بعد سنوات من الانتظار، وضعت جماعة الدارالبيضاء حدا لمعضلة سوق الدواجن بالحي المحمدي، مقررة تنقيله خارج العاصمة الاقتصادية وبالضبط إلى دوار “عين الجمعة” التابع لجماعة أولاد عزوز بإقليم النواصر. وفيما كان مقررا أن يرحل هذا السوق ذائع الصيت بين أوساط البيضاويين كونه نقطة سوداء إلى دوار “العسيلات” الكائن بجماعة الخيايطة إقليمبرشيد، ارتأى مجلس المدينة خلال دورة ماي العادية أن يكون المجال الجغرافي لاحتضان الباعة هو جماعة أولاد عزوز بدل الخيايطة، بدعوى أن الاتفاق الذي أبرم في وقت سابق مع هذه الأخيرة تخللته مشاكل. وبالرغم من أن المجلس الجماعي لمدينة الدارالبيضاء وجد حلا لهذه الأزمة، التي عمرت طويلا وتسببت في آثار صحية وبيئية وخيمة، غير أن الجدل لازال يتعقبه. في هذا الصدد، اعتبر كريم الكلايبي، نائب رئيس فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس مدينة الدارالبيضاء، أن هذا القرار يعكس إصرار المكتب المسير الحالي على تدبير شؤون المدينة بطريقة موسومة ب”العشوائية”. وأوضح الكلايبي، أن سوق الدواجن بحي المحمدي يعد كارثة بيئية، تسببت في أمراض تنفسية للمواطنين ممن يقطنون بمحاذاته وكذا أصحاب المحلات، الأمر الذي اضطر معه أغلبهم إلى هجرة المكان ما ترتب عنه ضياع مصالح فئة واسعة من الناس، مشيرا إلى أنه أمام هذا الوضع تقدم المنتخبون خلال الدورات السابقة لمجلس المدينة غير ما مرة بطلبات من أجل إدراج نقطة تنقيله ضمن جدول أعمال المجلس، وهو ما تم الاستجابة إليه بعد إلحاح شديد خلال دورة يوليوز الاستثنائية من السنة الماضية، يضيف المصدر، “إذ تم الاتفاق بالإجماع على ذلك، وجرى انتداب شركة “الدارالبيضاء للخدمات” قصد المواكبة في ترحيل سوق الدواجن، قبل أن تعلن الشركة عن طلب عروض لأجل الشروع في أشغال بناء سوق جديد”. يردف الكلايبي. المتحدث، أورد ضمن تصريح لموقع “الأول”، أن الاتفاق الذي كان مع المكتب المسير هو أن يحل المشكل قبل شهر رمضان، غير أن أخطاء تضمنها دفتر التحملات الخاص بالسوق أجلت عملية تنقيله. وقال الكلايبي في معرض حديثه، إن “الجميع تفاجأ عندما أُخبرنا بأن السوق سيكون في النواصر بدل الخيايطة.. عكس ما كنا متفقين عليه”، متسائلا “لماذا لم يعلن المجلس أن هناك مشاكل مع جماعة الخيايطة في حينه حتى يتسنى استدراك ما يمكن استدراكه؟”. ووفق المعطيات المتوفرة، فقد ناهز الغلاف المالي المرصود لإنشاء سوق الجملة الجديد بالمنطقة المذكورة 11 مليون درهم؛ بلغت القيمة المالية لمساهمة مجلس المدينة فيه 700 مليون سنتيم، بينما خصصت المديرية الجهوية لوزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات ما مجموعه 300 مليون سنتيم، فضلا عن 75 مليون سنتيم قدمتها إحدى الجمعيات المهنية، دون احتساب قيمة البقعة الأرضية التي منحتها وزارة الفلاحة مجانا لتشييد السوق. واننتقد كريم الكلايبي ما وصفه ب”الهدر المالي والزمني” اللذين تسبب فيهما المجلس الجماعي بخصوص هذا الموضوع، معتبرا ذلك “إثقالا لكاهل المجلس باستثمارات لا تعنيه”؛ “فطالما أن السوق لن يشيد في منطقة تابعة للنفوذ الترابي لجماعة الدارالبيضاء، لماذا إذن ستضخ أموالا طائلة من ميزانيتها التي يمكن استغلالها فمشاريع تنموية أخرى؟” يستفسر الكلايبي متهما المجلس بسوء التدبير. من جهتها، لفتت الجمعية الوطنية لتجار الدواجن بالجملة والتقسيط إلى أن “جميع ملاحظاتها حول تصاميم بناء السوق قد تم الأخذ بها بعين الاعتبار واعتمادها من طرف القائمين عليه”، متعهدة في بلاغ لها ب”تأمين الجودة التي يستحقها المستهلك”. هذا، ولم يتسن لنا التواصل مع عمدة مدينة الدارالبيضاء ولا نائبه الأول، بخصوص هذا الموضوع، إذ ظل هاتفهما يرن دون جواب،كما هي العادة دائما.