أثار تقرير المهمة الاستطلاعية المؤقتة بمجلس النواب حول الصفقات التي أبرمتها وزارة الصحة في ظل جائحة "كورونا"، والذي كشف عن جملة من الخروقات القانونية التي ارتكبتها الوزارة، غضب الوزير خالد أيت الطالب، والذي أصدر بلاغا استنكاريا رفض من خلاله ما اعتبره تشويها لسمعة موظفي وزارته من طرف البرلمان. وعبرت وزارة الصحة عن رفضها لما أسمته "الإساءة لأطرها ولشركائها واستنكارها تبخيس النتائج المحققة في مواجهة جائحة كوفيد-19، اعتمادا على تقرير مؤقت"، معتبرة أن تلك النتائج هي التي جعلت المملكة مصنفة ضمن الدول المتقدمة في محاربة الوباء على الصعيد العالمي. واعتبر البلاغ أن ما تم تداوله حول التقرير المذكور تضمن "أخبارا غير صحيحة تتضمن اتهامات تمس بسمعة أطر ومسؤولي وزارة الصحة وتخدش صورة المقاولات الوطنية اعتمادا على تقرير مؤقت وغير نهائي للجنة الاستطلاعية البرلمانية التي شكلت لمراقبة تدبير صفقات اقتناء المعدات والمستلزمات الطبية لمواجهة جائحة كوفيد 19". وأشارت وزارة الصحة إلى "زيف هذه الأخبار المغلوطة والمتحاملة التي بنيت على تسريب غير مشروع وبشكل مخالف للمقتضيات القانونية التي تنظم عمل اللجان الاستطلاعية في إطار الدور الرقابي للبرلمان على عمل الحكومة طبقا لأحكام الدستور والقوانين التنظيمية ذات الصلة"، وفق تعبيرها. إقرأ أيضا: مهمة استطلاعية تفضح وزارة الصحة .. مُحاباة شركات وصفقات بالملايير خارج القانون واعتبرت هذا التقرير المؤقت "يعاني في شكله الحالي من عدة نقائص تقلص من مصداقيته وتفرغه من محتواه وتبعده عن تحقيق الأهداف الأصلية التي كانت وراء تشكيل اللجنة الاستطلاعية، ومنها عدم استكماله لمسطرة المناقشة والمصادقة داخل اللجنة البرلمانية المكلفة وكذا عدم انتظار إدراج رد وزير الصحة على الملاحظات الواردة فيه، بشكل يجعله وجهة نظر البعض أكثر منه عملا مؤسساتيا". وترى وزارة أيت الطالب أن ما تم تداوله يساهم في "زعزعة الثقة في مؤسسات الدولة وتبخيس عمل مسؤوليها وأطرها الذين تجندوا منذ اليوم الأول لمكافحة جائحة كوفيد-19، وتلطيخ سمعة مقاولات وطنية تجندت في عز الجائحة لتزويد المستشفيات بحاجياتها من المعدات والمستلزمات الطبية". وفي هذا الصدد، أوضحت الوزارة أنها "أبرمت صفقاتها طبقا للقوانين والنصوص التنظيمية الجاري بها العمل، كما أنها عملت على تعزيز نظام الرقابة الداخلية لتأطير التسهيلات المسطرية التي فرضتها حالة الطوارئ الصحية التي تمر منها بلادنا". وأضاف البلاغ الذي توصلت جريدة "العمق" بنسخة منه، أن "جميع المقاولات التي تعاقدت مع الوزارة مصرح بها، وأن المستلزمات والمعدات الطبية التي تم اقتناؤها في إطار صفقات كوفيد 19 مسجلة طبقا لمقتضيات القانون 84-12 المتعلق بالمستلزمات الطبية". إقرأ أيضا: تقرير يكشف صرف وزارة الصحة للملايير على كواشف وتحاليل "كورونا" شبه منتهية الصلاحية وبخصوص عدد 45 مقاولة التي أشار إليها التقرير المسرب، أنها غير مصرح بها لدى وزارة الصحة، أشار البلاغ إلى "ورود اسم بعض هذه المقاولات في هذه اللائحة بشكل متكرر، مما يبين عدم تحري الدقة في إدراج أسماء هذه المقاولات وعدم عرض ملاحظات اللجنة على أنظار الوزارة لإبداء جوابها قبل تسريبه". وتابع البلاغ أن "من بين المقاولات التي أشار إليها هذا التقرير المؤقت بشكل مغلوط على أنها غير مصرح بها توجد شركات وطنية رائدة وطنيا وقاريا، منها من أبرم شراكات مع السلطات العمومية في إطار استراتيجية ذات بعد دولي تهدف إلى تحقيق الأمن الصحي وتعزز تموقع بلادنا ضمن نادي الدول المصنعة للقاح. فمن العبث إدراج مقاولات وطنية تضطلع بدور محوري في إطار اتفاقيات دولية مع شركاء المغرب الاستراتيجيين على أنها غير مصرح بها لدى وزارة الصحة". وأعربت الوزارة عن استعدادها الدائم وبكل شفافية إلى التواصل بشأن تدبيرها للجائحة، داعية إلى "تحري الدقة في نشر الأخبار والتوقف عن ترويج المغالطات وإلى تظافر الجهود لاستمرار التعبئة المجتمعية لمحاصرة الوباء وإنجاح حملة التلقيح الوطنية التي تقوم بها منظومتنا الصحية بكل تفان إلى جانب جميع السلطات العمومية المتدخلة في هذه المعركة الصحية ضد هذا الوباء الفتاك". وكان تقرير المهمة الاستطلاعية المؤقتة قد كشف جملة من الخروقات القانونية التي ارتكبتها الوزارة، خصوصا ما يتعلق باحترام القوانين المؤطرة للترخيصات المطلوبة لتسجيل الشركات والبضائع على حد سواء، والتمييز السلبي بين الشركات عند معالجة طلبات التسجيل، وعدم احترام قواعد المساواة وتكافؤ الفرص عند إبرام الصفقات. إقرأ أيضا: البرلمان يغلق أبوابه دون مناقشة صفقات الصحة.. هل يتهرب أيت الطالب؟ ووفقا للتقرير الذي تتوفر "العمق" على نسخة منه، فقد صرح وزير الصحة، أنه تم تمويل 333 صفقة من الحساب الخصوصي لمواجهة "كوفيد-19″، كما تم إجراء 159 صفقة من ميزانية الاستثمار الخاصة بوزارة الصحة بمبلغ اجمالي ملتزم به 1.433.790.318.18 درهم (أزيد من 140 مليار سنتيم). وأشار الوزير، إلى أنه تم إجراء 174 صفقة من الاعتمادات المالية الخاصة بالحساب الخصوصي لجائحة "كوفيد" بمبلغ اعتمادات مالية إجمالية ملتزم بها 1.024.708.142.68 درهم (ما مايفوق مليار درهم)، تضاف إليها تحويلات للوكالة المغربية للتعاون الدولي بما مجموعه 90 مليار سنتيم، وهو ما يجعل الاعتمادات المالية الملتزم بها ضمن الحساب الخصوصي المتعلق بمواجهة كوفيد-19 تصل إلى أزيد من 180 مليار سنتيم. غير أن مجلس النواب اختتم الدورة التشريعية الثانية من السنة التشريعية 2021-2020، الخميس المنصرم، دون مناقشة تقرير المهمة الاستطلاعية حول صفقات وزارة الصحة، وذلك بعدما كان مقررا أن تعقد لجنة القطاعات الاجتماعية اجتماعا لمناقشة التقرير النهائي للمهمة، لكن الوزير اعتذر عن الحضور.