تعد ظاهرة تشغيل الطفلات كخادمات في البيوت، من أبشع الصور انتهاكا لحقوقهن ومن الأسباب التي تحول دون تقدم المجتمعات، ويعتبر الحد من هذه الظاهرة مدخلا رئيسيا لصون كرامة هؤلاء الطفلات وجعلهن يتمتعن بكامل حقوقهن دون أي اختلاف مع الآخرين. إن ولوج هؤلاء الطفلات إلى سوق الشغل مبكرا دون السن القانوني، يحرمهن من التمتع بطفولتهن وحقهن في التمدرس كما يتعرضن لشتى أنواع الانتهاك كالضرب والتعذيب والاعتداءات الجنسية. وأشارت دراسة قامت بها الائتلاف من أجل حظر تشغيل الطفلات كخادمات في البيوت أقل من 15 سنة، أن %67 من الأسر المغربية المشغلة للطفلات على علم بالأحكام القانونية التي تحظر تشغيل الأطفال دون السن المذكور. ومن جهة أخرى أفاد البحث أن %79 من الطفلات الخادمات في البيوت دون سن 15 تم استبعادهن من النظام المدرسي وذلك بسبب فقر العائلة (%43) وطول المسافة للوصول إلى المدرسة (%25) إضافة إلى تقاليد كل أسرة. وما أصبحنا نراه في الآونة الأخيرة هو تعذيب العديد من الخادمات من طرف مشغليهم وتعرضهن لأبشع أنواع الضرب والاغتصاب. فحالة فاطمة الطفلة القاصر (12 سنة) تنضاف إلى مئات خادمات البيوت القاصرات ضحايا الاعتداء والعنف، فهذه الطفلة القاصر تعرضت لعنف متواصل واحتجاز من طرف مشغلتها ففرت هاربة إلى مصير مجهول، وفي حالة نفسية وجسدية مؤلمة أثارت استنكار سكان حي بالدار البيضاء الذين سلموها إلى مصالح الشرطة ليتم متابعة هذا الملف قضائيا. قالت المنظمة الحقوقية «هيومن رايتس ووتش» في بلاغ سابق لها، أن العديد من خادمات المنازل بالمغرب هن في سن الطفولة ويبلغن من العمر خمسة أو ستة أعوام، يعملن في البيوت لمدة مئة ساعة أو أكثر أسبوعيا، دون فترات راحة، وأضاف البلاغ كذلك أن كثيرا ما يسيء إليهن أصحاب العمل بدنيا وشفهيا، ويحرمهن من التعليم وأحيانا يحرمهن من الطعام الملائم والرعاية الصحية كما هناك بعض الفتيات من تعاني من المضايقات من طرف أفراد الأسرة. إن خطورة أوضاع الطفلات المستغلات في العمل بالبيوت والمآسي الناتجة عنها ومدى تأثيرها على المجتمع ككل، تستلزم وضع حل لهذه الظاهرة باتخاذ تدابير للقضاء عليها وعلى مسبباتها ولردع كل المساهمين في استمرار هذه الآفة وكل المستفدين منها بشكل مباشر وبشكل مادي أو معنوي