من بين دواعي الإنقلاب الذي دبره أمير قطر السابق الشيخ حمد على والده الشيخ خليفة سنة 1995 اختلاف وجهات نظر الرجلين حول التعاطي مع الأزمة اليمنية . حيث كان الأمير الوالد يعمل تجاه الوضع اليمني بسياسة حيادية ، فيما أصر الشيخ حمد التدخل في الشأن السياسي للبلاد ، تنفيذا لأجندة دول غربية على رأسها الولاياتالمتحدةالامريكية. وفيما عارض الشيخ خليفة بشدة الحرب الإنفصالية التي اندلعت في أواخر ربيع 1994 و التي كانت ترمي العودة بالبلاد إلى عهد اليمن الجنوبي و اليمن الشمالي، كان للأمير الإبن رأي آخر ،حيث شجع على بذور الإنشقاق و تقديم الدعم للتيارات المتطرفة الإسلاموية، أبرزها جماعات الحوثيين الإرهابية. ومثلما فعلت الدوائر الحاكمة في قطر، حينما مهدت إلى وصول محمد مرسي زعيما للإخوان المسلمين إلى الحكم في مصر، مستخدمة آلياتها المالية والإعلامية، مدعومة بالسند الأمريكي الإسرائيلي ، كذلك حاولت أن تفرض على اليمنيين شخصية اللواء علي محسن صالح ،و مهدت لهذا الطرح منذ سنة 2010. واستنادا إلى مصادر صحفية سعودية ، فإن علي محسن هذا، كان يعتزم إنشاء تحالف عسكري وقبلي وسياسي تحت المظلة القطرية، خاصة وأن اللواء اليمني كان يشرف على المنطقتين العسكريتين الشمالية الغربية والشرقية التابعتين، وتمتدان من الحديدة غرباً إلى حضرموت شرقاً. وهذا مايفسر المعارضة الشديدة للنظام القطري للمبادرة التي أعلنتها دول الخليج الخمس الأخرى لاستتباب الأمن والإستقرار في ربوع اليمن ، تلك المبادرة التي رعتها الدول الخليجية بتعاون مع الأممالمتحدة والقوى الكبرى في مجلس الأمن الدولي في أبريل 2011 ،بغية تحقيق الإنتقال السلمي السياسي في البلاد، مما أفضى إلى الإنتخابات الرئاسية باليمن وانتهاء حكم علي عبدالله صالح. لذلك تحركت قطر بقوة لإجهاض المبادرة عن طريق تسخير تيارات مشبوهة للقيام باحتجاجات كبرى عبر أرجاء اليمن ،و قدمت أموالا طائلة لجماعات متطرفة، خاصة جماعة الإخوان المسلمين ، وصممت على تنفيذ مخططها الكبيرالقائم على خلق الفوضى العارمة في أرجاء الوطن العربي ، وإرساء حكم الجهالة الجهلاء ، ممثلا في التيارات التكفيرية التي تعود بالمجتمعات العربية والإسلامية إلى عصر التفكير الحجري. بيد أن انحسار المد الأصولي المتطرف ضيق من رقعة النفوذ القطري، و جعله يرفل في عزلة سياسية تكرست مع قرار ثلاث بلدان خليجية هي السعودية والإمارات والبحرين سحب سفرائها من الدوحة في الخامس من مارس الجاري .