ارتفع إجمالي عدد أعضاء حزب حركة النهضة في تونس، الذين تقدموا باستقالاتهم من الحزب إلى 131 عضوا، بينهم قياديون، وذلك بعد أن تقدم 18 عضوا آخر باستقالاتهم. ووفقا لتقارير، فقد حمل المستقيلون من حركة النهضة قيادتها، وخاصة رئيسها راشد الغنوشي مسؤولية تردي الأوضاع في الحركة. وكان 113 عضوا في حزب حركة النهضة تقدموا في وقت سابق باستقالاتهم بشكل جماعي. وكان من بين موقعي بيان الاستقالة، قيادات من الصف الأول، على غرار عبد اللطيف المكي وسمير ديلو ومحمد بن سالم، وعدد من أعضاء مجلس النواب المعلق مثل جميلة الكسيكسي والتومي الحمروني ورباب اللطيف ونسيبة بن علي. كما شمل البيان عددا من أعضاء المجلس الوطني التأسيسي مثل آمال عزوز، وبعض أعضاء مجلس الشورى الوطني ومجالس الشورى الجهوية والمكاتب الجهوية والمحلية. أما الأسباب التي دفعت هؤلاء الأعضاء للاستقالة، وفق المصادر، فهي "الاعتراف بالفشل في إصلاح الحزب من الداخل، والإقرار بتحمل القيادة الحالية المسؤولية عما وصلت إليه الحركة من عزلة". ومن الأسباب الأخرى لاستقالة الأعضاء ال131، تحمل النهضة "قدرا مهما من المسؤولية عما آلت إليه الأوضاع في تونس من ترد بشكل عام"، مما استدعى تدخل الرئيس قيس سعيد قبل أسابيع بقرارات وإجراءات استثنائية. يشار إلى أن قيس سعيد قرر أواخر شهر يوليوز الماضي، إقالة حكومة هشام المشيشي، وتعطيل عمل البرلمان الذي كان تحت سيطرة النهضة، ويترأسه راشد الغنوشي زعيم الحركة، فضلا عن بدء عملية تطهير ومحاسبة شاملة. ويحمل قطاع كبير من قيادات النهضة، الغنوشي المسؤولية كاملة عن الفشل السياسي الذي لحق بالحركة على مدار السنوات الماضية. ووصل الحال بالحركة إلى وضع غير مسبوق من الرفض الشعبي والغضب الذي دفع قيس سعيد للإعلان عن الإجراءات التصحيحة في 25 يوليوز الماضي، بتجميد عمل البرلمان ورفع الحصانة عن أعضاءه، وإعفاء عدد من المسؤولين من مناصبهم، فضلاً عن بدء عملية تطهير ومحاسبة شاملة لكافة الأطراف. وكانت قيادات حركة النهضة قد أكدت مرارا أن سياسة الغنوشي، التي اتسمت بقدر كبير من الدكتاتورية والتفرد باتخاذ القرار، تسببت في تصعيد حالة الاستقطاب السياسي إلى حد غير مسبوق في البلاد، مطالبين إياه بالاستقالة للحفاظ على ما تبقى من هيكل الحركة. كما طالبوه بالإعلان عن عقد المؤتمر العام في أقرب وقت لاختيار قيادات جديدة شابة قادرة على فتح خطوط للتواصل مع الشارع التونسي والقوى السياسية، وكذلك مؤسسات الدولة. ووفق المصادر، تعد إقالة الغنوشي مسألة وقت ليس أكثر، مؤكدين أن "تحركات بدأت داخل الحركة لعزله منذ الأسبوع الماضي"، حيث تسعى قيادات لجمع توقيعات من أكبر عدد من الأعضاء لإجباره على التخلي عن منصبه والإعلان عن عقد المؤتمر العام للحركة خلال أسبوعين على الأكثر. ويرى مراقبون أن حدة الخلافات والانقسامات داخل حركة النهضة قد تدفع الغنوشي لتقديم استقالته، وإفساح المجال أمام جيل جديد لقيادة الحركة. ويفسر المراقبون الصراعات بين الحركة بأنها "جيلية"، مشيرين في الوقت ذاته إلى أن الأزمة الكبرى التي تواجهها النهضة الرفض الشعبي الذي تجلى في رفض دعوة الغنوشي للتظاهر يوم 26 يوليوز الماضي، عندما ظل لساعات واقفا أمام البرلمان المغلق في وجهه مع عشرات فقط من أنصاره. والشهر الماضي أشعل الغنوشي الصراع الداخلي بقرار إعفاء كل أعضاء المكتب التنفيذي، و"إعادة تشكيله بما يستجيب لمقتضيات المرحلة ويحقق النجاعة المطلوبة"، حسب بلاغ أصدرته النهضة، كما قرر تجميد عضوية عماد الحمامي وإحالته للتحقيق.