عدَّدت الفيدرالية المغربيَّة لناشري الصحف، أوجه الارتباك الذي طبع الدعم الإستثنائي العمومي بقطاع الصحافة خلال جائحة كورونا، معلنة فتح مشاورات واسعة حول مستقبل القطاع مع كل الشركاء في إطار هذا الدعم العمومي. جاء ذلك في بلاغ للفيدرالية، توصلت جريدة "العمق" بنسخة منه، عقب اجتماع مكتبها التنفيذي، يوم الخميس المنصرم، لتدارس قضايا تنظيميّة ومهنية ظرفية وهيكليّة في إطار تقييم أوضاع قطاع الصحافة بعد مرور سنة على الجائحة. وفي هذا الإطار، ثمنت الفيدرالية المغربية لناشري الصحف "المجهود الكبير الذي بذلته الدولة لدعم القطاع في هذه الظروف غير المسبوقة حتى لا ينهار، بغلاف مالي إجمالي وصل إلى ما يقارب 340 مليون درهم". واعتبرت أنه "لا يمكن إلا أن يحيي بلا مواربة هذه العناية التي حظيت بها الصحافة والصحافيين المغاربة في ظروف الجائحة القاسية، وكانت بمثابة تكريم لما يقوم به القطاع من أدوار في مواجهة الأخبار الزائفة والتحسيس والمراقبة وتأمين تدفق المعلومات الموثوقة كخدمة عمومية ضرورية للديموقراطية". غير أنها سجلت في المقابل، أن التقييم الموضوعي والصريح لكيفية تدبير هذا الدعم الإستثنائي يبين أنها "اتسمت في الغالب بالتفاوتات الصارخة في توزيعه على المقاولات ال140 المستفيدة بناء على معيار أداء الأجور الأوحد الذي لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يجسد فلسفة دعم حق المجتمع في إعلام متعدد ومستقل ورصين". وأوضحت أن تدبير هذا الدعم الإستثنائي "تميز بالارتباك منذ إعلانه، بحيث استند في البداية على العقد برنامج، ليجري التراجع عن ذلك فيما بعد، ويعوض الأمر بتصريح في البرلمان ينص على أداء الأجور ومصاريف الطباعة، ثم تم التخلي عن هذه المصاريف ليتم توقيع اتفاقية في بداية 2021 بين ممثلي الناشرين ولجنة اليقظة". وتابعت أنه بعد ذلك "تم التخلي عنها ليمدد أجل صرف أجور العاملين بالمقاولات الصحافية مع الوعد بأن يتم صرف الدعم العادي لسنة 2021، ثم تقرر تمديد دعم الأجور وإلغاء هذا الدعم العادي الموعود به". وتأسف المكتب التنفيذي على "طرق وأشكال ومعايير تدبير هذا الدعم العمومي الإستثنائي وغير المسبوق والذي وصلت فيه استفادة مقاولات صحافية محدودة إلى أرقام فلكية، مقابل حرمان عدد من المقاولات أصلا من أي استفادة، أو شملتها استفادة رمزية محدودة، وذلك لأسباب مسطرية واهية". وشدد على أن الدعم العمومي للصحافة لا يجب أن يكون إلا جزءا من حياة المقاولة الصحافية التي يفترض أن تعيش أساسا بقرائها ومعلنيها في إطار نموذج اقتصادي يضمن استقلاليتها واستدامتها. واعتبر أن أي تصور لأي منظومة دعم جديد لابد وأن يأخذ بعين الاعتبار دعم الدور الذي تقوم به هذه الصحافة وتأثيرها وليس مأسسة معايير دعم استثنائي كانت له ظروفه ودواعيه الوبائية المعروفة. وفي الوقت الذي قالت فيه الفيدرالية اإنها منشغلة بأوضاع المقاولات الصحافية بعد الجائحة، أوضحت أنها منشغلة أيضا بأوضاع العاملين بهذه المقاولات، داعية إلى الاهتمام بهؤلاء العاملين، ليس بأداء أجورهم بدلا عن مشغليهم، ولكن بتخصيص دعم ينضاف إلى رواتبهم التي يجب أن تكون في مستوى مجهوداتهم، والتي يجب أن تؤديها مقاولاتهم صونا لكرامتهم وحفاظا على استقلالية صحفهم. واعتبرت أن الاشتغال على تصور جديد للدعم العمومي للصحافة المغربية أمر محمود، ولكن يجب أن يكون في إطار شراكة حقيقية بين المهنيين بمختلف مكوناتهم والسلطات العمومية، وذلك في إطار الشفافية التّامة والبناء على التراكم المسجل منذ سنين. وشددت على أن هذا التصور يجب أن يكون، أيضا في إطار انسجام تام مع فلسفة قانون الدعم، وفي إطار توازن خلاق بين الإسناد الاقتصادي للمقاولة والدعم الاجتماعي للعاملين وتعزيز حق المجتمع في إعلام قوي قادر على النهوض بمسؤوليته الاجتماعية الجسيمة. وفي هذا الصدد، قرر المكتب التنفيذي أن يفتح مشاورات واسعة حول مستقبل القطاع مع كل الشركاء سواء في إطار هذا الدعم العمومي الذي يجب أن يكون موجها لتنمية قراءة الصحف الورقية والإلكترونية، أو في إطار بناء جسور الثقة مع القراء والانخراط الجدي في أوراش التخليق والتصدي للاستسهال والتمييع، والدفاع عن حرية الصحافة وكرامة الصحافيين والدفع في اتجاه انفراج عام نتمناه قريبا. وحسب البلاغ ذاته، فقد وقف المكتب التنفيذي من جهة أخرى على التطور التنظيمي الهائل الذي تعرفه الفيدرالية بشكل غير مسبوق في تاريخها، بحيث وصل عدد أعضائها من العاملين والمنتسبين إلى 184 عضوا من الصحف الوطنية اليومية والأسبوعية، العامة والمتخصصة، والمواقع الإلكترونية الجهوية والوطنية. وأضاف أنه مع انطلاق عمل خمسة فروع في خمس جهات، يجري الاستعداد على قدم وساق لعقد الجموع العامة التأسيسية لخمسة فروع جهوية أخرى في غضون هذه السنة، وذلك للمساهمة في تقوية إعلام القرب الجهوي الذي تعتبر الفيدرالية أنه من العناصر المحددة لمستقبل الصحافة المغربية المفتوح على كل الفرص والتحديات وشددت الفيدرالية المغربية لناشري الصحف، على أنها تسير على خطى الآباء المؤسسين، و"ستظل شريكا جديا وصادقا في كل الجهود الهادفة لانقاذ الصحافة المغربية ومصالحتها مع محيطها والرفع من أدائها بما يخدم المجتمع ويساهم في التطور اليموقراطي ببلادنا".