انسجاما مع شعارات وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة وسعيها الحثيث لجعل التعليم العمومي ذو جودة للجميع، وكونها تجعل من التعليم ضمن أولوياتها وتماشيا مع إيمانها الراسخ أن المدخل الأساسي لأي إصلاح ينطلق من الإهتمام بوضعية الموارد البشرية باعتبارهم العنصر الأساسي لضمان نجاح تنزيل الإصلاح، ولهذا الغرض انكبت الوزارة بمعية شركائها الإجتماعيين (النقابات)، على وضع مبادئ هذا النظام، وبعد خمسين جولة خرج النظام الأساسي إلى حيز الوجود، فبقدر ما يتوفر على بعض نقاط الضوء همت فئات معينة، إلا أن فئة الأساتذة تلقت هذا النظام بكثير من الخيبة والصدمة، خاصة أنه لم يستجب لتطلعاتهم وانتظاراتهم على بساطتها. فانتفضت غضبا واستهجانا على الإقصاء والتهميش الذي طالهم. كانت أولى ردود الفعل صادمة للجميع، فبينما كانت الوزارة تعقد امالها على نجاعة النظام الأساسي في تهدئة و محاصرة الغليان والإحتجاجات التي يعرفها هذا القطاع منذ سنوات خاصة من طرف التنسيقية الوطنية الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد وتنسيقية الأساتذة حاملي الشهادات... بل المثير أن المصادقة على مرسوم النظام الأساسي، أفرز تنسيقات جديدة، ظهرت معالم هذا الرفض في المشاركة الواسعة للأساتذة بمختلف فئاتهم في الإضراب الوطني ليوم 5 أكتوبر 2023م، تزامنا مع اليوم العالمي للمدرس، بعيدا عن أي غطاء نقابي، وتعززت هذه الدينامية في النجاح المبهر للإضراب الوطني الذي دعت إليه التنسيقية الوطنية لأساتذة التعليم الثانوي التأهيلي يوم 11 أكتوبر 2023م ، مدعومة بوقفة احتجاجية أمام المديريات رافعة شعار رفع الظلم والحيف، وهي التي كانت تتمتع في النظام السابق بامتياز الترقية خارج السلم. هذا التحول في مسار الإحتجاجات، دفع الوزارة لدعوة موظفيها للقيام بجولات لشرح واضح ومفصل لمضامين النظام الأساسي..... وقد أورد الأساتذة أن عيوب كثيرة رافقت الصياغة النهائية للنظام الأساسي منها: عدم إدماج الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد في الوظيفة العمومية، و زيادة مهام جديدة دون تعويضات مادية مقابل هذه الأعباء الجديدة، على غرار غياب التحفيز المادي، بحيث ظلت الأجور على حالها في الوقت التي ارتفعت أسعار المواد الغذائية و تغيرت شروط الحياة الجديدة، تكبيل هذه الفئة المهضومة الحقوق بترسانة من العقوبات في حالة تقاعسهم عن القيام بالمهام الجديدة، بالإضافة إلى عدم الاستجابة لمطلب إحداث الدرجة الجديدة لأساتذة الثانوي التأهيلي و حرمان أساتذة حاملي الشهادات من الترقية بالشهادة بدون مبارة. وفي ظل هذا الجدل حول النظام الأساسي بين نساء ورجال التعليم، واستمرار سياسة جر الحبل بين الوزارة والاساتذة، ولنزع فتيل الاحتقان الذي خيم على المدرسة العمومية لسنوات، ولضمان الزمن المدرسي وضمان السير الجيد للمرفق العام، نأمل في مبادرات جادة وحقيقية تضمن العدالة والانصاف والتحفيز المستمر لأسرة التعليم.