التعليم قضية وطنية، والعنف الذي أصبح يجتاح مؤسساتنا التعليمية لاالمدرسية فقط بل الإعدادية والثانوية وحتى الجامعية آفة يجب التصدي لها من منظورشمولي وطني مندمج ، أي تتضافرفيه جهود التربويين وعلماء الدين والنفس والاجتماع والسلطات الأمنية والإعلاميين وغيرهم لمواجهة هذه الظاهرة . انتشرت في الآونة الأخيرة عبروسائل التواصل الاجتماعي فيديوهات تصورهذا الواقع المروهذه الفوضى التي أخذت تكتسح أنبل الأماكن حيث نورالعلم وفيض الفضيلة ومنبت القيم، ومن آخرهذه الوقائع الفظيعة محاولة طلبة منع أستاذتهم من مغادرة الفصل الدراسي، وتعرض أستاذة لمادة اللغة العربية الأسبوع الماضي بثانوية عمربن عبد العزيزبوجدة لاعتداء شنيع بالضرب والسب من طرف تلميذة وجهت ضربات قوية لوجه هذه الأستاذة وأزالت حجاب رأسها وكسرت نظاراتها الطبية، فسقطت الأستاذة من الطابق الأول حيث تدحرجت على مدى خمسة عشردرجا إلى أن تدخل بعض التلاميذ لإنقاذها. وتم نقلها إلى مستشفى الفارابي بحضورالنائب الإقليمي لوزارة التربية والتكوين . والأخطرفي الأمرأن هذه الأستاذة المسكينة حامل. لكن مما يدل على رفض الغالبية العظمى للتلاميذ لمثل هذه الأعتداءات الوحشية على الأساتذة والمعلمين الذين قال الشاعرفي حقهم : قم للمعلم وفه التبجيل كاد المعلم أن يكون رسولا مما يدل على ذلك أن عشرات التلاميذ شاركوا في وقفة احتجاجية أمام باب الثانوية للتضامن مع الأستاذة المعتدى عليها مستنكرين بشدة ما تعرضت له وداعين إلى اتخاذ الإجراءات التأديبية ضد هذه التلميذة المعتدية. ويتكررالعنف في المؤسسات التعليمية، لكن هذه المرة في الدارالبيضاء، حيث اقتحم شخص بيده مدية كبيرة إحدى هذه المؤسسات بحي الأندلس بمنطقة السالمية وأحدث فوضى عارمة وزرع رعبا في صفوف التلاميذ والأطرالتربوية الذين طردهم من أحد الأقسام قبل أن تتدخل عناصرالأمن التي تمكنت من إيقافه. حصل هذا الاقتحام للفصل الدراسي عندما كان الأستاذ يشرح الدرس لتلاميذه. نحن نعلم أن هناك استراتيجية قطاعية مندمجة للوقاية ومحاربة العنف بالوسط المدرسي، لكننا نلاحظ أن هذه الاستراتيجية لم تنتبه إلى الجذورالتي تنبت ظاهرة خطيرة كهذه الظاهرة. إن التلاميذ والتلميذات الذين يتجرأون على مثل هذه الأفعال المشينة الخطيرة يكونون في الغالب الأعم في حالة جنونية يكادون يفقدون معها عقولهم. والسبب المباشرلهذه الحالة تدخين المخدرات أوتناولها في شكل أقراص مهلوسة، أما الأسباب غيرالمباشرة فعديدة ليس أقلها تأثيرا وخطورة : الإعلام السمعي والبصري الذي لم تتطرق إليه الاستراتيجية المذكورة. إن هذا العنف المروع الذي ينصب إلى عقول ونفوس المراهقين والمراهقات عبرالأفلام العنيفة والخطابات المدمرة التي تخللت الإشهارنفسه، لمما يؤجج في النفس التي تعيش وطأة ضغوط شتى اجتماعية واقتصادية ، مع تأثيرالمخدرات التي انتشرت في مؤسساتنا التعليمية انتشارالنارفي الهشيم، لمما يؤجج فيها الدوافع التي تجعلها تقدم على تلك الأعمال العنيفة فلا تميز بين أستاذ أوأستاذة يجب احترامهما وبين زميل أو زميلة في الدراسة. ثم أين هواستحضارالوازع الديني في هذه الاستراتيجية ؟ إنها تتحدث عن التوجيه التربوي بصفة عامة، ولا تركزعلى ما يجب التركيزعليه وهوالتربية الدينية التي قوامها الاعتقاد الصحيح والإيمان القوي والسلوك القويم، وهذا لايمكن تحقيقه إلابالإقناع والترغيب والترهيب معا، فالخطاب الديني الإسلامي لم يستعمل هذه الوسائل التربوية جزافا، بل لأنها تؤدي دورها إذا أحسن استعمالها في اجتثاث جذورالكراهية والحقد والبغض والعنف والتطرف من النفوس، بقدرما تزرع فيها الميل إلى الخيروالمحبة والتعاون والوئام والسلام. يجب كذلك محاربة كل مقوضات العقل السليم وفي مقدمتها هذا المدمرالقاتل الذي يشل في الإنسان محبة الخيروهو: المخدرات. ومما يؤسف له أن يتمكن بائعوهذه السموم من إدخالها إلى الحرم التعليمي التربوي . لابد إذن من مقاربة متكاملة تأخذ بعين الاعتباردورالدين في الإصلاح، ودورالآباء والأمهات، ودورالأمن، ودورالأساتذة والمعلمين في التربية والتوجيه وأن يكونوا هم أنفسهم قدوة لتلاميذهم وأن يربطوا معهم علاقة صداقة ليكسبوا ودهم. وأخيرا يجب أن نقفوأثرالغرب في السبق العلمي والتكنولوجي والابتكاروالإبداع لافي العنف داخل المؤسسات التعليمية أوفي ملاعب الرياضة أوالفوضى في الشوارع. وهنا يكمن دورالعقل الذي يميز بين الخيروالشر، فينبغي محاربة كل المؤثرات السلبية عليه، وفي مقدمتها المخدرات وأفلام العنف والحرية الفوضوية.