وصف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في كلمة ألقاها أمس الجمعة، بمناسبة انعقاد فعالية رفيعة المستوى لإحياء اليوم الدولي الأول لمكافحة كراهية الإسلام (الإسلاموفوبيا)، (وصف) كراهية الإسلام بأنها سم. وكانت الجمعية العامة قد اعتمدت، في مارس 2022، القرار رقم 254/76 لإعلان تاريخ 15 من الشهر نفسه يوما دوليا لمكافحة "الإسلاموفوبيا". وقال غوتيريش إن مسلمي العالم الذين يبلغ عددهم نحو ملياري نسمة هم تجسيد للإنسانية بكل تنوعها، مشيرا إلى أنهم ينحدرون من كل ركن من أركان المعمورة لكنهم يواجهون في كثير من الأحيان تعصبا وتحيزا لا لسبب سوى عقيدتهم. وقال الأمين العام إن الكراهية المتنامية التي يواجهها المسلمون ليست حدثا منعزلا، بل إنها جزء أصيل من عودة القومية الإثنية للظهور وأيديولوجيات النازيين الجدد الذين يتشدّقون بتفوق العرق الأبيض، والعنف الذي يستهدف الشرائح السكانية الأضعف، بمن في ذلك المسلمون واليهود وبعض مجتمعات الأقلية المسيحية وغيرهم. وأضاف غوتيريش أن هناك صلات لا تخفى على أحد تربط بين كراهية الإسلام والتفرقة الجنسانية (أي القائمة على نوع الجنس). وقال "نرى بعض أسوأ الآثار في التمييز الثلاثي الذي تتعرض له النساء المسلمات بسبب نوعهن الاجتماعي وانتمائهن الإثني وعقيدتهن". وقال الأمين العام إن رسالة السلام والتعاطف والتراحم التي جاء بها الإسلام، منذ أكثر من 1400 عام، تشكل إلهاما للناس حول العالم، مشيرا إلى أن كلمة إسلام ذاتها مشتقة من الجذر نفسه لكلمة سلام. وتابع ضمن حديثه أنه رأى بنفسه عندما كان مفوضا ساميا لشؤون اللاجئين، سخاء الدول الإسلامية التي فتحت أبوابها لمن أجبروا على الفرار من ديارهم، في وقت أغلقت فيه دول أخرى كثيرة حدودها، مضيفا أن ذلك السخاء يعد تجليا معاصرا لما جاء به القرآن الكريم في سورة التوبة: "وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْلَمُونَ". وأشار المسؤول الأممي إلى أن هذه الحماية تكفل للمؤمنين وغير المؤمنين على السواء، وتعد تعبيرا مبهرا عن مبدأ حماية اللاجئين قبل قرون من إبرام اتفاقية عام 1951 للاجئين. وأشار الأمين العام إلى خطة عمل الأممالمتحدة لحماية المواقع الدينية، وقال إنها تقدم توصيات ملموسة لدعم الحكومات بحيث يكون باستطاعة كل إنسان التمتع بحقه في ممارسة شعائر دينه بأمان. وتطرق إلى استراتيجية الأممالمتحدة وخطة عملها بشأن خطاب الكراهية، التي توفر إطارا للدعم المقدم للدول الأعضاء في مواجهة هذه الآفة، مع الحرص في الوقت ذاته على احترام حرية التعبير والرأي. وفي إطار "خطتنا المشتركة" تعمل الأممالمتحدة على إبرام الاتفاق الرقمي العالمي من أجل مستقبل رقمي مفتوح وحر وشامل وآمن للجميع، يرتكز إلى حقوق الإنسان. وقال إن الأممالمتحدة تدفع لوضع مدونة لقواعد السلوك لتعزيز النزاهة في الإعلام. وأشار غوتيريش أيضا إلى إعلان "الأخوّة الإنسانية من أجل السلام العالمي والعيش المشترك" – الذي صدر عن قداسة البابا فرنسيس وفضيلة الإمام الأكبر أحمد الطيب شيخ الأزهر – وقال إنه نموذج للتعاطف والتضامن الإنساني. وقال غوتيريش "إن كل الأديان والأعراف العظيمة تنادي بحتمية التسامح والاحترام والتفاهم. وفي الجوهر، نحن بصدد قيم عالمية: فهذه القيم هي روح ميثاق الأممالمتحدة، وهي في صميم سعينا لإعمال العدل وحقوق الإنسان وإحلال السلام". ودعا إلى مواصلة السعي لإعمال هذه القيم وحماية القدسية والكرامة المكفولة لكل حياة بشرية، والتصدي لقوى الانقسام بإعادة تأكيد الإنسانية المشتركة.