لقي قرار محكمة العدل الدولية التي أمرت إسرائيل باتخاذ إجراءات لمنع وقوع أعمال إبادة جماعية بحق الفلسطينيين، ترحيبا عربيا ودوليا، في وقت تحدى فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي الجميع، وأعلن مواصلة الحرب على قطاع غزة. ورحب السلطة الفلسطينية وحركة "حماس" والاتحاد الأوروبي وتركيا ومصر وإسبانيا ودول أخرى، إلى جانب صاحبة الدولة جنوب إفريقيا، بقرار محكمة العدل الدولية، في حين صعد وزراء حكومة الاحتلال من خطاباتهم وتهديداتهم ردا على المحكمة، متهمينها ب"معاداة السامية". نتنياهو يتحدى الجميع وأوضح نتنياهو في بيان متلفز، تعليقا على قرار المحكمة أن تل أبيب "ستواصل الحرب" على غزة، مضيفا: "إن إسرائيل تخوض حربا، لا توجد حرب أكثر عدالة منها"، مشيرا إلى أن المحكمة "لم تطلب من إسرائيل وقف إطلاق النار". وأضاف: "مثلها مثل أي دولة أخرى، إسرائيل تتمتع بالحق الأساسي في الدفاع عن نفسها"، زاعما أن "المحكمة في لاهاي رفضت الطلب التافه بحرماننا من هذا الحق"، في إشارة إلى عدم طلب المحكمة وقف إطلاق النار. وأدان نتنياهو أدان قرار المحكمة قبولها البت في شكوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل، بتهمة ارتكاب "جرائم إبادة جماعية" في قطاع غزة. وتابع: "مجرد الادعاء بأن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية بحق الفلسطينيين ليس كاذبا فحسب، بل أمر شنيع، واستعداد المحكمة لمناقشة هذا الأمر يشكل وصمة عار لن تمحى لأجيال عديدة"، وفق تعبيره. وأردف قائلا: "نحن نخوض حربا عادلة، وسنواصلها حتى تحقيق النصر الكامل، حتى نهزم حماس ونعيد جميع المختطفين ونضمن بأن غزة لن تشكل أبدا تهديدا على إسرائيل". وزعم "التزام إسرائيل بالقانون الدولي"، مشيرا إلى أن حكومته "ستواصل تسهيل إدخال المساعدات الى غزة". وادعى نتنياهو، أن "التزام إسرائيل بالقانون الدولي لا يتزعزع، وبالمثل فإن التزامنا المقدس لا يتزعزع بمواصلة الدفاع عن بلدنا والدفاع عن شعبنا". وأردف: "سوف نستمر في تسهيل المساعدات الإنسانية، وبذل قصارى جهدنا لإبعاد المدنيين عن الأذى، حتى عندما تستخدم حماس المدنيين دروعا بشرية"، وفق نعبيره. وزراء الاحتلال يصعدون ورغم أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو طلب من الوزراء عدم التعقيب على قرار محكمة العدل الدولية، وفق ما أعلنته هيئة البث الإسرائيلي (رسمية)، إلا أن وزراء في حكومته علقوا على القرار. واتهم وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، محكمة العدل الدولية بأنها "معادية للسامية"، وزعم أن قرارها يثبت أنها "لا تسعى إلى العدالة". من جانبه، قال وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، إن على قضاة محكمة العدل الدولية في لاهاي الذين وصفهم ب"القلقين" على سكان غزة، دعوة الدول لاستقبالهم والمساعدة في بناء غزة. جاء ذلك بالرغم من أن محكمة العدل الدولية لم تصدر أوامر لإسرائيل بوقف عملياتها العسكرية في غزة، واكتفت بإلزام إسرائيل باتخاذ مزيد من الإجراءات لحماية الفلسطينيين. ترحيب فلسطيني بالمقابل، رحب وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي بالإجراءات المؤقتة التي أمرت بها محكمة العدل الدولية، قائلا إن قضاة المحكمة حكموا لصالح الإنسانية والقانون الدولي. ودعا المالكي جميع الدول إلى ضمان تنفيذ جميع التدابير المؤقتة التي أمرت بها المحكمة، بما في ذلك إسرائيل، مؤكدا أن هذا تعهد قانوني ملزم، مشيرا إلى أن قرار المحكمة يثبت أن "لا دولة فوق القانون". من جهته، قال رئيس الدائرة السياسية لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" في الخارج، سامي أبو زهري، لوكالة رويترز، إن قرار محكمة العدل الدولية تطور مهم يسهم في عزل إسرائيل وفضح جرائمها في غزة، داعيا لإلزام الاحتلال بتنفيذ قرارات المحكمة. الاتحاد الأوروبي يتوقع تنفيذا فوريا وقال الاتحاد الأوروبي في بيان له، إنه يتوقع تنفيذا كاملا وفوريا وفعالا لقرارات محكمة العدل الدولية بشأن اتخاذ إسرائيل إجراءات فورية في غزة تحمي الفلسطينيين. وأوضح الاتحاد الأوروبي أن حق طرفي الدعوى بتقديم حجج تشكك بموضوعية القرار لا يؤثر على ضرورة تنفيذ الإجراءات المؤقتة التي طالبت بها المحكمة الدولية. كما رحب رئيس الوزراء الإسباني، بيدرو سانشيز، بقرار محكمة العدل الدولية حول الدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل، مشددا على ضرورة تنفيذ التدابير المؤقتة التي فرضتها المحكمة. وأضاف أن بلاده ستستمر بالدعوى إلى إقامة دولة فلسطينية وإدخال المساعدات الإنسانية لقطاع غزة وإطلاق سراح المحتجزين. ترحيب عربي-إسلامي وأشاد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بقرار محكمة العدل الدولية، مشددا على أن بلاده ستواصل العمل مع الفلسطينيين للوصول لوقف إطلاق النار وضمان طريق السلام الدائم. ورحبت وزارة الخارجية المصرية بقرار المحكمة، لافتة إلى أنها تتطلع لمطالبة المحكمة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة، كما حكمت في قضايا مماثلة، مشددة على ضرورة احترام قرارات المحكمة الدولية وتنفيذها. كما هنأ وزير خارجية إيران حسن أمير عبد اللهيان، جنوب أفريقيا على نجاحها أمام محكمة العدل الدولية في رفع دعوى ضد إسرائيل، مؤكدا دعم إيران لها. وأضاف أنه يجب تقديم مسؤولي النظام الإسرائيلي للعدالة فورا لارتكابهم جرائم إبادة جماعية وجرائم حرب ضد الفلسطينيين، مشيرا إلى أن دعم البيت الأبيض الشامل لجرائم إسرائيل لن يُنسى أبدا، وفق تعبيره. موقف جنوب إفريقيا ورحبت جنوب إفريقيا بالإجراءات المؤقتة التي فرضتها المحكمة على إسرائيل، واصفة الحكم بأنه "انتصار حاسم لسيادة القانون ومنعطف مهم في البحث عن العدالة للشعب الفلسطيني". وقالت وزيرة خارجية جنوب أفريقيا ناليدي باندور، في مؤتمر صحفي أمام مقر المحكمة في لاهاي، إن بلادها فعلت كل ما يلزم لحماية أرواح آلاف الفلسطينيين في قطاع غزة. غير أنها استدركت بالقول: "كنا نود من المحكمة أن تصدر قرارا بوقف إطلاق النار في غزة"، مشددة على أنه لا يمكن تنفيذ أوامر محكمة العدل الدولية بدون وقف إطلاق النار. وتابعت قولها: "نقف إلى جانب الشعب الفلسطيني وندعوه إلى عدم فقدان الأمل، وعلينا أن ندعو إسرائيل للالتزام بالقانون الدولي، وينبغي تطبيق وقف إطلاق النار في غزة ولو بطريقة غير مباشرة". في نفس الصدد، قال رئيس جنوب أفريقيا، سيريل رامافوزا، في مؤتمر صحفي، إن قرارات محكمة العدل الدولية اليوم "انتصار للعدالة"، معتبرا أن تلك القرارات "أثبتت أننا كنا على حق في تقديم الشكوى ضد إسرائيل". وتابع قوله: "على إسرائيل اتخاذ إجراءات لوقف التحريض على الإبادة والسماح بوصول الخدمات الأساسية إلى غزة. إسرائيل تقف اليوم أمام المجتمع الدولي وجرائمها ضد الفلسطينيين واضحة للعيان". واعتبر أنه "منذ أكتوبر الماضي والفلسطينيون ضحية لقصف مستمر دمرت فيه إسرائيل أحياء ومدارس ومستشفيات"، مضيفا: قرار المحكمة ملزم لإسرائيل ويجب احترامه من قبل كل الأعضاء بمعاهدة منع الإبادة الجماعية". ويرى رئيس البلاد أن "شعب جنوب أفريقيا لن يقف متفرجا على جرائم ترتكب بحق شعب آخر"، معتبرا أن قرار محكمة العدل الدولية اليوم يمثل سابقة في مساعي المجتمع الدولي لتحقيق العدالة في غزة. وأردف قائلا: "لن نتراجع عن الحق والعدالة ولا نريد أن تمارس الإبادة الجماعية ضد شعوب أخرى. نؤمن بقوة أنه بعد قرار محكمة العدل لا بد من تنسيق الجهود لوقف إطلاق النار". قرار المحكمة وأمرت محكمة العدل الدولية، اليوم الجمعة، إسرائيل باتخاذ تدابير منع وقوع أعمال إبادة جماعية بحق الفلسطينيين، وتحسين الوضع الإنساني في قطاع غزة، لكن القرار لم يتضمن نص "وقف إطلاق النار". جاء ذلك خلال جلسة عقدتها محكمة العدل الدولية بمدينة لاهاي الهولندية للبت بطلب جنوب إفريقيا اتخاذ تدابير احترازية في دعوى "الإبادة الجماعية" المرفوعة ضد إسرائيل. وصوتت أغلبية كبيرة من أعضاء لجنة المحكمة المؤلفة من 17 قاضيا، لصالح اتخاذ إجراءات عاجلة تلبي معظم ما طلبته جنوب أفريقيا باستثناء توجيه الأمر بوقف الحرب على غزة. وقالت المحكمة في النص الذي تلاه القضاة، إن على إسرائيل أن تتخذ "كل الإجراءات التي في وسعها لمنع ارتكاب جميع الأفعال ضمن نطاق المادة الثانية من اتفاقية الإبادة الجماعية". وأشارت المحكمة إلى أنها تقر بحق الفلسطينيين في غزة في الحماية من أعمال الإبادة الجماعية، مؤكدة أن الشروط متوفرة لفرض تدابير مؤقتة على إسرائيل. وأضافت أن على إسرائيل الالتزام بتجنب كل ما يتعلق بالقتل والاعتداء والتدمير بحق سكان غزة وأن تضمن توفير الاحتياجات الإنسانية الملحة في القطاع بشكل فوري. وبموجب الحكم، أيضا، يتعين على إسرائيل أن ترفع تقريرا إلى المحكمة في غضون شهر بشأن كل التدابير المؤقتة. وشددت المحكمة على إسرائيل بأن تتأكد فورا من أن جيشها لا يرتكب الانتهاكات المذكورة سابقا. وقالت رئيسة المحكمة، القاضية الأمريكية جوان دونوغو، في كلمتها خلال الجلسة: "نؤكد ولايتنا القضائية للبت في دعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل". وأكدت دونوغو أن المحكمة تتمتع بصلاحية الحكم بإجراءات احترازية في قضية "الإبادة الجماعية" المرفوعة ضد إسرائيل. وتابعت: "يجب على إسرائيل أن تتخذ تدابير فورية وفعالة لتمكينها من توفير الخدمات الأساسية والمساعدات الإنسانية التي تشتد الحاجة إليها في غزة".