الذي نعرفه جميعا أن السيد لحسن الداودي وزير منتدب لدى رئيس الحكومة مكلف بالشؤون العامة والحكامة وليس فاعلا جمعويا في مجال حقوق الانسان، وبما أنه وزير في حكومة استوفت الشروط الدستورية فإنه مكلف بتطبيق القانون طبقا للقانون نفسه. لذلك شخصيا لا أفهم كيف يصدر هذا الوزير بلاغا في شأن كبير وذي قيمة كما الحال بالنسبة للأسعار التي تفرضها شركات توزيع المحروقات المتغولة يعبر من خلاله عن استغرابه من حقائق الأسعار السائدة ويخبرنا بأن هذه الشركات تراكم أرباحا غير مشروعة أثناء توزيعها للمحروقات، وكأن الأمر يتعلق بفاعل من المجتمع المدني يقتصر دوره على الإخبار والتنديد. كان من الواجب على الوزير الداودي أن «يخرج عينيه» كما اعتاد منه المغاربة ذلك حينما تتعلق الأمور بأتفه الأمور. وكان يجب عليه بصفته الوزير المشرف على القطاع أن يحيل ما توصلت إليه لجنة اليقظة في هذا الصدد على الجهات المختصة، خصوصا القضائية منها. فالوزير يعترف في بلاغها بمراكمة أرباح بطرق أقل ما يمكن أن يقال عنها إنها ليست واضحة، فما الذي منع وزير في حكومة ترفع شعارات ثقيلة تتعلق بمحاربة الفساد وحماية مصالح وحقوق المواطنين من إحالة الملف على النيابة العامة لمباشرة التحقيق في النتائج الخطيرة التي توصلت إليها لجنة اليقظة؟! الوزير الداودي أراد أن يضرب أكثر من عصفور بحجر واحد، فإصداره البلاغ المذكور يحاول أن يظهر للرأي العام أنه لم يبق مكتوف الأيدي أمام مايروج في شأن تلاعب شركات توزيع المحروقات بالأسعار وأنه أرعد وأزبد بحروف سوداء على صفحة بيضاء، وبذلك ينال رضى المواطنين، ومن جهة ثانية أنه تجنب غضب أرباب شركات التوزيع المعنية، خصوصا وأن كبيرهم صديق حميم للوزير يجالسه في نفس المجلس الحكومي، بأنه أوقف ردة الفعل الحكومية عند مستوى بلاغ بئيس. إن الأمر يتطلب تدخلا آنيا ومستعجلا من طرف رئيس الحكومة لوضع حد لأحد أهم مظاهر الاختلالات في إصلاح صندوق المقاصة، ولتدارك العجز الكبير الذي تجلى في أداء وزير كما يتطلب الأمر تدخلا فوريا من طرف مجلس المنافسة لأن رائحة التحكم في الأسعار الناتج عن تنسيق بين الشركات المعنية أزكمت الأنوف ولايعقل أن يبقى مجلس المنافسة مكتفيا لحد الآن بدور المتفرج. *** بقلم // عبد الله البقالي *** للتواصل مع الكاتب: [email protected]