ما تزال السلطات الجزائرية تتكتم على تحويل الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، مجددا إلى فرنسا للعلاج، حيث لم يصدر عن الرئاسة الجزائرية، أي بيان يؤكد الوضع أو ينفيه أو يشرحه. في هذا السياق، ذكرت مصادر مطلعة في الجزائر، أن الرئيس الجزائري، عبد العزيز بوتفليقة، من المفترض أن يتوجه مباشرة بعد مغادرته، مستشفى غرونوبل الفرنسي مساء أول أمس الجمعة، إلى سويسرا لقضاء فترة نقاهة في إقامة مملوكة للحكومة الجزائرية. وفيما تحدثت مصادر فرنسية، عن استعداد بوتفليقة لمغادرة المستشفى، لم تشر وسائل الإعلام الحكومية في الجزائر إلى المسألة لا من بعيد ولا من قريب، أي دخوله المستشفى الفرنسي أو مغادرته نحو سويسرا. واكتفى التلفزيون الرسمي برسالة تهنئة من بوتفليقة إلى الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، في ذكرى إعلان الدولة الفلسطينية. أما الفضائية الخاصة "دزاير نيوز" التي يملكةا أحد رجال الإعلام المقرب من محيط بوتفليقة، فاكتفت بنقل تصريح لما أسمته مصدرا رسميا يقول فيه إن "بوتفليقة لم يغادر إلى فرنسا وهو موجود في الجزائر". وجاءت التأكيدات الواردة في عدد من وسائل الإعلام الفرنسية، عن هيئات حكومية ورسمية، لتضع مجددا الطرف الجزائري في زاوية ضيقة، بسبب فشله المتكرر في إدارة الملف الإعلامي لصحة بوتفليقة، ما يفتح المجال أمام المزيد من الشائعات والتكهنات في الشارع الجزائري. بالتوازي ما تزال الروايات متضاربة بشأن تحول بوتفليقة للعلاج مجددا في فرنسا، هل هي مجرد موعد للمراجعة الدورية، أم هي إصابة جديدة، تنضاف إلى إصابتيه السابقتين، بالسرطان والجلطة الدماغية، بما أن مصحة غرونوبل، تعالج عددا من الأمراض، منها القلب والأوعية الدموية. صحة بوتفليقة مصدر قلق وذكرت مصادر محلية، أن بوتفليقة نقل يوم الأربعاء الماضي إلى فرنسا من مطار بوفاريك العسكري ضواحي العاصمة الجزائر، على متن طائرة رئاسية من نوع "أربيس أ 340"، "لمراجعة موعد طبي كان مبرمجا منذ أسابيع"، ولم تشر إلى مرافقيه، إن كانوا من موظفي الرئاسة، أم من عائلته. ومنذ انتشار الخبر، التحقت أعداد من المهاجرين الجزائريين في فرنسا بالمستشفى للاطلاع على وضع بوتفليقة، إلا أن السلطات الأمنية الفرنسية، طوقت المبنى بعناصر الشرطة وبالعوازل الحديدية، حسبما كشفه شريط فيديو على الأنترنيت، يظهر عددا من رجال الشرطة الفرنسيين يطوقون مبنى المصحة الخاصة، وبعضهم يقوم بنصب عوازل حديدية لمنع الحركة في محيط المستشفى، لدواع أمنية واضحة. وصرحت مصادر فرنسية لوسائل إعلام محلية ووكالات عالمية، أن "بوتفليقة أُدخل الخميس الفائت إلى مصحة ألمبير بمنطقة غرونوبل، وتمّ تخصيص الطابق السادس بكامله له لدواع أمنية". مضيفة أن مستشفى غرونوبل غير البعيد عن الحدود السويسرية، والواقع بالقرب من مخبر للتكنولوجيا الصحية، "سيتكفل بزرع شرائح في المخ تساعد على التنشيط العصبي، لمساعدة بوتفليقة على استعادة وظائفه الحيوية المتعبة". ولم تشر إلى باقي التفاصيل، كنوعية ومدة الجراحة، وعلاقة إلحاق الرجل بمصلحة القلب والأوعية الدموية بعملية الزرع. وكان بوتفليقة، قد كثّف في المدة الأخيرة من ظهوره، حيث استقبل عددا من السفراء، إلى جانب مشاركته في احتفالية ستينية الثورة في الأول من نوفمبر، وكذلك استقباله وزير الخارجية الفرنسي، لوران فابيوس. وتقول مصادر مقربة منه إن فريقه الطبي ينصحه بعدم الإجهاد حفاظا على قواه الصحية، في حين تذكر مصادر سياسية في الجزائر، أن رسالة بوتفليقة من ظهوره المتكرر في المدة الأخيرة، كان هدفها الرد على منتقديه في المعارضة، وإسكات الأصوات الداعية لتأكيد شغور منصب الرئيس، بسبب غيابه الطويل عن الساحة. وسبق لبوتفليقة أن عالج في 2005، إصابته الأولى على مستوى الجهاز الهضمي، وفي 2013 نقل إلى مستشفى فال دوغراس العسكري لعلاج إصابة بجلطة دماغية، قضّى على إثرها قرابة الثلاثة أشهر في باريس، ولم يستعد قواه كاملة إلى غاية الآن، ما أعاق أداءه لمهامه الدستورية. ويطرح وضع بوتفليقة الصحي جدلا حادا في الجزائر، حول ما تعتبره المعارضة إعاقة الولاية الرابعة للتغيير السلمي والديمقراطي في الجزائر وهيمنة على السلطة من أجل إرساء نظام شمولي ونهب مقدرات البلاد.