هيئة المحامين بالرباط تعتبر ما طال دفاع المهداوي "مساساً بالمهنة" وخرقاً للفصل 263 من القانون الجنائي    بلاوي يدعو إلى توحيد الممارسات في تنزيل مستجدات المسطرة الجنائية    المهرجان الدولي للفيلم بمراكش يستقبل 82 فيلماً من 31 بلداً ونجوماً عالميين    بلجيكا.. زكرياء الوحيدي يتوج أفضل لاعب مغاربي في الدوري البلجيكي الممتاز    أداء قوي يدفع بيتيس للتفكير في شراء عقد سفيان أمرابط    تقرير: ريال مدريد يتصدر قائمة الأندية الأكثر مبيعا للقمصان على مستوى العالم    التقدم والاشتراكية: نستنكر ما يجري بشكل خطير في الفضاء الصحفي... والحكومة تتحمل المسؤولية    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال24 ساعة الماضية    إطلاق الحملة الوطنية "مانسكتوش على العنف" للمجلس الوطني لحقوق الإنسان    بعد 25 سنة من التألق... الحكمة بشرى كربوبي ترمي الصافرة وتكشف أسرار "الاعتزال القسري"    عمدة نيويورك الجديد يفاجئ الجميع بإعجابه الكبير بالأسد المغربي مروان الشماخ    التأني ‬الاستراتيجي ‬لجلالة ‬الملك ‬يُمَكِّن ‬من ‬كسب ‬المعركة ‬الأخيرة    بنك المغرب : إصدار 654 مليون ورقة نقدية جديدة برسم 2024    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    الجزائر ‬و ‬بريتوريا ‬تفشلان ‬في ‬إقحام ‬ملف ‬الصحراء ‬في ‬مداولات ‬قمة ‬قادة ‬مجموعة ‬العشرين ‬بجوهانسبورغ    بعد ‬تفشيها ‬في ‬إثيوبيا.. ‬حمى ‬ماربورغ ‬تثير ‬مخاوف ‬المغاربة..‬    فرنسا.. ساركوزي أمام القضاء مجددا في قضية "بيغماليون" المرتبطة بحملته للانتخابات الرئاسية 2012                علماء يكتشفون طريقة وقائية لإبطاء فقدان البصر المرتبط بالعمر    مكافحة الاحتباس الحراري: التزام دول البريكس وانسحاب الولايات المتحدة !    وسائل إعلام فرنسية تدعو إلى إطلاق سراح الصحافي كريستوف غليز المسجون في الجزائر    مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط ترفع رقم معاملاتها إلى أكثر من 84,36 مليار درهم متم شتنبر    375 درهم عن كل طفل..أخنوش يعلن دعماً جديداً للأطفال اليتامى والمتخلى عنهم            أداء إيجابي يفتتح بورصة الدار البيضاء    المخرج محمد الإبراهيم: فيلم الغموض والتشويق القطري "سَعّود وينه؟"    فيلم " كوميديا إلهية " بمهرجان الدوحة السينمائي الرقابة السينمائية في إيران لا تنتهي...!    الحكومة لا تعتزم رفع سعر قنينة غاز البوتان وتعلن زيارة في الدعم الاجتماعي    دوري الأبطال.. أوسيمين يتصدر قائمة الهدافين بعد مباريات الثلاثاء    شركة عائلة نيمار تستحوذ على العلامة التجارية للأسطورة بيليه    اسبانيا.. العثور على جثث أربعة أفراد من أسرة مغربية داخل منزل    وزارة التربية تفاقم الخصاص بعد إقصاء "المُختصين" من مباريات التوظيف    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الأربعاء    بركة يبرز من أنغولا الرؤية الملكية حول الهجرة في قمة الاتحاد الإفريقي-الاتحاد الأوروبي    أخنوش يستقبل رئيس مجلس النواب بجمهورية كازاخستان    مهرجان الدوحة السينمائي يسلّط الضوء على سرديات مؤثرة من المنطقة    الجيش الإسرائيلي يطلق عملية عسكرية    سعيّد يستدعي سفير الاتحاد الأوروبي    نصائح ذهبية للتسوق الآمن باستخدام الذكاء الاصطناعي    دوري أبطال أوروبا.. تشلسي يثأر من برشلونة وليفركوزن يصدم مانشستر سيتي    عصبة الرباط سلا القنيطرة تطلق موسماً استثنائياً باطلاق أربعة مراكز للتكوين في مجال التحكيم    الأمن المغربي يستعرض الجاهزية لمكافحة الجريمة أمام الجمهور الدولي    الدواء .. هو السبب الأول لصداع الدولة والمواطن ؟    الاستجابة العالمية ضد الإيدز تواجه "أكبر انتكاسة منذ عقود" وفقا للأمم المتحدة    وفاة الفنانة بيونة إحدى رموز السينما في الجزائر    مهرجان "أزاما آرت" يعود في دورته الثالثة بأزمور تحت شعار الثقافة والفن    ليلةُ الاستقلالِ والمَسيرةِ فى تونس... حين التقت الضفتان على نغمة واحدة    مسرح رياض السلطان يجمع النمساوية سيبا كايان والسوري عروة صالح في عرض يدمج الموسيقى الالكترونية بالروحانية الصوفية    آلام الأذن لدى الأطفال .. متى تستلزم استشارة الطبيب؟    دراسة: التدخين من وقت لآخر يسبب أضرارا خطيرة للقلب    إصدار جديد من سلسلة تراث فجيج    معمار النص... نص المعمار    الوصايا العشر في سورة الأنعام: قراءة فقهيّة تأمليّة في ضوء منهج القرآن التحويلي    المسلم والإسلامي..    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أثر العربية في اللغات الأخرى بقلم // أ. جهاد فاضل
نشر في العلم يوم 25 - 07 - 2015

جاء وقت، وهو يمتد قروناً، كانت خلاله اللغة العربية هي لغة العالم المتحضر، تماماً كاللغة الانكليزية في العالم المعاصر. وقد دعمت إجادة اللغة العربية عند أحد الكرادلة الكاثوليك وضعه كمرشح للرتبة البابوية، وهي أعلى سلطة في الكنيسة الكاثوليكية. وعندما اختير هذا الكردينال على رأس هذه الكنيسة، قال المراقبون في روما إن اجادته للغة العربية كانت سبباً في اختيار الكرادلة الآخرين له. فاللغة العربية يومها كانت لغة عالمية، كما كانت معروفة لدى نُخب أوروبية ولاتينية على الخصوص كانت تقصد سرقسطة وطليطلة وقرطبة واشبيليا للدراسة ولاقتباس العلوم والفلسفة عن العرب. والمعروف أن الأوروبيين لم يعرفوا أرسطو ورفاقه الفلاسفة اليونانيين إلا عبر فلاسفة المسلمين ومترجميهم.
ويبدو أن نفوذ اللغة العربية قد تغلغل في نسيج اللغات الأوروبية إلى اليوم دون أن يتمكن أحد من الحد منه أو استئصاله. فقد روت لي المستعربة الاسبانية كارمن دميث برافو ان مجلة اسبانية أجرت قبل فترة استفتاء بين قرائها عن أجمل عشر كلمات باللغة الاسبانية. وعند إعلان النتيجة تبين أن ثماني كلمات من هذه الكلمات العشر الفائزة هي كلمات عربية الأصل وما تزال تحتفظ بملامحها العربية إلى اليوم. أما عدد الكلمات العربية الأخرى التي تشربتها اللغة الاسبانية وباتت جزءاً لا يتجزأ عنها، فتقول كارمن إن من العسير بل من المستحيل عدّها. فالعرب في نظرها مازالوا يبسطون سيطرتهم على اسبانيا إلى اليوم، إن لم يكن بالحكم والسياسة، فبالثقافة والأدب والفكر. وكان من أحدث ظهورات العرب واللغة العربية في اسبانيا، ولادة شاعر عربي كبير باللغة الاسبانية هو فيديركو غارثيا لوركا الذي يشبَّه لمن يلمّ بسيرته وشعره أنه شاعر عربي كأي شاعر عربي آخر نظرا للمؤثرات الأندلسية في أدبه وشعره. ويكفي أن أحد دواوينه الشعرية يحمل اسم «ديوان تماريت».
وقد أثبت الدكتور علي فهمي خشيم، وكان رئيساً لمجمع اللغة العربية في طرابلس بليبيا، أن للغة اللاتينية قرابة قوية مع اللغة العربية، وأنها نهلت منها واستفادت أيما استفادة.
وقد تأثرت بالعربية تأثراً بالغاً الشعوب التي غلبها العرب ومارسوا نفوذهم عليها دهوراً متطاولة. فمن يعرف اللغة التركية يظن لأول وهلة أنها فرع متخلف من العربية أو لهجة بدائية من لهجاتها. ومن أطرف ما سمعته مرة في اسطنبول من بعض الأكاديميين الأتراك أن الغازي مصطفى كمال الذي فرض العلمانية على بلاده في العشرينات من القرن الماضي، رغب في تنقية اللغة التركية من الألفاظ العربية، فكان كمن يحاول أن يأكل ثمرة الصبّير دون بذرها.. ذلك أن العربية هي قوام وجوهر اللغة التركية. ومما فعله مصطفى كمال لهذا الغرض أنه شكل لجنة من العلماء تعمل على «تطهير» التركية من العربية. وقد حملت هذه اللجنة، وبالتركية، اسم «لجنة تخليص اللغة التركية من الكلمات العربية».. أي أن اللجنة نفسها حملت اسماً يدل على تعذر بل على استحالة «التنقية» و«التطهير» و«التخليص»..
ولاشك ان اعتماد الأتراك للحرف اللاتيني للغتهم بدل الحرف العربي الذي أخذوا به عبر التاريخ وحتى عام 1920 هو الذي حجب نوعاً ما عظم نفوذ اللغة العربية في لغتهم. ولولا هذا الحرف اللاتيني لظهرت التركية مجرد فرع من فروع العربية لا أكثر.
أما اللغة الفارسية فلا يبالغ المرء إذا اعتبر أن الكلمات العربية التي دخلتها منذ الفتح العربي إلى اليوم تتجاوز ثلثي كلماتها. ويمكن قول ذلك عن لغات أخرى كثيرة في آسيا الوسطى وفي سواها من القارات مثل إفريقيا. ولكن كل ذلك لا يعني أن اللغة العربية نجت عبر التاريخ من المؤثرات الأجنبية فقد خضعت في الواقع لهذه المؤثرات مثلها مثل أي لغة أخرى، وكأن قانون التأثر والتأثير قانون عام لا يمكن لأية لغة أن تتمرد عليه. وفي هذا القانون مادة تنص على أن اللغة القوية هي التي تؤثر، وأن اللغة الضعيفة هي التي تتأثر. وهذه المادة غير المنظورة تشاهد اليوم بالعين المجردة فيما لا يحصى من الكلمات الأجنبية التي غزت لغتنا، تماماً كما غزت هذه الكلمات لغتنا في بدايات نهضة العرب عند ظهور الإسلام، إذ تغلغل ما لا يحصى من الكلمات الأعجمية في العربية، قبل أن ينطلق العرب انطلاقتهم الكبرى بين الهند وشبه القارة الايبيرية في القرون الوسطى. ومنذ تلك الانطلاقة التاريخية الكبرى كان العالم المتحضر كله عربياً، وكانت اللغة الأولى فيه هي العربية. ثم ران الكرى على تلك الصفحة الغراء، دون أن يحجب أهمية النفوذ الذي كان للغة العرب في لغات الآخرين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.