شهدت مدينة الدارالبيضاءأخيرا،حدثا ثقافيا هاما تمثل في تدشين المكتبة الجامعية محمد السقاط التابعة لجامعة الحسن الثاني بالدارالبيضاء،بحضور عدد من الشخصيات من عالم السياسة والثقافة والإعلام والرياضة .وجاء تشييد هذه المعلمة الثقافية والعلمية، التي وضع صاحب الجلالة الملك محمد السادس حجر أساسها يوم فاتح أبريل 2006، بهدف تمكين عموم الطلبة والباحثين من مواكبة مستجدات البحث الجامعي، والمساهمة في الحفاظ على التراث الثقافي والعلمي للمملكة، فضلا عن كونها ستشكل نقطة ارتكاز داخل شبكة مكتبات مؤسسات جامعة الحسن الثاني-الدارالبيضاء . كما أنها ستساهم في تقديم جملة من الخدمات المعرفية للباحثين من بينها، على الخصوص، تسهيل الولوج والاستفادة من الرصيد الوثائقي وخدمات الإعارة الخارجية، ومراجعة الفهرس المعلوماتي، وتكوين رواد المكتبة في مناهج البحث الوثائقي، وتيسير الولوج إلى الرصيد الوثائقي لمكتبات مغربية أخرى، وتوفير فضاء خاص بالصحف والمجلات في صيغة الكترونية أو على شكل مطبوع يضم 100 عنوان . وتحتوي هذه المكتبة، التي تمتد على مساحة تقدر بسبعة آلاف متر مربع وتتكون من ست طوابق، 40 ألف وثيقة و20 ألف مجلة الكترونية وأكثر من 200 قرص مدمج وحوالي 550 مخطوط للمرحوم محمد السقاط و600 كتاب نادر وليتوغرافيا و100 جهاز حاسوب. ويرتكز التنظيم العام لهذه المنشأة على توزيع موضوعاتي يشمل (الآداب واللغة والتواصل) و(الفلسفة والدين) و(العلوم والتكنولوجيا) و(الإعلاميات) و(الفن والحياة العملية) . وبهذه المناسبة، أكد رئيس الجامعة السيد محمد بركاوي أن افتتاح المكتبة جاء لتغطية الخصاص الذي تعاني منه جامعة الحسن الثاني، ومن شأنه أن يسهم في تجميع مصادر المعلومات وتنظيمها وتقديمها إلى مجتمع المستفيدين عبر مجموعة من الخدمات التقليدية والحديثة بما يتلاءم ودورها كمؤسسة علمية وثقافية وتربوية واجتماعية . وأشار، في هذا الإطار، إلى السياق الذي أنجز فيه هذا الصرح الثقافي والمتمثل في الميثاق الوطني للتربية والتكوين، وانطلاق مسار التنمية الجهوية، وهو ما فرض التركيز على جعل الجامعة مؤسسة عمومية مندمجة في محيطها عن طريق إعمال المرتكزات والغايات الكبرى للبرامج الرامية إلى إصلاح المنظومة التعليمية بالبلاد . وشدد على أن كسب هذا الرهان يستلزم العمل على جعل الطلبة فاعلين في تكوينهم الشخصي، وخلق الرغبة الجامحة لديهم في التحصيل عن طريق الجمع بين العلوم الأساسية والمعلومات التكنولوجية ومعرفة الرهانات الاقتصادية والقدرات التدبيرية، مشيرا إلى أن هذه المحددات كانت وراء هذه المبادرة الرامية إلى الاستجابة لمتطلبات التكوين والبحث من أجل إعداد مواطن وطالب الألفية الثالثة . وأشادت باقي المداخلات خلال افتتاح حفل التدشين، الذي تميز بمشاركة كل من الكاتب العام لوزارة التربية الوطنية والبحث العلمي وتكوين الأطر والتكوين المهني السيد عبد الحفيظ الدباغ وعامل عمالة مقاطعات الحي الحسني ومحافظ مؤسسة مسجد الحسن الثاني السيد بوشعيب فوقار والعامل المكلف بالكتابة العامة بولاية جهة الدارالبيضاء الكبرى السيد معاذ الجامعي ورئيس مؤسسة محمد السقاط السيد فاضل السقاط والرئيس المنتدب للمؤسسة السيد عبد اللطيف بلمليح، بالدور الذي قامت به مؤسسة محمد السقاط من أجل إنجاز هذا المشروع العلمي، وكذا الجهود التي بذلتها من أجل تحقيق حلم الراحل محمد السقاط في تمكين طلبة العلم بالعاصمة الاقتصادية للمملكة من مؤسسة جامعة تتضمن جواهر الكتب في شتى التخصصات . واعتبروا أن هذه المبادرة تشكل عملا نموذجيا ينبغي أن يقتدى به في باقي مدن المغرب لما للمكتبات من دور طلائعي في صيانة التراث الفكري والعلمي الوطني وتحقيق الإشعاع والامتداد الحضاري للمملكة . وتميز حفل التدشين بإلقاء عضو أكاديمية المملكة السيد عبد الهادي التازي لمحاضرة افتتاحية تعتبر أول نشاط ثقافي لهذه المؤسسة، أبرز فيها دور العلم في بناء شخصية الإنسان وأهمية تحقيق التوازن بين كافة التخصصات العلمية لتحقيق تنمية شاملة ومندمجة، مشيرا إلى أن أشهر العلماء في تاريخ المغرب كانوا يجمعون بين علوم شتى ابتداء من علوم الفقه إلى علوم الفلسفة إلى العلوم الحية ما جعل سيرتهم تبقى خالدة في تاريخ الإنسانية جمعاء، ومنوها بالخصال التي ميزت الراحل محمد السقاط الذي كان يعتبر منارة في مجال الإنفاق على العلم وتكريم العلماء . يذكر أن مؤسسة محمد السقاط، التي تأسست سنة 2005 تكريما لوفاة المرحوم محمد السقاط، أسهمت في بناء وتسيير عدد مهم من المشاريع الخيرية خاصة بمدينة الدارالبيضاء منها أربعة دور للأيتام ومستشفى تبلغ طاقته الاستيعابية 125 سريرا وتجديد جناح لإصلاحية الأحداث بعكاشة .