دعا أستاذ علم الاجتماع بجامعة محمد الخامس بالرباط، سعيد بنيس إلى إعتبار الفضاء الافتراضي (مواقع التواصل الاجتماعي) فضاء عامّا تسري عليه نفس القوانين والتدابير المتخذة فيما يتعلق بالفضاء العام الواقعي، وذلك حتى يتساوى العنف الرقمي قانونيا مع العنف الواقعي. وأضاف أن الفضاء الافتراضي قد يتحول أحيانا إلى بؤر للتوتر المجتمعي وحروب ذات طبيعة هوياتية، أو ما يمكن تسميته ب"العصيان الافتراضي"، محذرا من أنه إذا انتقل هذا الصراع إلى الواقعي، فإن الأمر سيكون خطرا للغاية وسيصبح التمييز الافتراضي تمييزا واقعيا. جاء ذلك في مداخلة له بعنوان "التمظهرات المجتمعية للتمييز الافتراضي ضد المرأة"، أمس الأربعاء، خلال يوم دراسي نظمه الفريق الاستقلالي بشراكة مع المنظمة الاستقلالية للمرأة، بمجلس النواب، خصص لتقديم مقترح قانون يتعلق بمحاربة العنف ضد النساء بمناسبة اليوم العالمي للمرأة. وأوضح بنيس، أنه مع الانتقال من مجتمع التواصل إلى مجتمع الاتصال ومع تحول المواطن من مواطن واقعي إلى مواطن افتراضي تغيرت طبيعة الفضاء العام فانتقل من فضاء واقعي إلى فضاء افتراضي وصارت التفاعلات الديجيتالية نسخة للمارسات الاجتماعية والتمثلات المجتمعية. وتحدث الأستاذ في علم الاجتماع، عن طبيعة الربرتوار المغربي: (روتيني اليومي – المجموعات الافتراضية: العميقين، المجموعات النسائية، المجموعات الرجالية ...) والذي يمثل فيه «المؤثرون" زوايا صاعدة يفوق عدد مريديها عدد مريدي الزوايا الروحية. وأشار بنيس إلى أن العنف الرقمي يدخل فيما يسميه ب"نيوتمغربيت" وهي "تمغربيت ديجيتالية"، إضافة إلى التنشئة الافتراضية المتوحشة سياسيا وجنسيا وثقافيا، موضحا أن العنف الرقمي والإهانة ضد المرأة خلق بيئة معادية على الشبكة العنكبوتية، تهدف إلى خلق الشعور لدى المرأة بالخجل من نفسها أو الحط من شأنها. ويتجلى ذلك وفقا للخبير ذاته، في التعليقات المسيئة والجنسية أو التهديد والابتزاز الإلكتروني، والقذف والتشهير السيبراني، واختراق الحسابات الشخصية، وانتحال الهوية الإلكترونية للحصول على معلومات، واللجوء للصور المحرجة بغرض نشرها أو ابتزاز صاحبتها وتشويه سمعتها. في هذا السياق، دعا أستاذ علم الاجتماع بجامعة محمد الخامس، إلى إحداث مرصد وطني ضد خطاب الكراهية من أجل ضبط المعجم والسلوكات التي تدخل في إطار العنف الافتراضي ضد المرأة، وخلق مراكز الاستماع للعنف الافتراضي، والتحسيس بالممارسات والآليات الإجرائية والتدابير القانونية ضد العنف الافتراضي. وحث بنيس في مداخلته على التبليغ عن العنف الافتراضي كسلوك مواطناتي، وضرورة تحسيس المشرع المغربي لشركات الجافا بخصوصية الحالة المغربية، وإعتبار الفضاء الافتراضي فضاء عامّا تسري عليه نفس القوانين والتدابير المتخذة فيما يتعلق بالفضاء العام الواقعي : العنف الرقمي يتساوى قانونيا مع الغنف الواقعي. كما دعا المتحدث إلى ضبط الحقول الدلالية التي ينبغي أن سيتم تجريمها بقوة القانون، مثل العنصرية والازدراء الشكلي ووصف المرأة بأوصاف حيوانية، وتعزيز مسارات المواطَنة، ومأسسة التسامح النوعي من خلال التفاوض المجتمعي، إضافة إلى اعتماد مادة التربية القيمية في المدرسة لتغليب سوق القيم على سوق الشغل والتحسيس بالتمييز الافتراضي. وأشار إلى أن التمييز الافتراضي ضد المرأة يترتب عنه صورة سيئة إزاء المغاربة وكذلك على تنافسية المملكة المغربية، مشددا على ضرورة إيلاء الأهمية للتربية الجنسية وعلاقتها بالتمييز الافتراضي ضد المرأة، وإحداث دليل افتراضي للممارسات الفضلى تجاه المرأة والالتزام به كمرجع للمتابعات القانونية، مع إبداع ميثاق وطني ضد التمييز الافتراضي للمرأة.