احتفاء باليوم الوطني للمسرح، نظمت المديرية الجهوية لقطاع الثقافة بالعيون بشراكة مع جمعية مادس للثقافة والفنون الدرامية ندوة فكرية عن بعد في ظل الحجر الصحي الذي فرضه انتشار وباء كورونا المستجد “كوفيد-19” وذلك حول “إكراهات الحجر الصحي وتحديات الإبداع المسرحي، المسرح الحساني نموذجا” بمشاركة مهنيين ومهتمين وباحثين في مجال المسرح تم بثها مباشرة على الصفحة الرسمية للمديرية الجهوية للثقافة بالعيون على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”. وخلال هذه الندوة دعا الفنانون المسرحيون بالصحراء المغربية وزير الثقافة والشباب والرياضة إلى التعجيل بالإعلان عن طلبات العروض الخاصة بالترشيح للاستفادة من دعم المشاريع الثقافية والفنية في مجال المسرح برسم سنة 2020 حتى يتم إنقاذ الموسم المسرحي الذي أصبح مهددا بأن يتحول إلى موسم أبيض بعد تأخر الإعلان عن طلبات الاستفادة من دعم السنة الحالية. واعتبر المشاركون في الندوة، أن الفنان عبر ربوع المملكة يعيش حالة هشاشة ويعاني ظروفا مادية واجتماعية صعبة في ظل حالة الطوارئ الصحية التي تم فرضها تفاديا لانتشار وباء كورونا، وهو نفس الوضع الذي يعاني منه الفنانون بالأقاليم الجنوبية للمملكة نتيجة توقف جميع الأنشطة الثقافية والفنية، علما أن هؤلاء يشكون قلة فرص العمل في الأيام العادية فباستثناء العمل مع الفرق المسرحية الحاصلة على دعم وزارة الثقافة تنعدم فرص الشغل في مجال السينما والدراما التلفزيونية. وأوضح الحسين الشعبي، الكاتب المسرحي وعضو المكتب الوطني للنقابة المغربي لمهنيي الفنون الدرامية، أن وزارة الثقافة مدعوة للإسراع بالإعلان عن طلبات العروض الخاصة بالمشاريع الثقافية والفنية في مجال المسرح وغيره من مجالات الفنون والإبداع من موسيقى وفنون تشكيلية، خاصة أن الاعتماد المالي المرصود لها برسم سنة 2020 متوفر، مؤكدا أن الأمر يتطلب فقط القيام بالإجراءات المتعلقة بإنجاز دفتر التحملات وتعيين لجنة انتقاء المشاريع ونشر الإعلان الشيء الذي سيمكن إذا ما تم في غضون الأسابيع القادمة من تفادي سنة مسرحية بيضاء. وفي نفس الإطار يرى المخرج المسرحي عبد القادر أطويف أن ملامح موسم مسرحي أبيض أو “أسود” تؤرق الفنانين وتطرح الكثير من الأسئلة عن توفر وزارة الثقافة على تصور واستراتيجية واضحة تحفظ كرامة الفنان. ودعا ذات المتدخل مختلف المؤسسات المعنية، من قطاعات حكومية ومؤسسات عمومية وجماعات ترابية، إلى إيلاء الموضوع ما يستحقه من اهتمام خاصة الجماعات الترابية التي عليها المساهمة بدروها في خلق فرص شغل للفنانين ودعم الفرق المسرحية على مستوى الجماعات والأقاليم والجهات. ومن جانبه أكد توفيق شرف الدين، رئيس الفرع الجهوي النقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية، أن المكتب الوطني للنقابة راسل رئيس الحكومة بشأن اتخاذ إجراءات لتمكين الفنانين من الاستفادة من مساعدات مالية في ظل توقف مختلف الأنشطة الثقافية والفنية على الصعيد الوطني. وأضاف أن الفنانين انخرطوا في المجهودات التي تقوم بها مختلف المؤسسات والسلطات العمومية من خلال المساهمة عبر التحسيس والتوعية بخطورة فيروس كورونا وضرورة احترام التدابير الاحترازية التي اتخذتها السلطات المعنية. ودق الحسين الشعبي ناقوس الخطر الذي يهدد فناني الأداء في لقمة عيشهم نتيجة إغلاق جميع قاعات العروض من دور الثقافة والسينما والمسارح، مشيرا إلى أن النقابة وجهت رسالة ومذكرة لرئيس الحكومة سعد الدين العثماني تبسط فيهما الظروف الصعبة التي يعانيها مهنيو الفنون الدرامية. وأشار الشعبي إلى أن رئاسة الحكومة لم تتجاوب بالشكل المطلوب مع النقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية، فرغم تفهمها لوضع الفنان إلا أنها اقترحت طرح الموضوع للدراسة على أنظار لجنة اليقظة. وهو ما يطرح سؤالا عريضا، يضيف الحسين الشعبي، حول مدى اهتمام الحكومة بالفنانين الذين يؤدون أدوارا لا تقل أهمية عن باقي المهن والحرف، وهم اليوم غير قادرون على الوفاء بالتزاماتهم وتغطية الاحتياجات اليومية لأسرهم. وفي ذات السياق يرى المخرج المسرحي هشام ابن عبد الوهاب أنه من الضروري توفر إرادة سياسية حقيقية لصيانة كرامة الفنانين وحمايتهم بالعمل على إخراج قانون الفنان إلى حيز الوجود وتنزيل مختلف مقتضياته التي ستمكن الفنان في مختلف مناحي الإبداع من العمل والإنتاج في ظروف أفضل. وتساءل ابن عبد الوهاب عن إدراك الحكومة والوزارة الوصية على قطاع الثقافة لأهمية الفن ودوره المحوري في أي مجتمع، مثيرا سؤالا عريضا حول الأسباب التي دفعت بالعشرات من الفنانين من خريجي المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي للهجرة للعمل بإحدى دول الخليج وهو ما يعني خسارة البلاد لهذه الكفاءات التي يمكنها أن تدرس المسرح إذا ما أدرجته وزارة التربية الوطنية كمادة مستقلة تدرس بمختلف المؤسسات التعليمية. من جانبه دعا المخرج المسرحي عمر ميارة الجماعات الترابية لتخصيص اعتمادات مالية ضمن ميزانياتها لتمويل مشاريع بناء وتجهيز مسارح وقاعات العروض بالمدن والقرى وفق نفس التصور الذي اعتمدته وزارة الشباب والرياضة في برنامج ملاعب القرب سعيا للرفع من الذائقة الفنية للمواطنين وتمكينهم من الاستمتاع بالإبداعات الفنية بمختلف أشكالها وتعبيراتها. واعتبر ميارة أن المديريات الإقليمية والجهوية لوزارة الثقافة قامت بمجهودات مهمة لدعم الأنشطة الثقافية والفنية، لكن ظلت الجماعات الترابية الغائب الأكبر باستثناء جهة العيون الساقية الحمراء التي ساهمت في دعم المكون الثقافي من النموذج التنموي للجهة الذي تم تنفيذه خلال السنة الماضية ولازال الفاعلون في المجال الثقافي والفني ينتظرون الشروع في برنامج السنة الجارية وعدم تأخيره حتى يساهم من تخفيف الآثار السلبية لجائحة كورونا على المبدعين. وثمن المشاركون في هذه الندوة مبادرة المديرية الجهوية للثقافة لجهة العيون الساقية الحمراء بفتح النقاش حول المسرح الحساني بمناسبة تخليد اليوم الوطني للمسرح وعملها على تسجيل ثماني مسرحيات حسانية قامت ببثها على صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي، ودعا هؤلاء وزارة الثقافة والشباب والرياضة والشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة إلى العمل على تسجيل الأعمال المسرحية المنتجة بمختلف جهات المملكة خلال السنتين الأخيرتين بدون جمهور وبثها على شاشات القنوات الوطنية الشيء الذي سيوفر فرص عمل للمشتغلين في القطاع ويمكن الجمهور من الاستمتاع بالإنتاجات المسرحية التي تألقت وطنيا وعربيا وحازت العديد من الجوائز في مهرجانات وطنية ودولية.