شكل توفير السكن الملائم ، باعتباره من ركائز ضمان الاستقرار والأمن الاجتماعيين ، أحد الميادين الحيوية التي أولالها المغرب أهمية قصوى خلال العشرية الاخيرة، والتي جسدتها بوضوح البرامج والاستراتيجيات المختلفة التي اعتمدتها المملكة في هذا المجال ولاسيما في الجانب المتعلق بمحاربة السكن العشوائي وبالتالي ضمان السكن الملائم . ولقد كان توفير السكن اللائق موضوع عناية موصولة من طرف جلالة الملك محمد السادس، ، منذ اعتلائه العرش ، بحيث برزت هذه العناية بجلاء من خلال العديد من الخطب والرسائل الملكية. ذلك أن جلالة الملك مافتئ يؤكد على أهمية توفير سكن يضمن للمواطنين ظروف العيش الكريم ، وكذا القضاء على مختلف مظاهر الهشاشة العمرانية التي تخدش المشهد الحضري للمدن المغربية وتخل بالنمط العمراني بها . وفي هذا السياق نبه جلالة الملك ، في الخطاب السامي بمناسبة الذكرى الثامنة والأربعين لثورة الملك والشعب بتاريخ 20 غشت 2001 ، إلى خطورة انتشار السكن الصفيحي والعشوائي داعيا جلالته إلى اعتماد برنامج وطني تضامني مضبوط المسؤوليات، للقضاء على هذا النوع من السكن. ويعتبر هذا الخطاب الملكي بحق المرجع الأساسي للاستراتيجية الوطنية للقضاء على السكن الصفيحي ممثلة في البرنامج الوطني «مدن بدون صفيح» الذي تقدر كلفته الإجمالية ب 25 مليار درهم ، تتحمل فيها الدولة 10 مليار درهم ( 40 بالمائة) في حين تتوزع 60 بالمائة المتبقية بالتساوي بين عائدات الموازنة ومساهمات الأسر المستفيدة. وبفضل هذه الاستراتيجية الوطنية أصبحت اليوم 42 مدينة من مدن المملكة خالية نهائيا من أحياء الصفيح . وإذا كان برنامج «مدن بدون صفيح « قد حدد عدد الأسر المستهدفة عند انطلاقته رسميا سنة 2004 في 270 ألف أسرة فإن التحيينات التي خضع لها الى متم دجنبر 2010 أظهرت أنه أصبح يهم 326 الف أسرة تتوزع على 85 مدينة ومركز حضري مما يشكل زيادة تقدر بنحو 21 بالمائة مقارنة مع سنة 2004 . وتعزى هذه الزيادة ، وفقا لمعطيات رسمية ، الى مجموعة من العوامل أهمها توسع المدارات الحضرية لبعض المدن وإدماجها لأنوية صفيحية جديدة ، والتزايد الطبيعي للأسر والتزايد الناتج عن تقسيم البراريك.. ويرتكز برنامج «مدن بدون صفيح»، الذي تمت بلورته استرشاد بالتوجيهات الملكية السامية،على مقاربة إرادية في إطار تعاقدي يحدد مسؤوليات الدولة والسلطات المحلية والجماعات المعنية حيث تتوزع الأدوار المركبة والمتكاملة الموكولة لكل طرف بين التنسيق على الصعيد المحلي، وتحديد لوائح الأسر المعنية والمصادقة عليها، إلى جانب تأطير عملية الترحيل وهدم البراريك وتكثيف المراقبة للحد من انتشار الظاهرة وتعبئة العقار الجماعي ومنح الرخص الإدارية والمواكبة الاجتماعية للأسر والتأطير والدعم المالي وتعبئة العقار المناسب ووضعهما رهن إشارة المتدخل الذي سيتولى عملية الإنجاز. وبغية تسريع وتيرة الإنجاز، دأبت وزارة الإسكان والتعمير والتنمية المجالية على عقد لقاءات تخصص لتتبع تقدم الأشغال بهذا البرنامج ودراسة الصعوبات التي تواجه كل مدينة على حدة. وساهمت هذه اللقاءات في تحيين قاعدة المعطيات الإحصائية وفي إعداد ورقة تقنية خاصة بكل حي صفيحي. وقد مكن هذا التتبع من تحديد الإجراءات والتدابير الكفيلة بتسريع عمليات الإنجاز . كما تم سنة 2010 إحداث لجنة حكومية تضم وزارات الداخلية والاقتصاد والمالية والإسكان والتعمير والتنمية المجالية . وقد بلغ عدد المدن المعلنة بدون صفيح في اطار البرنامج 42 مدينة في حين يتوقع الإعلان عن حوالي 26 مدينة بدون صفيح خلال السنة الجارية ،وذلك بالنظر إلى التقدم الذي يعرفه إنجاز هذا البرنامج بمجموع المدن المتبقية. وتهم المدن الستة والعشرون المرتقب إعلانها بدون صفيح أزيد من 98 الف أسرة، أهمها مدن مكناس ووجدة وطنجة وتطوان والقصر الكبير وسيدي بنور وعين تاوجطات وسبع عيون وسوق السبت والعرائش وبركان والدروة وقلعة السراغنة وسيدي يحيى الغرب وسيدي سليمان وسيدي قاسم ومولاي يعقوب وبوعرفة وتويسيت والبروج ومراكش وسطات، وأزمور والسمارة والقنيطرة وميسور. ويتطلب تحقيق الأهداف المسطرة برسم 2011 ، بذل مجهودات كبيرة من طرف جميع الفاعلين المعنيين وذلك بغرض إنجاز ما يقارب 23 ألف وحدة جديدة، وإتمام الأشغال بمايقارب 18 الف وحدة هي الآن في طور الإنجاز، على أن تتوج هذه المجهودات بترحيل 47 الف أسرة إلى المناطق المخصصة لاستقبالها.