطيب المستورد. ففرضوا إرجاعه كما فرضوا من قبل إرجاع الأستاذ شقور…… بعد وفاة الملك. استبدله الملك الجديد في اول حكومة جديدة. ولم ينفعه نسبه العلوي. ولا كتابته وقراءته لنص البيعة. وكأن الملك كان يود التخلص من البصري ورجاله المقربين. لكن. بعد مدة. تم إرجاعه عبر بوابة القدس. مراعاة لنسبه وعلويته. كما وقع بالضبط مع بنهاشم. الذي أبعد بسبب قربه وإخلاصه للبصري. لكن. تم إرجاعه من بوابة السجن مراعاة لمصاهرته للشرفاء. بعد مغادرة الوزارة. حاول المدغري ان يظهر بقبعة المفكر السياسي والروائي. ولم يفلح. ولم يفرض ذاته في الساحة. هذه ذكريات استحضرتها بعد علمي بوفاته. رحمه الله تعالى.