إذا كانت القولة الشائعة أن التدخين »أوله دصارة وآخره خسارة« فإن هذا الطرح يختلف بالنسبة للنساء المدخنات، فكل واحدة وراء حكايتها مع السيجارة ألف سبب وعذر... من تدخن لأن تأثير الأب المتسلط والأسرة المفككة دفعها لإدمان السيجارة كمتنفس عن الضغط الممارس عنها.. ومن تدخن حتى لا توصف بالرجعية والتخلف عن ركب الصديقات التقدميات... وأكثرهن كان الرجل شعلة الإدمان الأولى التي اكتوين بنارها... ثم الفئة الراقية والمثقفة أو علية القوم أو أولئك اللواتي اعتبرن السيجارة رمز حرية وتحرر وثورة على العادات والتقاليد البالية، ثم اللواتي اعتبرن السيجارة رمز الأنوثة... عامل قوي للإغراء والإثارة الجنسية لأن بعض الرجال تثيرهن السيجارة التي بين يدي المرأة أكثر من أي شيء آخر... وهكذا أصبح التدخين عادة متجذرة في أوساط النساء... من كل الطبقات ومن كل الأعمار... تلميذات .. طالبات جامعيات، موظفات.. ربات بيوت، ويمتد دخان سجائرهن إلى غير مدى. لماذا تدخن النساء؟ هل تدمن المرأة مثل الرجل؟ كيف يرى الرجل المرأة المدخنة؟ كيف صارت السيجارة أكسسوارا في الجيوب والحقائب تتأكدن من وجودها قبل بطاقة الهوية وأدوات الزينة... وأكثر من هذا لماذا تمارس النساء المدخنات طقوسهن مع السيجارة، في الخفاء وفي المراحيض وأقبية الأماكن المشبوهة وهن يعتبرن التدخين حرية شخصية وتحرر وثورة، فأي حرية مشبوهة هذه؟!. تثيرني السيجارة في يد المرأة إذا كان الرجل يرفض الارتباط بامرأة مدخنة حتى ولو كان مفرط التحرر والتقدمية الفكرية، فإن المرأة نفسها ترى أن التدخين يعيب المرأة مهما كانت مكانتها في المجتمع، وبهذا الخصوص تصرح نادية، أستاذة اللغة الفرنسية، أنها عاشت التجربة مع صديقتها وزميلتها في الجامعة، ويتعلق الأمر بأقرب صديقاتها التي كانت تدخن مذ كانت طالبة في الجامعة وشاءت الصدفة أن تتعرف هذه الصديقة على أخ نادية وتطورت العلاقة بين الاثنين وكان بديهيا أن تتوج بالزواج ووجدت نادية نفسها في ورطة لأنها تعرف حق المعرفة أن أسرتها المحافظة لن تقبل أن يرتبط ابنها »أي أخو نادية« بامرأة مدخنة، ولما أعلنت نادية الأمر إلى والدتها ثارت هذه الأخيرة وقررت أن هذا الزواج لن يتم ولو كلفها الأمر خسارة ابنها، لكن الغريب في الأمر أن نادية نفسها انحازت إلى صف أمها وصرحت لصديقتها أن التدخين يشين المرأة ويجردها من أنوثتها وأنها بدورها لا تريد أن يرتبط أخوها بامرأة مدخنة حتى ولو كانت أعز صديقاتها، مدعية أن العائلة لن تقبلها أبدا كنة غير مرغوبة.. وسوف تكون سبة يعاني منها الجميع. من خلال استجواب عينة من الرجال عن رأيهم في تدخين النساء اتضح أن بعض الرجال يرفضون التعاطي في حياتهم الخاصة مع المرأة المدخنة.. مثل إلياس، طالب جامعي: يرى أن التدخين يسيء للمرأة ولسمعتها حتى ولو كانت امرأة راقية. مثقفة وذات خلق... لماذا... لأن التدخين ارتبط في المخيال الشعبي بكل ما هو خروج عن المألوف. وتمرد على المتعارف عليه وتشبيه بالرجال وهذا كله يؤذي المرأة، إضافة إلى أن السيجارة تضر بصحة المرأة، وبأنوثتها، فكيف لامرأة تدخن السجائر أن تحافظ على صحتها وعلى أمومتها، والأمومة تتطلب من المرأة الكثير من التنازل لتعطي أطفال أصحاء وأسوياء، في حين أن المرأة المدخنة تدغدغ بيد الطفل لينام وتمسك بالأخرى سيجارة... لذلك أرفض الارتباط بامرأة تمارس هذه العادة ولا تنفصل عن سيجارتها فإذا كان التدخين لا يليق بالرجل أصلا فكيف بالمرأة، وأنا لهذا السبب وكرجل لا يمكن أن أنفصل عن ثقافة وتوجه المجتمع الذي يحمل صورة سلبية تجاه النساء المدخنات. إلياس ليس إلا نموذجا لكثير من الرجال في مجتمع كمجتمعنا يرفض تدخين المرأة ويعتبره تشبيها بالرجال ودليلا عن الانحراف الأخلاقي، وبالتالي فإن فئات واسعة من الرجال ترفض الارتباط بامرأة مدخنة لأنها غير مؤهلة حسب رأيهم لتكوين أسرة.