بلغة واثقة و متن متماسك يخاطب المنطق العقل قبل أن يدغدغ العواطف ، وبنفس ينهل من جوهر و روح الجذور الإفريقية للمملكة ، حدد جلالة الملك بفقرات مباشرة بخطاب المسيرة من قلب العاصمة السينغالية دكار دوافع المملكة المغربية لاسترجاع موقعها الطبيعي ضمن حظيرة المنتظم الإفريقي بعيدا عن حسابات الربح و الخسارة التي تفننت الأبواق المعادية للحق المغربي في ربطها ظلما و عدوانا بالخطوة المغربية . جلالة الملك أبرز أن عودة المغرب للاتحاد الإفريقي، ليست قرارا تكتيكيا،وإنما هي قرار منطقي جاء بعد تفكير عميق، مشددا على أن المغرب راجع إلى مكانه الطبيعي، كيفما كان الحال، ويتوفر على الأغلبية الساحقة لشغل مقعده داخل الأسرة المؤسسية الإفريقية ، و هو ما يعني أن مكائد الكائدين و مناورات المتربصين لن تغير من واقع الحال شيئا ، ومشددا بأن المغرب من مصدر قوة الحق المشروع ، لن يطلب الإذن من أحد قبل أن يطرق أبواب الاتحاد القاري، ولن يضع ثوابته التاريخية المقدسة موضوع ابتزاز أو مساومة . جلالة الملك الذي أطر خطابه السامي بالصلات الوثيقة التي تربط المملكة بمحيطها القاري جدد , لمن يغشى تفكيره غشاوة الذاتية المصلحية و تحركه أجندات التفرقة و التفتيت المتهالكة , التأكيد على أن عودة المغرب إلى أسرته المؤسسية القارية، لن تغير شيئا من مواقف المملكة الثابتة بخصوص مغربية الصحراء ، معلنا في نفس الوقت أن سياسة المغرب الإفريقية توفر للقارة آفاقا واسعة من العمل الميداني التضامني، و تسهم بحظ وافر من مستوى النهوض بالتنمية الاقتصادية والبشرية، في سبيل خدمة المواطن الإفريقي و تنهل من معين الحكمة ومسؤولية ما يكرس فعليا جهود ومقاربات المملكة لتغليب وحدة إفريقيا، ومصلحة شعوبها. خطاب دكار الملكي بعث رسائل واضحة للأطراف التي تناور و تتآمر طمعا لإضعاف صوت المملكة الخارجي مذكرا إياها أن المغرب اليوم يعد قوة إقليمية وازنة، ويحظى بالتقدير والمصداقية، ليس فقط لدى قادة الدول الإفريقية، وإنما أيضا عند شعوبها رافعا سقف التحدي بأن المملكة اختارت طواعية أن تدافع من داخل المنظمة الإفريقية عن حقوقها المشروعة، وللتصدي وتصحيح المغالطات، التي يروج لها خصوم وحدتها الترابية، وإجهاض مناوراتهم المتضاربة مع الشرعية الدولية ومع قناعات أغلب العواصم القارية . جلالة الملك عبر صراحة من أعرق البلدان الإفريقية وأكثرها تجذرا في التاريخ القاري أن عودة المغرب إلى أسرته المؤسسية، ستمنح القارة منبرا قويا ومؤثرا لإسماع صوتها في المحافل الدولية، وستتيح للمغرب مواصلة مشواره التاريخي المعهود وتعزيز انخراطه، من أجل إيجاد حلول موضوعية لتحدياتها تراعي مصالح الشعوب الإفريقية وخصوصياتها خاصة على مستويات المساهمة في توطيد الأمن والاستقرار بمختلف المناطق، التي تعرف التوتر والحروب، والعمل على حل الخلافات بالطرق السلمية. عودة المغرب إلى حضن إفريقيا المؤسساتي سيمثل أيضا فائض قيمة في المسعى الإقليمي لمكافحة التطرف والإرهاب، الذي يرهن مستقبل إفريقيا من خلال التزام المملكة ضمن خارطة الطريق نحو افريقيا التي سطرها الخطاب الملكي السامي من دكار بتقاسم تجربتها المتميزة، المشهود بها عالميا، مع الإخوة الأفارقة سواء في مجال التعاون الأمني أو على مستوى محاربة التطرف.» فضلا عن ترافع الرباط من موقع قوة وتأثير عالميين على مواكبة إفريقيا ، ومرافقتها بالخبرات والمبادرات باعتبارها من بين المناطق الأكثر تضررا من التغيرات المناخية.