ما يزال الجدل مثارا حول قرار الاغلاق الليلي الذي أعلنته الحكومة المغربية طيلة شهر رمضان من الساعة الثامنة مساء حتى السادسة صباحاً، بمبرر التخوف من تدهور الوضعية الوبائية ذات صلة بكورونا، حيث ارتفعت الأصوات كثيرا للمطالبة برفع هذا الإغلاق لأجل أداء صلاة التراويح، وصلت لدرجة نزول العشرات من المصلين إلى الشارع في بعض المدن لأداء هذه الشعيرة تحديا لقرار الحكومة. وتداولت حسابات وصفحات على منصات التواصل الاجتماعي صورا ومقاطع فيديو تبرز قيام مجموعة من الناس بأداء صلاة التراويح في الساحات العامة وأمام المساجد المغلقة بمدن كطنجة وتطوان وفاس والدارالبيضاء والجديدة ومراكش. وبالأمس مثلا، حركت النيابة العامة لدى ابتدائية فاس، المتابعة القضائية في مواجهة عدد من الأشخاص ممن قاموا بخرق حالة الطوارئ الصحية لأداء صلاتي العشاء والتراويح أمام مسجد أهل الله بحي زواغة بمدينة فاس، حيث تمت متابعتهم في حالة سراح، بعد الإفراج عنهم ومثولهم أمامه المكحمة الابتدائية وقضائهم لفترة الحراسة النظرية، إثر توقيفهم، ليلة الجمعة صباح السبت. إلا أن هذه التحركات أثارت اللغط لتزامنها مع المواقف التي خرجت بها جماعة "العدل والإحسان" المحظورة، حيث أثيرت المسؤولية المباشرة لأعضاءها في تنفيذ هذا التحدي و'العصيان' لقرار الحكومة، خاصة وأن عددا من قيادييها خرجوا طيلة هذه الأيام يعلنون عن تضامنهم مع تلك الخطوات ويطالبون بفتح المساجد رغم الوضعية الوبائية. وما يؤكد ذلك هو استباق محمد حمداوي، عضو مجلس إرشاد الجماعة قرار الإغلاق الليلي خلال رمضان بخطاب تحريضي يعتبر فيه أن قرار الإغلاق الليلي هو "منع لصلاتي الصبح والعشاء والتراويح في رمضان" وأن الخطوة الحكومية "تستهدف دين المغاربة وعقيدتهم" على حد تعبيره. حمداوي وفي مقطع صوتي نشر على صفحته الرسمية على فيسبوك قال: "إذا صح وكان الهدف هو تعطيل الصلاة فهو استهداف ممنهج لدين المغاربة، واستهداف لدين الإسلام واضح لا لبس فيه". أما محمد عبادي، الأمين العام للعدل والإحسان، فنشر مقطع فيديو يتم تداوله بين حسابات أعضاء الجماعة في مواقع التواصل الاجتماعي، يصف فيه إجراءات الحكومة كونها "اجراءات ظالمة مانعة لصلاة التراويح ومضيقة على الأرزاق" على حد تعبيره. في سياق ذلك، كشفت مصادر إعلامية محلية إلقاء السلطات الأمنية بعدة مدن، من بينها فاس، لمجموعة من المواطنين بعد خروجهم لأداء العشاء والتراويح في باحة مسجد لمدة أربع أيام متتالية من ليالي رمضان، فيما عرفت المنطقة إنزالاً أمنياً مكثفاً، بعدما حاول أشخاص تنظيم مسيرة احتجاجية ضد قرار عدم إقامة صلاة التراويح، الأمر الذي دفع القوات العمومية إلى منعهم، تماشياً وقرارات حالة الطوارئ الصحية المفروضة منذ مدة. مقابل ذلك، خرجت أصوات تعارض تلك التصرفات، كونها متطرفة بلغت حد استغلال حالة الطوارئ لتمرير خطابات سياسية ودينية تنهل من قاموس التكفير غير المباشر للدولة والحكومة، حيث دافعوا عن قرار الدولة لأنها "تحاول منذ سنتين تطبيق مقصد من مقاصد الشريعة الكبرى، وهو حفظ النفس وحفظ أرواح المواطنين من الضياع بسبب انتشار الوباء". كما كتب أحد المتتبعين أن الغرض من تلك الاحتجاجات والسلوكات المتحدية لقرار الحكومة ليس بالبريئة ولا تروم التراويح "لأن هاته السُّنَّة الرمضانية قابلة للتطبيق في المنازل ولا يمكن منع أحد منها"، كما "اتضح من خلال ما وقع في تجمهر صغير هنا في مدينة أو قرية، أو مسيرة محدودة هناك في هذا المكان أو ذاك، أن القصة لا علاقة لها بالغيرة على الدين وما إلى ذلك من الشعارات التي يرفعها بعض الكذبة المزايدين وهم ينتقدون قرار منع التنقل الليلي بسبب انتشار الوباء في ظل عدم تحمل البلد لتكلفة مع التنقل نهاراً أيضاً.. بل اتضح أن هناك من يريد الركوب على هاته هي الأخرى، وإن أضروا بصحة الناس العامة وألقى بعموم المسلمين – الذي يدعي أنه يغار عليهم – إلى التهلكة".