تمكن مستشارو الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية بمجلس المستشارين أعضاء لجنة المالية والتجهيزات والتخطيط والتنمية الجهوية من التصدي لتعديل قدمته الحكومة في آخر لحظة أمام اللجنة، يقضي بمنح البراءة التامة لفائدة مهربي الأموال إلى الخارج الذين يعملون بطريقة غير مشروعة وخلافا للقوانين الجاري بها العمل. التعديل الذي جاء بتوصية من وزير الاقتصاد والمالية بتعديل قانون المالية لسنة 2014 وتضمينه عفوا عن الأشخاص الذين قاموا بتهريب الأموال خارج التراب الوطني دون التصريح بها لدى مكتب الصرف شكل في رأي الملاحظين مناورة من الحكومة لشرعنة تملك مهربي الأموال و الرساميل المغربية للعقارات والأموال بالخارج ذات منشئ لا ينضبط للقوانين المنظمة للصرف ولا للتشريعين الجبائي ولا الجنائي للمغرب. حزب الاستقلال الذي كان قد أعلن صراحة في بلاغ للجنته التنفيذية الاثنين الماضي أن حكومة السيد بنكيران أعلنت استقالتها عن محاربة الفساد بمبادرتها الرامية الى العفو عن كبار المجرمين المتورطين في مخالفات مالية , تمكن فريقه البرلماني بالغرفة الثانية من قطع الطريق على هؤلاء المفسدين وفسادهم وعرى بالمناسبة حقيقة ممارسات الحكومة التي تثخم المغاربة بشعارات الترشيد و التصدي للفساد لكنها في الواقع تتحرك و تسعى جاهدة لشرعنة مختلف صور هذا الفساد المستشري بالادارة العمومية وبمختلف مناحي الحياة العامة . الحكومة التي دافعت عن التعديل المتضمن لصكوك براءة مجانية لمهربي و ناهبي الأموال هي نفسها التي وظف وزيرها المكلف بالميزانية قبل يومين فقط و للمرة الثانية في مسيرة هذه الحكومة الفصل 77 من الدستور لاجهاض تعديل تقدمت به المعارضة و يقضي بفرض ضريبة تضامنية على ثروات الأغنياء و تحويل عائداتها لتمويل أعباء إجتماعية و في مقدمتها صندوق التضامن الاجتماعي و التغطية الصحية لشرائح لفقراء و المعوزين و المعوقين . مثلما دفع السيد الأزمي في تبريره الفيتو المفروض على مقترح تضريب الثروات العليا بأن هذه الضريبة ستكبح دينامية الاستثمارات لم يجد وزير المالية ما يؤسس به مقترح التعديل المرفوض القاضي بالعفو عن مهربي الأموال إلا بالزعم بأنه سيتيح استرجاع مبالغ مهمة من هذه الأموال . والحال أن الحكومة التي رفعت شعار التخليق و التصدي للفساد كان عليها أن تنحو منحى دول أوربية كاسبانيا التي عمدت في عز الأزمة الاقتصادية و المالية الخانقة الى توجيه إنذار الى جميع مواطنيها بضرورة الكشف عن حساباتهم و أملاكهم بالخارج و إستبقت هذا الاجراء بمراسلة البنوك السويسرية مطالبة إياها بمدها بكشف عن الحسابات العائدة لرعايا إسبان و النتيجة كانت أن العديد منهم إنضبطوا لقرار حكومة مدريد و قدموا كشوفات عن حجمها الذي ناهز 87 مليار أورو .