أطلق المغرب من خلال وكالة التنمية الرقمية بشراكة مع المديرية العامة للأمن الوطني، أمس الإثنين بالرباط، خدمة التعريف الإلكتروني وإثبات الهوية المرتكزة على البطاقة الوطنية للتعريف الإلكترونية. جاء ذلك في حفل أقيم بالمناسبة بحضور ممثلي العديد من المصالح الوزارية ووكالات التقنين والمؤسسات العمومية والمنظمات والفدراليات المهنية القطاعية. وترتكز هذه الخدمة الجديدة على منصة وطنية موثوق بها، تم تطويرها من طرف المديرية العامة للأمن الوطني لهذا الغرض، وتتيح هذه الخدمة لمختلف الهيئات والمؤسسات العمومية والخاصة التحقق من هوية الأشخاص الذاتيين الراغبين في الولوج إلى الخدمات الرقمية عن بعد. وتقوم هذه الخدمة على التعريف وإثبات هوية مستعملي الخدمات الرقمية، وتوفير المعطيات الشخصية بشكل دقيق من خلال البطاقة الوطنية للتعريف الإلكترونية، والاشتراك والاستفادة من خدمات متنوعة عن بعد. ويندرج إطلاق هذه الخدمة الجديدة، في إطار المجهودات المبذولة والرامية إلى تعزيز الثقة الرقمية وإرساء إطار ملائم قصد تحقيق تنمية رقمية مسؤولة ومندمجة في المغرب. مميزات الخدمة الجديدة تقدم الخدمة الجديدة للمؤسسات العمومية والخاصة المؤهلة باستخدام وثائق بطاقة التعريف الوطنية الإلكترونية، إمكانية تعريف وإثبات المواطنين الذين يلجون إلى خدماتهم عبر الإنترنت. هذه منصة تقدم للمؤسسات والمواطنين إطارا رقميا لخدمات التحقق من الهوية. وفي هذا السياق، تتيح المنصة ضمان شكل من أشكال الاعتراف المتبادل بين مقدم الخدمة والمواطن، من خلال إعطاء مضمون لمفهوم الهوية الرقمية لبطاقة التعريف الوطنية الإلكترونية. المنصة الوطنية قادرة على تأكيد هوية المستعمل وتدبير الإثبات وفقا للمستوى الذي تتطلبه الخدمة، ومعالجة موافقة المواطنين وضمان أمن المعطيات الشخصية التي تحملها بطاقة التعريف الوطنية الإلكترونية، أثناء نقلها إلى مقدم الخدمة المستخدمة. وبالإضافة إلى الخدمات الرئيسية للنواة المركزية، توفر هذه الخدمة وظائف تدبيرية بناء على معايير معترف بها، من حيث متطلبات الأمان وحماية المعطيات الشخصية. وتعنمد الخدمة على جهاز "إثبات متعدد العوامل" الذي يسمح اباعتماد العديد من أنظمة الإثبات متعدد العوامل، والتي قد تكون خاصة بالخدمات وسياقات الاتصال، ويملك مزود الخدمة إمكانية اختيار وسائل الإثبات المصرح لها للولوج إلى خدماته، ويمكنه أيضا تكييفها وفقا لمستويات الولوج المطلوبة. وتتيح الخدمة إمكانية الاستخدام من نقاط ولوج مختلفة، حيث بناء على خصائص البطاقة الجديدة والإطار القانوني للقانون الجديد رقم 04-20، أصبح من الممكن الآن لأي مواطن مغربي تقديم بطاقته كدليل على الهوية، وقراءتها باستخدام المعدات المناسبة من قبل الوكلاء والمنظمات المخولة من قبل المديرية العامة للأمن الوطني لاستخدام البطاقة ومعطياتها. ويكون هذا الاستخدام في الحالة الأولى، في الوجود المادي لصاحب بطاقة التعريف الوطنية الإلكترونية، لدى وكيل مؤسسة مرخص لها مثل إدارة أو بنك أو مشغل اتصالات أو أي شخص آخر مؤهل وفي الحالة الثانية يكون من المنزل أو أثناء التنقل، من خلال تقديم بطاقتهم إلى قارئ متصل بجهاز الحاسوب الشخصي، أو هاتف ذكي مزود بقارئ تقنية التواصل قريب المدى (إن إف سي NFC)، وهو حال معظم الهواتف الذكية المتداولة في المغرب. الخدمات المقدمة تقدم هذه الخدمة الجديدة للمواطنين تطبيق هاتف محمول مخصص "هويتي الرقمية" الذي يوفر وصولا موحدا لخدمات الهوية الرقمية، بالإضافة إلى بوابة "www.identitenumerique.ma" لتدبير الهوية الرقمية. ولمقدمي الخدمات، تلبي المنصة الاحتياجات الأساسية لمقدمي الخدمة في مجال تدبير الهوية والولوج. وبالتالي يسمح لهم بالتحقق من صحة الوثيقة المستخدمة، سواء كان حامل البطاقة الذي يجري المعاملة أو ما إذا كانت البطاقة صالحة ولم يتم إلغاؤها بسبب إعلان السرقة أو الضياع أو الوفاة، وكذلك ضمان التفرد عند الولوج إلى الخدمة وقراءة المعطيات الشخصية للمواطن والاحتفاظ بإثبات رقمي لعملية الإثبات. وبخصوص مستقبل المنصة، تم حاليا إنتاج 9 ملايين بطاقة تعريف وطنية إلكترونية 2 وهي قيد التداول، حيث يمكن لهؤلاء التسعة ملايين مواطن الاستفادة من الخدمات باستخدام المنصة. كما ستدعم المنصة، في نسختها الجديدة، من أجل ضمان الإدماج العام للسكان والولوج العادل إلى الخدمات عبر الإنترنت، بطاقات الجيل القديم (بطاقة التعريف الوطنية الإلكترونية 1). وسيكون هذا الإدماج، الذي سيتم خلال العام الحالي، شفافا لمقدمي الخدمات (لم يتم إجراء أي تعديل على عمليات الدمج)، حيث سيدعم تطبيق الهاتف المحمول "هويتي الرقمية" وسائط بطاقة التعريف الوطنية الإلكترونية 1 وبطاقة التعريف الوطنية الإلكترونية 2 بطريقة شفافة. وبذلك ستكون المنصة في متناول جميع سكان المغرب وسيستفيدون من الخدمات التي تقدمها. وتتمتع بطاقة التعريف الوطنية الإلكترونية 2 أيضا على قدرات تشفير متقدمة (شهادات رقمية مدمجة في رقاقتها) ، وتوفر إمكانية إجراء "التوقيعات الرقمية". وبدأ مشروع تأهيل بطاقة التعريف الوطنية الإلكترونية 2 كآلية مادية للتوقيع الرقمي مع المديرية العامة لأمن نظم المعلومات (DGSSI). وسيسمح هذا في النهاية للفاعلين (مقدمي خدمات التوقيع) بتقديم مستويات مختلفة من التوقيعات باستخدام قدرات بطاقة التعريف الوطنية الإلكترونية 2. إدارة رقمية في خدمة المواطن المدير العام لوكالة التنمية الرقمية، محمد الادريسي الملياني، قال خلال حفل الإطلاق، إن جائحة "كوفيد 19" أظهرت أن التحول الرقمي يكتسي طبيعة استعجالية، لأنها كشفت المهارات الرقمية للإدارات والمواطنين والمقاولات. وأضاف أن هذه الآلية الجديدة، التي توجد في قلب عملية تطوير الرقمنة، تشكل شرطا أساسيا لظهور إدارة رقمية في خدمة المواطن واقتصاد تنافسي ومجتمع متصل وتكاملي. وأوضح أنه من خلال مكافحة الجرائم الإلكترونية والاحتيال وحماية المعطيات الشخصية والحياة الخاصة للمواطنين، تضع هذه الخدمة المواطن في قلب العملية من خلال إتاحة الفرصة لمقدمي الخدمات، في القطاع العمومي والخاص، للاستفادة من منصة وطنية موثوق بها لتحويل مسار المستخدمين الخاصة بهم، مؤكدا التزام الوكالة من خلال مقاربة تشاركية لدعم جميع مكونات المنظومة الرقمية في العملية لتقديم خدمة رقمية مبتكرة وفعالة وآمنة. من جانبه، قال مدير نظام المعلومات والاتصال بالمديرية العامة للأمن الوطني لحسن غانيم، إنه مع إزالة الطابع المادي للإجراءات، فإن المؤسسات تتجه إلى البحث عن حلول تقدم الإثبات عبر الإنترنت والتي تجعل من الممكن حماية نفسها من مخاطر انتحال الهوية والاحتيال، مضيفا أن المديرية تقدم اليوم إجابة من خلال ورش تحديث البطاقة الوطنية للتعريف الإلكترونية. وأشار غانيم إلى إنه تم توسيع وظائف البطاقة الوطنية للتعريف الإلكترونية ليس فقط لتأمين الهوية المادية، ولكن أيضا لتحديد الهوية وإثباتها في العالم الرقمي، مما يتيح للمواطنين إقامة علاقات ثقة مع مقدمي الخدمات عبر الإنترنت، سواء في القطاع العام أو الخاص، أخذا بعين الاعتبار أن هذه العلاقة يتم تنظيمها من خلال منصة وطنية موثوق بها، وهي منصة سيادية تضمن العلاقات بمستوى عال من السلامة والشفافية وحماية المعطيات الشخصية. من جهته، قال الكاتب العام للوزارة المنتدبة المكلفة بالانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، أحمد العمومري، إن هذه الخدمة الجديدة "تؤكد التزامنا في الديناميات التي تعيشها المملكة في مجال الابتكار في ما يتعلق برقمنة الخدمات العمومية، وذلك تماشيا مع رؤية صاحب الجلالة الملك محمد السادس، الذي دعا إلى تحقيق تنمية شاملة ومندمجة تتيح للمغرب تبوأ مكانته اللائقة في عالم متحول بفعل الثورة الرقمية". وشدد على أنه من خلال تسهيل الولوج إلى الخدمات، فإن هذه الآلية الجديدة لتحديد وإثبات مستعملي الخدمات الرقمية ستقلص من مخاطر الاحتيال وانتحال الهوية للسماح للمواطنين المغاربة بالتفاعل عبر الإنترنت بشكل آمن وفي احترام للحياة الخاصة، مضيفا أنها تشكل ضمانة للمستخدمين وستجعل من الممكن تسريع تطوير واعتماد خدمات رقمية جديدة. أما رئيس اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي، عمر السغروشني، فذكر بأن اللجنة أصدرت في عام 2020 مشاورة توصي بعدم تخزين معطيات الاستخدام في نفس مكان معطيات تحديد الهوية، ما يسمح بحماية أفضل لمعطيات المواطنين. وسجل أن اللجنة جربت لاحقا حل المديرية العامة للأمن الوطني، التي بدأت بالفعل في العمل على هذا الموضوع ولاحظت أن المنصة الوطنية الموثوق بها كانت تصورا قابلا للتطبيق لصالح العديد من الاختبارات التي أجريت على المؤسسات البنكية وأعطت نتائج مرضية، مضيفا: "اتفقنا على أن استخدام منصة وطنية موثوق بها والمخصصة لتحديد الهوية كان مفيدا للمنظومة الرقمية". وجرى بالمناسبة، التوقيع على اتفاقية شراكة بين وكالة التنمية الرقمية والمديرية العامة للأمن الوطني لتقديم هذه الخدمة الجديدة وتيسير استغلالها في أفضل الظروف.