بعد أن اهتزت الأعماق، وتساقطت صور الألم العربي، في غزة، وقبلها في بغداد ودمشق وطرابلس ومصر والجزائر والسودان، يبرز إلى الوجود سؤالا حائرا محيرا: كيف للعقل العربي أن ينجو من الدمار الأمريكي الإسرائيلي الأوروبي المشترك. كيف له أن ينجو من الخراب الذي هد / يهد العديد من العواصم العربية دون أن تتحرك قياداتها لمحاصرة العدوان الإرهابي، أو للموت في سبيل قيم أوطانها. إن ما يحدث اليوم بالخريطة العربية، حيث تنهال حمم الحرب الظالمة / الحرب الإرهابية على الشعب الفلسطيني، وعلى الشعوب العربية الأخرى المنهكة بفعل الحصار والتخلف والتوتر النفسي الدائم، يعطي الانطباع أن هناك فعلا ما هو أقصى من اغتيال أطفال ونساء وشيوخ فلسطين، أو احتلال المدن العراقية والسورية من طرف " داعش"، أو دمار المدن الليبية من طرف المليشيات الليبية، أو تهديد النظام الجزائري من طرف أبناء "القاعدة" / هناك ما هو أقصى من كل ذلك هو سقوط العقل العربي في أوحال السلطة والتسلط. رحم الله المفكر المغربي الكبير، محمد عابد الجابري، الذي خص وضعية العالم العربي في جملة واحدة، " أن كل دروب المعرفة والديمقراطية والتنمية والتعليم والتخطيط الاستراتيجي لدى العرب تؤدي إلى أزمة العقل السياسي العربي ". إن ما يجري اليوم على الساحة السياسية العريقة، يعطي الدليل القاطع، أن الأمر تجاوز هذه المقولة، بعدما أصبح القادة العرب، يفضلون التفرج على أنهار الدماء العربية التي تسيل في غزة على أيدي العدو الصهيوني، وفي بغداد ودمشق وبنغازي وبيروت والجزائر والسودان على أيدي العرب / المسلمين الجهلة الذين تسكنهم وحوش الدم التي جعلت منهم آليات للدمار الإنساني. السؤال المحير : إلى أي حد يمكن اعتبار أن ما يحدث على الخريطة العربية، هو هزيمة شنعاء للعقل العربي...؟ .إلى أي حد نعتبر صمت الحكام العرب على ما يجري في غزة، وعلى الأرض العربية، هو غياب / هزيمة لهذا العقل. أفلا تنظرون...؟