سُجنت السيدة الأمريكية ساندرا هيمي ل43 عاماً بتهمة القتل، قبل أن تجد السلطات دليلاً يبرّئها من تهمة القتل رغم إدانتها بها؛ لتصبح بذلك صاحبة أطول سجن بالخطأ لامرأة في أمريكا. أُدينت "هيمي" بجريمة القتل في العام 1981 بينما كان عمرها 20 عاماً، حيث صادف وجودها قرب مسرح الجريمة خلال خروجها من عملها، فألقي القبض عليها وحكم القاضي بسجنها مدى الحياة. لكن؛ وبعد 43 عاماً من السجن، وجدت السلطات دليلاً أكيداً على براءتها من جريمة القتل، وتبين أن القاتل هو ضابط شرطة، ولن يتم عقابه، إذ مات بالفعل بسبب الشيخوخة، أما السيدة "هيمي" البالغ عمرها الآن 64 عاماً فتنال حريتها أخيراً بعد 43 عاماً من السجن في جريمة لم ترتكبها. صاحبة أطول سجن بالخطأ لامرأة في أمريكا مشروع البراءة (Innocence Project)، وهو منظمة غير ربحية تهدف إلى إثبات براءة الأشخاص الذين يقول إنهم أُدينوا خطأ، قال إنه تقدم بطلب إلى محكمة دائرة مقاطعة ليفينغستون في العام 2023، لاتهام الشرطة مجدداً بأنها استغلت صحة "هيمي" النفسية وضغطت عليها للإدلاء بتصريحات كاذبة؛ ما أدى إلى سجنها ظلماً. قال المشروع إن هذا يعتبر أطول حكم سجن بالخطأ لامرأة في تاريخ أمريكا تقضيه سيدة، حسب البيانات المسجلة. كانت "هيمي" تبلغ من العمر 20 عاماً عندما أدانتها شرطة ولاية ميزوري في جريمة القتل، وحكم ضدها بالسجن المؤبد، وهي عقوبة كانت تقضيها حتى ثبتت براءتها وألغي الحكم في 13 يونيو من العام 2024، أي بعد 43 عاماً. أمر القضاء بإطلاق سراحها في غضون 30 يوماً ما لم يقم المدعون بمحاكمتها، وأشارت وكالة الصحافة الفرنسية (أ. ف. ب) عند نشر الخبر أنه من غير المؤكد ما إذا كانت "هيمي" ستُحاكم مجدداً أم سيُطلق سراحها على الفور. وعادةً ما يتم إطلاق سراح الأشخاص البريئة إذا لم تكن هناك خطط لاستئناف القرار أو إعادة فتح القضية، فيما يجب أن تتلقى إدارة السجون بياناً كتابياً بذلك من جميع الأطراف المعنية، حسب وكالة أنباء "أسوشيتد برس". قال محامو "هيمي" و"مشروع البراءة" إنها كانت تعاني من مشاكل نفسية وتتلقى علاجاً نفسياً منذ أن كان عمرها 12 عاماً، وأنها كانت مُخدّرة بشدة من تأثير الأدوية التي كانت تتلقاها، خلال بعض جلسات التحقيق مع الشرطة. إذ كانت تتلقى علاجات من أدوية مضادة للاكتئاب تسببت في تشنجات عضلية غير إرادية، لدرجة أنها لم تستطع رفع رأسها وكانت تحتاج إلى أن تُربط بكرسي في بعض جلسات التحقيقات مع الشرطة. كما قال محامو "هيمي" إن تصريحاتها تعارضت مع المعلومات التي عثرت عليها الشرطة في جريمة قتل "باتريشيا جيشك"، التي وُجدت جثتها في منزلها في سانت جوزيف، ميزوري، حيث كانت يداها مربوطتين خلف ظهرها بحبل هاتف. كما بدت "هيمي" مشوشة عقلياً خلال التحقيقات، ولم تكن قادرة على فهم جميع أسئلة الشرطة، وقدمت تصريحات متناقضة بشكل كبير، حيث اتهمت مرة رجلاً بالقتل، ولكنه كان في مركز علاج الكحول في مدينة أخرى في ذلك الوقت، كما أشار محاموها. لكن مع استمرار التحقيقات اعترفت "هيمي" للشرطة بأنها قتلت "جيشك"، رغم أنها لم تفعل. فيما قال "مشروع البراءة" إنها خضعت لمحاكمة استمرت يوماً واحداً في ربيع العام 1981. أًدينت في البداية "بالإعدام" بتهمة القتل العمد، لكن بعد الاستئناف رفض الحكم، وتم الحكم عليها بالسجن المؤبد في العام 1985. لكن شهادتها كانت غامضة لدرجة أن القاضي رفض طلبها في البداية، حسبما ذكرته صحيفة St. Joseph News-Press في ذلك الوقت. كانت "هيمي" قد غادرت مستشفى ولاية سانت جوزيف قبل يوم واحد من العثور على "جيشك" ميتة خنقاً في نوفمبر/كانون الثاني 1980، حسب الصحيفة نفسها. ثم بدأت الشرطة في التحقيق مع "هيمي"، بعد حوالي أسبوعين من جريمة القتل، وذلك بعدما أبلغ عن حملها سكيناً وتوجهها إلى منزل إحدى ممرضاتها السابقات، حسب "أ ف ب". أعادت الشرطة "هيمي" إلى المستشفى، حيث تلقت علاجاً لهلوسات السمع والشعور بالانعزال وسوء استخدام المخدرات. قال مشروع البراءة إنه لم يكن هناك دليل يربط "هيمي" بموقع الجريمة، ومع ذلك، قبل القاضي اعترافها بالذنب في نهاية المطاف. القاتل ضابط شرطة ولم ينل عقابه قال "مشروع البراءة" إنه في مارس 2023 جمع أدلة تُظهر أن "هيمي" بريئة وأن الجريمة ارتُكبت فعلياً بواسطة مايكل هولمان، الذي كان ضابط شرطة في سانت جوزيف في وقت وفاة "جيشك". المنظمة غير الربحية قالت إن الشرطة أخفت أدلة تربط ضابط الشرطة الذي توفي في عام 2015، بالجريمة. حاولت صحف مثل صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية الحصول على رد من الشرطة على اتهامها بالتستر على جريمة ضابط شرطة، ولكنها لم ترد للصحيفة. هذا الضابط كان قد اعتُقل بعد حوالي شهر من جريمة القتل في تهمة "تقديم بلاغ كاذب عن سرقة شاحنته النقل لجمع تعويض تأميني". وقد تم رصد الشاحنة المذكورة بالقرب من موقع الجريمة. كذلك؛ حاول هذا الضابط استخدام بطاقة الضحية "جيشك" في متجر للكاميرات في مدينة كانساس سيتي، ميزوري، وذلك في اليوم نفسه الذي عُثر فيه على جثتها. لكن الضابط المتهم في القتل قال إنه وجد البطاقة في حقيبة يد ملقاة على الطريق. أيضاً وجدت الشرطة أثناء تفتيش منزل هولمان، زوجاً من أقراط قال والد "جيشك" إنه كان قد اشتراه لابنته، كما وجدت مجوهرات سُرقت من امرأة أخرى خلال عملية سرقة في وقت سابق من ذلك العام. ورغم كل هذه الأدلة، تم إنهاء التحقيق المستمر لمدة أربعة أيام مع هولمان بشكل مفاجئ. عقود من السجن بالخطأ في أمريكا أظهرت دراسة عام 2020 أن أكثر من نصف الإدانات الخاطئة نتجت عن "إساءة تصرف" من قبل الحكومة، وهو الأمر الذي جادل محامو "هيمي" بأنه ينطبق على قضيتها، حسب شبكة CNN الأمريكية. في يوليو العام 2023، جرى إطلاق سراح جلين سيمونز، بعد أن أمضى 48 عاماً في أحد سجون أوكلاهوما في أطول قضية براءة خاطئة في تاريخ الولاياتالمتحدة. وفي العام 2022، تم إطلاق سراح فينسنت سيمونز، الذي كان مسجوناً في لويزيانا لأكثر من 44 عاماً بتهمة محاولة الاغتصاب المشددة.