تواصل بعض وسائل الإعلام الجزائرية استهداف المغرب في مسلسل تصعيدي خطير لا نجد له أي تفسير إلا اعتباره يندرج في سياق حرب الاستهداف الشاملة التي تشنها السلطات الجزائرية ضد المصالح والحقوق المغربية. وهكذا انتقلت قناة (الشروق الجزائرية) إلى مستوى غير مسبوق في تاريخ العداء الجزائري ضد المغرب، بأن تطاولت على المؤسسة الملكية في بلادنا عبر برنامج تلفزيوني غارق في التفاهة. بغض النظر عما اقترفته قناة (الشروق الجزائرية) والذي يمثل خرقا سافرا لأبسط مبادئ أخلاقيات مهنة الصحافة والإعلام، وانتهاكا خطيرا لقيم مهنة الإعلام الشريفة والنبيلة، وتجاوزا فظيعا للقيم المشتركة التي تجمع بين شعبين شقيقين، فإنها إضافة إلى ذلك تمثل عنوانا بارزا لإصرار الحاكمين العسكريين في الجزائر على التصعيد الذي سيزيد الأوضاع في المنطقة تأزيمًا وخطورة. وإننا ندرك ونفهم خلفيات وأهداف حملات التصعيد التي يحركها ويؤطرها ويقودها المسؤولون العسكريون في الجزائر، ويستخدمون فيها مخالب كثيرة من ضمنها تسخير بعض وسائل إعلام متحكم فيها لافتعال الأحداث ونشر الأخبار الكاذبة والزائفة، وتزييف الوقائع والصور والفيديوهات، وهم بذلك يواصلون تصريف أحقاد تاريخية غير مفهومة، كما أنهم يستمرون بحرص شديد في تفويت الفرص وتضييعها في مسار تفعيل اتحاد المغرب العربي الكبير الذي يمثل السبيل الأنجع لتسريع التنمية في المنطقة، بما يضمن تحسين أجواء عيش المواطنين والمواطنات. كما أنهم، بحرصهم على استمرار التصعيد في العلاقات المغربية الجزائرية، فإنهم يحاولون إلهاء الشعب الجزائري عن الأوضاع العامة السياسية والاجتماعية والاقتصادية داخل الجزائر الشقيقة، بافتعال وجود عدو خارجي. إننا كنا ولا زلنا، ومعنا المواطنين والمواطنات، ننتظر من وسائل الإعلام في المغرب والجزائر أن تقوم بأدوار طلائعية في نشر الأخبار وإشاعة المعارف، وتنشيط الحوار السياسي والاقتصادي والثقافي، وأن تمثل دور الحاضن للمشروع الديموقراطي الذي يمثل أكبر رهان لشعبي البلدين، وليس الغرق في أوحال التفاهة والتسطيح بما يفرغ وسائل الإعلام من وظيفتها ويجعل منها مقوضا حقيقيا لمسار النمو والتغيير والدمقرطة، ويحولها إلى وسائل لبث الكراهية والعنف والتحريض على الحرب ومعاداة الأديان، وهذا ما أضحت بعض وسائل الإعلام الجزائرية مختصة فيه، وهي بذلك تنفذ مخططات خطيرة تزيد مستقبل المنطقة قتامة. إن وسائل الإعلام الجزائرية هذه هي التي رفضت وامتنعت خلال فترة دقيقة في تاريخ الجزائر المعاصر على القيام بدورها في أن تقوم بتصريف الحوار الداخلي بين الفرقاء السياسيين والنقابيين والاجتماعيين في الجزائر، ودفعت هؤلاء الفرقاء، أو لنقل بعضا منهم، إلى مباشرة الحوار بوسائل أخرى دفعت الجزائر تكلفة ذلك غاليا، وكان العسكر في الجزائر هم معدو ومخرجو هذه المرحلة التي يبدو أن المؤشرات تكشف على مواصلة السير فيها. إنهم يعتقدون أنهم اختاروا توقيتا مناسبا سيتمكنون من خلاله ضرب أكثر من عصفور بحجرة واحدة، فالحراك الشعبي في الجزائر سيعود إلى شوارع الجزائر خلال الأيام المقبلة، وفي تقدير عسكر الجزائر، فإن الإقدام على تصعيد جديد مع المغرب من شأنه إقناع الشعب الجزائري بتأجيل استئناف الحراك. وهذه منهجية أضحت معلومة لدى عسكر الجزائر. كما أنهم يعتقدون أن التصعيد ضد المغرب سيجبره على الخضوع والخنوع، فهم يحلمون بالهيمنة على المنطقة برمتها، وأن المغرب هو أكبر عقبة حالت دون تحقيق الأحلام التاريخية لقادة اتضح اليوم أنهم قادوا الجزائر نحو الهاوية. أما فيما يخص التطاول على المؤسسة الملكية والإساءة إلى جلالة الملك محمد السادس، فإن مثل هذه المحاولات البئيسة لا يمكن أن تحقق أهدافها الدنيئة بالنسبة لمؤسسة تحظى بمكانة خاصة جدا بالنسبة للشعب المغربي، مؤسسة واجهت تحديات كبيرة وكثيرة طوال حقب من الزمن، ولم يزدها ذلك إلا شموخا وصمودا، وزادها احتراما وتقديرا لدى كافة شرائح الشعب المغربي، كما أنها عاجزة على تحقيق الإساءة لملك عظيم يقود ركب التنمية والتطور في البلاد بتميز، ولعل ما تحقق في عهد جلالة الملك محمد السادس من تطور ونماء، ومن مكاسب ومنجزات، يعتبر من الأسباب الرئيسية التي تزيد من معدلات ضغط الدم لدى عسكر الجزائر.
إن المغاربة قاطبة يعتزون بمؤسستهم الملكية وبملكهم الهمام، ولن يكترثوا للمحاولات السخيفة والتافهة التي ستنقلب على أصحابها.