اكتملت أخيرا هيكلة اللجنة الاستطلاعية النيابية حول أسعار المحروقات بعد مرحلة بلوكاج لم تتضح دواعيها وأسبابها، حيث تمت المصادقة على تشكيلها من طرف مكتب مجلس النواب منذ أشهر. ورغم خروجها من النفق، يظل عمل هذه اللجنة الاستطلاعية بشأن الوقوف على كيفية تحديد أسعار المحروقات وبيعها للمواطنين مجمدا، بعد وضع تبرير جديد على الطاولة يتمثل في انشغال لجنة المالية بمجلس النواب بالمناقشة التفصيلية لمشروع القانون المالي، ما يعني تمديد حالة الترقب لدى الرأي العام الوطني إلى ما بعد المصادقة على مشروع الوثيقة المالية. وقد قرر مجلس النواب في وقت سابق مباشرة المهمة الاستطلاعية بعد مراسلة رئاسة مجلس النواب والقطاع الوزاري الوصي ومسؤولي شركات التوزيع ومحطات الوقود، لاسيما وأنه بعد عملية تحرير أسعار المحروقات مطلع سنة 2015 ، نزل سعر البرميل الواحد حتى 29 دولارا، ولم ينعكس ذلك على الأسعار الوطنية في محطات بيع الوقود. وقد تنامى الاهتمام بعمل هذه اللجنة في الفترة الأخيرة داخل قبة البرلمان من خلال التلميح في الغرفتين إلى احتمال اتفاق الشركات المكلفة بالتوزيع بتوسيع هامش الأرباح على حساب المواطنين، واستفسار الداودي في هذا الشأن وعدم اقرار شروط المنافسة. ومن المنتظر أن يزداد منسوب الانشغال بملف المحروقات وأسعارها من طرف المستهلك بسبب عزم الحكومة رفع نسبة الضريبة على القيمة المضافة في المحروقات من 10 في المائة إلى 14 في المائة، الأمر الذي سيؤثر على كل المجالات ذات الصلة بالنقل. ويكبر التساؤل لدى الرأي العام حول الأسباب الحقيقية وراء تأخر بداية أشغال هذه اللجنة الاستطلاعية التي حظيت باهتمام كبير من طرف الرأي العام الوطني، لأنه لا يمكن أن يكون هذا التأخير عاديا ولا يمكن للتبريرات التي يعلن عنها بين الفينة والأخرى أن تكون مقنعة. وكان واضحا أن أحد الفرق النيابية بمجلس النواب لم يكن متحمسا لتكوين هذه اللجنة بسبب حسابات ترتبط بالحزب السياسي الذي ينتمي إليه ذلك الفريق. ولا يستبعد العارفون بخبايا الأمور أن تكون أطرافا خارجية عن المؤسسة التشريعية هي التي تحرك خيوط تكبيل عمل هذه اللجنة ولا يستبعد أن يكون الأمر يتعلق بشركات توزيع المحروقات التي تأكد أنها تتلاعب بالأسعار وتراكم أرباحا خيالية وطائلة على حساب القدرة الشرائية للمواطنين، ومما زادها حماسا عجز الحكومة المطلق على مواجهة هذا الجشع حيث اكتفى الوزير المكلف بالشؤون الاقتصادية والحكامة في تصريح شهير له بالتنديد بما يحدث وكأنه مواطن عادي لا قدرة له على مواجهة الاستنزاف الذي تباشره شركات توزيع البنزين والكازوال، وهذا العجز الحكومي شجع تلك الشركات على المضي بسرعة أكثر نحو مزيد من الاستنزاف. وأمام تأخر بداية أعمال اللجنة الاستطلاعية يتساءل عدد كبير من المواطنين عما إذا كان قد تم اختراق البرلمان من طرف مجموعة ضغط معينة وتكبيله وشل حركته؟!