في أول تعليق على بلاغ وزارة الداخلية الذي جاء رداً على تصريحات عبد الإله بنكيران الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، عقب هزيمته في الانتخابات الجزئية بمكناس والحسيمة، والتي تمّ إجراؤها الخميس الماضي، خرجت أمينة ماء العينين القيادية في "البيجيدي" بمجموعة من الملاحظات اعتبرت من خلالها أنّ بلاغ الداخلية "قد كتب على عجل بشكل غير معهود"، مشيرةً إلى أنه "كان من المفترض مباشرة التحقيقات اللازمة"، عوض إصدار بلاغ ب"لغة مَن يحمل الضغينة"، تصطفّ من خلاله وزارة الداخلية، ك"خصم سياسي"، بهدف "شيطنة" حزب العدالة والتنمية. وقالت ماء العينين في تدوينة نشرتها على حسابها ب"فايسبوك": "يبدو أن البلاغ قد كتب على عجل، يبدو ذلك واضحا من شكله ومن اللغة التي كتب بها والتي تضمنت أخطاء لغوية ونحوية ليست معهودة في بلاغات وزارة الداخلية، وهو ما يفسر التشنج الذي اتسم به مضمون البلاغ في التفاعل مع كلمة الأمين العام لحزب العدالة والتنمية أمام مناضلي حزبه في مكناس احتفالا بمجهودهم وبالنتائج التي حققوها في الانتخابات الجزئية التي جرت بدائرة مكناس يوم الخميس 21 يوليوز". وأضافت، "اعترف البلاغ بكون الأمين العام قد اتهم "بعض" رجال السلطة بالقيام بسلوكات غير قانونية تمس بنزاهة العملية الانتخابية، وبما أنه لا يوجد جهاز وظيفي أو مهني أو حزبي أو غيره يمكن أن ينزه كل منتسبيه بإطلاق عن ارتكاب ما من شأنه أن يشكل خرقا للقانون، فإن السلوك الطبيعي للسلط الرئاسية للمتهمين في مثل هذه الحالات هو اعلان فتح تحقيق ومطالبة المدعي بالإدلاء بدفوعاته وحججه، خاصة وأن الأمين العام قد ذكر على سبيل المثال لا الحصر سلوك رجل سلطة بالحسيمة وكذا النتائج الفضيحة لجماعة الدخيسة التي صار القاصي والداني يتساءل عن سرها". وتابعت أمينة ماء العينين قائلة: "حينما يصرح مسؤول سياسي بكونه يتهم "بعض رجال السلطة وأعوانها" فإنه يدرك ما يقول، ويضع مسافة مع جهاز السلطة كجهاز، وهو ما يفترض به مباشرة التحقيقات اللازمة إن كان حريصا على ترسيخ المسار الديمقراطي ومشروعية التمثيل كما أورده البلاغ". وقالت ذات المتحدثة، " كُتب بلاغ وزارة الداخلية بلغة من يحمل ضغينة ممتدة في الزمن، ولغة من كان ينتظر المناسبة التي يمكن أن يصرف منها الغيظ والحنق على الحزب، وهو ما عكسته الإحالات المتعددة على وقائع الماضي وعلى طبيعة خطاب الحزب بشكل عام، في الوقت الذي صدر فيه البلاغ في سياق تصريحات معينة كان من المفروض البقاء عندها.. وتصرفت وزارة الداخلية من خلال بلاغها كخصم "سياسي" لحزب العدالة والتنمية متجاوزة في شكل غير معهود في البلاغات المؤسساتية الدقيقة والمحسوبة، تقديم التوضيحات وتفنيد "المزاعم" التي تعتبرها مسيئة لها – وهذا حقها- ، إلى محاولة التأويل وقراءة نوايا حزب سياسي يفترض أن تتعامل معه بحياد مثل باقي الأحزاب، متهمة إياه بإفساد المحطة الإنتخابية والتشكيك في مجرياتها بشكل ممنهج ومقصود، وهو حكم قيمة لا علاقة له بواقعة الانتخابات الجزئية". وأشارت ماء العينين إلى أن لغة البلاغ، "تحمل في عدة مواقع دلالات سياسية مباشرة قد تكون معهودة بين أطراف حزبية متنافسة، لكنها غير معهودة في السلطة المكفول لها الإشراف على الانتخابات، حيث يفترض بها الحياد والتزام نفس المسافة من الجميع ولذلك تبدو عبارات من قبيل "تعليق شماعة الإخفاق" غريبة في بلاغ مثل هذا". وأوضحت القيادية في "البيجيدي" أنه "كان يمكن أن يكتفي البلاغ بالفقرة الأخيرة التي ذكرت بوجود مؤسسات قضائية ودستورية يطعن لديها، وأن "المزاعم" المعلنة تدعوها لفتح تحقيق داخلي نزيه وشفاف ستعلن عن نتائجه، مع الدعوة إلى تقديم ما يثبت ما تعتبره ادعاءات باطلة". وتابعت قائلةً: "لقد اختارت وزارة الداخلية للأسف الرد على اتهامات موجهة لبعض أعوان ورجال السلطة، بشيطنة حزب وطني بأكمله في بلاغ كتب بلغة عدائية غير محايدة يُتلى في التلفزة الرسمية، موقعة شيكا على بياض لكل رجال وأعوان السلطة على امتداد التراب الوطني والذين يستحيل عليها مراقبة كل تصرفاتهم، كما يستحيل عليها تبرئتهم بطريقة مبدئية لأنهم بشر يصيبون ويخطئون، وهي بذلك تمنحهم حصانة قبلية تفيد إطلاق اليد والحماية من كل محاسبة أو مراقبة مستقبلية، وهو ما يفيد توجيههم إلى الاستهانة بأي خطاب حزبي قد يستنكر تصرفات بعضهم.. قد يكون البلاغ المذكور – كما كتب- مؤكدا لا نافيا لما حاول تكذيبه وهو أمر مؤسف". وأضافت: "لقد رافق الانتخابات المغربية منذ بداية تنظيمها شدا وجذبا بين الأحزاب السياسية الحقيقية، وبين وزارة الداخلية بوصفها الجهة المشرفة على الانتخابات، وهو ما فتح النقاش في أكثر من مناسبة بخصوص الإشراف على الإنتخابات في المغرب كما هو مفتوح في كل الأنظمة الدستورية والسياسية الديمقراطية". وكان عبد الإله بنكيران قد هاجم بعض رجال السلطة عقب إعلان نتائح الانتخابات الجزئية في كلّ من دائرتيّ مكناس والحسيمة، متهماً إياهم ب"عدم الحياد"، مشيراً في نفس الوقت إلى أن الانتخابات قد شابتها "خروقات" أثرت على نتائجها ورجحت كفة خصومه السياسيين. ولم يتأخر ردّ وزارة الداخلية التي أصدرت بلاغاً تنتقد من خلاله تصريحات بنكيران، حيث نفت نفيا قاطعا "الادعاءات المغرضة وغير المقبولة"، التي روجت لها قيادة أحد الأحزاب السياسية المشاركة في الانتخابات التشريعية الجزئية الأخيرة، (في إشارة إلى عبد الإله بنكيران دون ذكره بالإسم) في "محاولة للضرب في مصداقية" هذه العملية الانتخابية، من خلال الترويج بكون "التصويت كان بتوجيه من بعض رجال السلطة". وأوضح بلاغ لوزارة الداخلية أن "قيادة أحد الأحزاب السياسية، التي شاركت في الانتخابات التشريعية الجزئية ليوم الخميس 21 يوليوز 2022، عمدت إلى محاولة الضرب في مصداقية هذه العملية الانتخابية من خلال الترويج لمجموعة من المغالطات تدعي من خلالها أن التصويت كان بتوجيه من بعض رجال السلطة، ناعتة إياهم بنعوت قدحية لا تليق بمستوى الخطاب السياسي الرزين، الذي من المفروض أن يتحلى به أمين عام حزب سياسي". واعتبرت وزارة الداخلية أن هاته "الادعاءات المغرضة وغير المقبولة"، يبقى الهدف منها "إفساد هذه المحطة الانتخابية، والتشكيك في مجرياتها بشكل ممنهج ومقصود، على غرار الخط السياسي الذي تبناه الحزب المعني خلال الاستحقاقات الانتخابية ليوم 8 شتنبر 2021". وأضاف البلاغ "وإذ تبدي وزارة الداخلية استغرابها من تعليق شماعة الإخفاق على رجال السلطة الذين ساهموا بكل وطنية في إنجاح هذه الاستحقاقات الانتخابية الجزئية، فإنها تؤكد على أن التمادي في ترديد نفس الاتهامات خلال كل استحقاق انتخابي، ليس إلا تبخيسا للمكتسبات الديمقراطية التي تحققها بلادنا، وضربا في العمق لكل الجهود المبذولة من طرف الجميع، من حكومة ومؤسسات دستورية وأحزاب سياسية مسؤولة ووسائل إعلام جادة، بل هو تحقير ورفض لإرادة الناخبين الذين اختاروا بكل حرية ومسؤولية من يمثلهم في تدبير الشأن العام الوطني". وذكرت وزارة الداخلية، في بلاغها المذكور، بأن "بلادنا قد حرصت على توفير كل الضمانات القانونية والقضائية والسياسية التي تضمن شفافية جميع الاستحقاقات الانتخابية كيفما كانت طبيعتها"، مشددة على أنه "يتعين على كل من يرى عكس ذلك، أن يلجأ إلى الهيئات الدستورية المختصة للطعن في النتائج الانتخابية، كممارسة ديمقراطية متجذرة في التجربة الانتخابية المغربية، عوض الترويج لاتهامات باطلة لا أساس لها من الصحة".