إنه رسولنا وحبيبنا وقرة أعيننا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. وهو الرسول الكريم الرؤوف الرحيم الذي أخرج الناس من الظلمات إلى النور، ومن الضلالة إلى الهدى، ومن الجهل إلى العلم... وهو النبي الكريم، الذي جعل الله دينه واتِّباعه ومحبته نعمة ألّف بها القلوب، وجمع بها الشتات، وأنقذ بها من النار، قال تعالى: {واعتصموا بحبل الله جميعا ولاتفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها...}(سورة آل عمران: 103). أمرالله سبحانه وتعالى عباده المؤمنين بتذكرهذه النعمة على مرالزمن ليقوموا بشكرها، وما شكرها إلاالمحبة والاتباع. وليس بعد الله تعالى أحد أمَنَّ علينا من رسولنا صلى الله عليه وسلم، ومحبته الحقيقية شعبة من محبة الله عزوجل، ولا يمكن الفصل بينهما؛ فمن أحب الله فلا بد له من محبة رسوله. ومن أحب الرسول فلا بد له من محبة الله. قال تعالى:{قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم} (آل عمران:103). وقال سبحانه: {قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها، ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره، والله لايهدي القوم الفاسقين} (التوبة:24). وقال عزوجل: {من يطع الرسول فقد أطاع الله، ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظا}(النساء:8). وطبيعي أن تكون محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم تالية لمحبة الله تعالى في الوجوب، لأنه صلى الله عليه وسلم أكرم الخلق عند ربه، وهو ذوالخلق العظيم، والهدي القويم. لذا فالإنسان لايكون مؤمنا حتى يحب رسول الله، بل حتى يكون أحب إليه من كل شيء. عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((لايؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين)). على هدي القرآن، وعمل بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، استجاب الصحابة لله ولرسوله حينما دعوا لما يحييهم، فبادروا إلى الإيمان وقالوا :{ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للايمان أن آمنوا بربكم فآمنا...(آل عمران:193). ووضعوا أيديهم بأيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم مبايعين على الطاعة والجهاد والفداء، فهانت عليهم نفوسهم وأموالهم وعشيرتهم، واستطابوا المرارات والمكاره في سبيل الدعوة الى الله، وصدرت عنهم عجائب الإيمان بالغيب والثقة بنصر الله، فانساحوا في الأرض ينشرون رسالة الله، ويطيعون تعاليم الرسول ليخرجوا الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها. الله نسأل أن يوفقنا إلى اتباع كتابه، والاسترشاد بسنة نبيه، وأن يديم علينا نعمة محبة رسوله الكريم، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.