بلغ القطاع الصحي بمدينة العيون درجة خطيرة من التراجع و التدهور،بما يؤشر على توتر اجتماعي في القادم من الأيام لا أحد يتوقع مداه،بعدما صار هذا الواقع المرير حديث العام والخاص،ودون أن تكلف الجهات المعنية نفسها التدخل و الوقوف على تمظهراته،وعلى ما يمكن علاجه وتصحيح مساره قبل فوات الاوان،وفي مقدمتها وزير الصحة، بعد العجز الكبير لمندوب الوزارة بالعيون على مواجهتها بل كانت تدخلاته سلبية،وتتسم بالتسرع والشطط في استعمال السلطة. ويبقى المتضرر الاول هو المواطن الذي يعاني الويلات في ظل هذه الفوضى العارمة،دفعته للخروج أخيرا في وقفات احتجاجية عفوية ضد ما يصيبه من اهانة وحكرة، و غياب أبسط شروط الاستقبال و العلاج،وطغيان المحسوبية و الزبونية في المؤسسات الطبية العمومية. أما الموظفون و الموارد البشرية، فمنهم المحظوظون الذين يدورون في فلك المسؤولين المحليين على قطاع الصحة،أما من يسير منهم ضد التيار و يحكم صوت الحكمة و المبادئ فمصيرهم التهميش و القرارات التعسفية من أجل تكميم أفواههم. وأول ما نقف عليه الاختلالات الإدارية و المالية في تدبير الصفقات العمومية،ومثال ذلك-حسب مصادر جد مطلعة لجريدة «العلم» صفقة الاجهزة الطبية بمصلحة المستعجلات الجديدة بمستشفى مولاي الحسن بن المهدي،والتي كلفت مليونين و مائتي ألف درهم، اذ بدل شراء أجهزة جديدة تم استقدام أدوات مستعملة ،وبدأ الشروع في استعمالها رغم عدم توقيع محضر الاستلام المؤقت،وهو ما يعني ضياع فترة الضمان،مع العلم انه ليس هناك ضغط كبير على هذه المصلحة كان يستدعي الاستعجال في استخدامها. أما صفقة الحصول على وحدة انتاج الاوكسجين،فقد تم أداء مبلغ مليون و 400 ألف درهم لصاحب الصفقة في حين المستشفى لم يتوصل بها لحد الان،ونفس الامر بالنسبة لصفقة أخرى تهم معدات طبية بمبلغ مليون و مئتي ألف درهم. وبخصوص المروحية المفروض استخدامها في الحالات المستعجلة،والتي كلفت مبلغ 11 مليون و 160 ألف درهم،فانها لا تحمل المواصفات التي تضمنها دفتر التحملات. ولعل ما يكرس هذه الاختلالات والتجاوزات في الصفقات وجود الازدواجية في المهام، اذ يشغل المندوب الجهوي للصحة في نفس الآن منصب المندوب الاقليمي للصحة بالعيون،كما أن مدير مستشفى مولاي الحسن بن المهدي هو كذلك مدير مستشفى الحسن الثاني للاختصاصات. ومن بين تجليات التدبير العشوائي للقطاع وغياب روح المسؤولية،انقطاع الماء عن مصالح طبية بمستشفى مولاي الحسن بن المهدي منذ أيام،رغم حيوية وضرورة هذه المادة ،و النقص الحاد في مواد التخدير،و المضادات الحيوية،ومجموعة من الادوية المطلوب توفرها في المستشفيات الجهوية. ويلاحظ كذلك الغياب شبه المستمر لعدد من الأطر الطبية والشبه الطبية بنفس المستشفى،وخاصة بمصلحة الانعاش والتخدير. ومن بين تجليات معاناة المرضى مع هذا الواقع المرير،ما تعرض له مواطن بسيط قصد مستشفى مولاي الحسن بن المهدي من أجل العلاج،إلا أن حظه التعس وضعه بين أيدي متدربة أثناء الحراسة قامت بحقنه بإبرة في خصره بدل يده،وهو ما تسبب له في شلل في الجزء السفلي من جسده،وفي محاولة لتهرب الادارة من مسؤوليتها قامت بترحيله نحو مراكش،وامام هذه الواقعة التي مازال يعاني منها المريض قامت عائلته اخيرا بوقفة احتجاجية امام المستشفى للتنديد بما حصل. إن ما استعرضناه يبقى فقط الجزء اليسير مما يطبع سير قطاع الصحة بالعيون من اختلالات خطيرة تهدده بالسكتة القلبية ان لم يكن هناك تدخل حاسم لتصحيح الوضاع بدل سلك أسلوب سياسة النعامة،وكم حاجة قضيناها بتركها.