في رسالة سامية موجهة بتاريخ العشرين من يونيو 2024 إلى رئيس الحكومة السيد عزيز أخنوش، أكد صاحب الجلالة الملك محمد السادس على الأهمية الاستراتيجية للإحصاء العام للسكان والسكنى المقرر إجراؤه في الفاتح شتنبرمن السنة الجارية. وتأتي هذه الرسالة الملكية لتسلط الضوء على الأبعاد المختلفة لهذا الإحصاء ودوره الحيوي في التنمية الشاملة والمستدامة للمملكة المغربية. الإحصاء كأداة لتحقيق المشروع المجتمعي والنموذج التنموي: شدد الملك محمد السادس على أن الإحصاء العام للسكان والسكنى يعتبر أداة أساسية لتجسيد المشروع المجتمعي المغربي وتحقيق النموذج التنموي الذي يرتكز على مبادئ الديمقراطية السياسية، والنجاعة الاقتصادية، والتنمية البشرية، والتماسك الاجتماعي والمجالي. وأكد جلالته أن هذا الإحصاء، الذي يُنظم كل عشر سنوات، يمكن المملكة من فهم التطور الديموغرافي والسوسيو-اقتصادي بشكل دقيق، مما يتيح إعداد السياسات الملائمة التي تستجيب للاحتياجات المتغيرة للمواطنين. التكنولوجيا والابتكار في خدمة الإحصاء: ضمن سياق تعزيز جودة البيانات المجمعة، دعا الملك إلى اعتماد الوسائل التكنولوجية الحديثة في عملية جمع ومعالجة البيانات. وأوضح جلالته أن هذه المقاربة الخلاقة تهدف إلى تحسين دقة البيانات وزيادة مصداقيتها، مما يعزز من فعالية النتائج التي سيتم استخدامها في رسم السياسات العامة. هذا التوجه يعكس رؤية الملك نحو تبني الابتكار والتكنولوجيا في مختلف المجالات لتحقيق التنمية المستدامة. توسيع مجالات البحث لتشمل الحماية الاجتماعية: أشار الملك محمد السادس إلى أهمية توسيع مجالات البحث في هذا الإحصاء لتشمل موضوعات جديدة ذات أهمية كبرى، كالمشروع المجتمعي المخصص لتعميم الحماية الاجتماعية. هذه الخطوة تعكس اهتمام المملكة بتعزيز البنية الاجتماعية للحفاظ على الأمان وضمان توفير الحماية الاجتماعية لكافة المواطنين، مما يتماشى مع رؤية جلالته لتحقيق تنمية شاملة ومستدامة. أهمية الإحصاء على المستويين الوطني والدولي: حيث أكد الملك على الأهمية الاستراتيجية للإحصاء العام، ليس فقط على المستوى الوطني، بل أيضا على المستوى الدولي. فهو يعتبر أداة حيوية للمؤسسات الوطنية والدولية، والفاعلين السياسيين والاقتصاديين والنقابيين، والمجتمع المدني، والأسر المغربية، والجاليات الأجنبية المقيمة بالمغرب. هذه الشمولية تعكس رؤية الملك نحو تحقيق تنمية تشمل كافة مكونات المجتمع. تعبئة شاملة وتنسيق محكم لضمان نجاح العملية: دعا الملك إلى تعبئة شاملة لكافة الموارد البشرية واللوجستية لضمان نجاح هذا الاستحقاق الوطني الكبير. وشدد على ضرورة التنسيق المحكم بين جميع الإدارات والمؤسسات العمومية والمصالح اللاممركزة، بالإضافة إلى السلطات والجماعات الترابية والجهوية والإقليمية والمحلية. هذا التنسيق يعكس حرص جلالته على تحقيق تكامل وتعاون فعال بين مختلف الجهات لضمان نجاح العملية. التعاون والمشاركة الفعلية من المواطنين: دعا الملك المواطنين إلى التعاون التام والمشاركة الفعلية في هذه العملية ذات النفع العام. وأكد على أهمية معالجة البيانات بسرعة وتمكين أصحاب القرار من الوصول إلى نتائجها واستخدامها في أقرب الآجال لتحديد الاتجاهات الناشئة وبلورة السياسات العامة المناسبة. هذا التعاون يعكس الثقة المتبادلة بين القيادة والشعب في تحقيق أهداف التنمية المستدامة. ختاما، يمكن القول بأن مضامين هذه الرسالة تعكس رؤية الملك محمد السادس الشاملة والمستدامة لتحقيق التنمية في المغرب، والتي ترتكز على الابتكار، والشمولية، والتعاون الفعال بين مختلف الجهات، والاستجابة للاحتياجات المتغيرة للمواطنين.