* العلم الإلكترونية استمعت غرفة الجنايات الاستئنافية في محكمة الاستئناف في مراكش، الخميس الماضي، إلى المستشار البرلماني، والمنسق الجهوي السابق لحزب التجمع الوطني للأحرار، عبد العزيز البنين، في شأن اتهامه في الملف المعروف باسم شركته العقارية "سيتي وان"، بجنايات تتعلق ب"تبديد أموال عمومية موضوعة تحت يده بحكم وظيفته، واستعمال وثيقة مزورة، وتلقي فائدة من مؤسسة يتولى تسييرها". المحكمة ساءلت البنين حول إدلائه للمجلس السابق لمراكش، بين عامي 2003 و2009، الذي كان يشغل فيه مهمة النائب الثالث للرئيس، بتنازل مكتوب عن جزء من عقار لإحداث طريق عمومية، قبل أن يتنصل من كل ذلك، ويرفع دعوى قضائية ضد البلدية. وقضت المحكمة الإدارية، ابتدائيا، لفائدة البنين، بتعويض خرافي تجاوز أربعة ملايير و800 مليون سنتيم، رُفع، خلال المرحلة الاستئنافية، إلى أكثر من سبعة ملايير سنتيم. ورد المستشار البرلماني ذاته أنه كان قد اتفق مع المجلس على أن يتنازل عن العقار مقابل تجهيز البلدية للبقعة الأرضية، التي أقام عليها مشروعا سكنيا راقيا في الحي الشتوي مراكش، بالإنارة، وباقي البنيات التحتية الأساسية، وهو ما قال إن المجلس أخل به ليعمد إلى مقاضاة البلدية كرد فعل منه على ذلك. نقطة مثيرة في الملف أماطت اللثام عنها الغرفة، حين واجهت المتهم بما ورد في البحث التمهيدي، المنجز من طرف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، تتعلق باختفاء وثائق مهمة من المصلحة، التي كان يشرف على تسييرها، حين كان نائبا للعمدة الأسبق، عمر الجزولي. ومن بين الوثائق المختفية، الوثيقة، التي تشير إلى أن العقار، الذي شيد عليه البنين مشروعه، والذي تبلغ مساحته هكتارا، كان في الأصل مثقلا بحق ارتفاق، عبارة عن طريقٍ عرضها عشرة أمتار، قبل أن يحصل، بعد حيازة شركته له، على شهادة ملكية جديدة لا تتضمن أي إشارة إلى حق الارتفاق المذكور، وهو ما استندت إليه لجنة الاستثناءات، برئاسة والي مراكش الأسبق، محمد حصاد. ومنحت شهادة الملكية الجديدة للعقار امتيازا للبنين من أجل إضافة طابقين اثنين في مشروعه الفاخر، الذي أصبح مشيدا على خمسة طوابق، عوض ثلاثة، المنصوص عليها في تصميم تهيئة المدينة، إذ قال البنين إن العديد من المنعشين العقارين استفادوا من امتياز إضافة طابقين بالمنطقة نفسها، ونفى علمه باختفاء أي وثائق رسمية. المحكمة واجهت البنين باتهامه بعدم حماية مصالح بلدية مراكش، حين كان نائبا لرئيس مجلسها، مكلفا بتدبير الممتلكات الجماعية، وبأنه قام بخدمة مصالح شركته، ولم يتخذ الإجراءات التحفظية لحماية الملك الجماعي في عقار حيث شيّد مشروعه السكني الراقي. وأشار البنين إلى أنه سبق له أن ألقى بمفاتيح المسؤولية حين حدث النزاع القضائي بين شركته والبلدية، وحين سألته المحكمة هل قصد بذلك بأنه استقال من مهامه نائبا للرئيس، أجاب بالإيجاب، وحمل مسؤولية أي اختلالات محتملة في الملف إلى كل من العمدة الأسبق الجزولي، ونائبه عبد الله رفوش (ولد لعروسية)، باعتباره المفوض إليه الإشراف على قسم التعمير. وبخصوص سؤال وجهته إليه الغرفة حول عدم مبادرته إلى طرح نقطة متعلقة بالنزاع المذكور، للتداول في شأنها بإحدى دورات المجلس، الذي كان عضوا في مكتبه، أجاب بأنه لم يكن من اختصاصه وضع جداول أعمال الدورات، التي قال إنها كانت من صلاحيات العمدة. وأرجأت المحكمة البت في الملف لجلسة 29 يونيو الجاري من أجل فسح المجال أمام مرافعات الدفاع، والنيابة العامة. وكانت القضية تفجرت إثر قيام البنين بشراء عقار من أجانب، مثقل بحق ارتفاق عبارة عن طريقٍ عرضُها عشرة أمتار، وبعد حيازة شركته للعقار، حصلت على شهادة ملكية جديدة لا تتضمن أي إشارة إلى حق الارتفاق المذكور، وهو ما استندت إليه لجنة الاستثناءات بولاية الجهة، برئاسة الوالي حصاد، التي قررت منحها امتياز إضافة طابقين اثنين في مشروع عقاري فاخر، مقابل تنازلها عن جزء من العقار لإحداث طريق عمومية، قبل أن تتفجر فضيحة مدوية أواخر الولاية الجماعية المذكورة، تتعلق بتعويض عن هذا العقار، الذي أُنجزت في جزء منه طريقٌ عمومية، بعد أن قضت المحكمة الإدارية بمراكش بأداء البلدية، لفائدة البنين، التعويض المذكور، الذي حدّد سعر المتر المربع الواحد في 9000 درهم، قبل أن يضطر إلى التنازل عن المبلغ، في بداية صيف سنة 2011، تحت ضغط حراك 20 فبراير. وكانت غرفة الجنايات الابتدائية، برئاسة القاضي مسعود المصلي،قد قضت، في وقت سابق، ببراءة البنين، وهو الحكم الذي أجمعت الجمعيات المعنية بحماية المال العام على أنه "انتكاسة للنضال من أجل حماية المال العام، وصدمة كبيرة لمناهضي الفساد المالي والاقتصادي، وتأكيد على زيف شعارات إصلاح منظومة العدالة".