انطلقت اليوم الخميس بالرباط أشغال الملتقى السنوي “منتدى الأمن الإفريقي” والذي يحضره أزيد من 400 مشارك من 50 بلدا، غالبيتهم من الفاعلين الأكثر تأثيرا في مجال الأمن والدفاع على الصعيد العالمي. إدريس بنعمر، مدير مركز الأبحاث والدراسات الجيواستراتيجية “أتلانتيس” المنظم لهذه التظاهرة، قال في تصريح لجريدة العمق إن المنتدى الذي اختير له شعار “إعادة تحديد محاور التعاون الدولي في مواجهة تهديدات القرن الواحد والعشرين" والموجه إلى القارة الإفريقية، يهدف بشكل أساسي لفتح نقاش حول الإشكاليات الأمنية والدفاعية التي تصادفها الدول الإفريقية، وذلك بغية تحقيق التعبئة والتعاضد من أجل تبادل التجارب بشكل أكثر نجاعة والتوصل إلى رؤية أفقية لمعضلات الأمن والدفاع في القارة، مؤكدا أن توصيات هذا الاجتماعات التي تعقد على مدار اليوم (الخميس 22 نونبر) سترفع إلى حكومات البلدان المشاركة وإلى الأممالمتحدة وكذلك إلى المنظمات الدولية. وأبرز أن الموضوع الذي اختير للنقاش في هذه النسخة يكتسي أهمية بالغة، إذ يهدف الى الإسهام في بسط مقاربات لإعادة تحديد محاور التعاون الدولي، في مواجهة التهديدات الداخلية والخارجية في القرن الحادي والعشرين والمساهمة في النقاش الدولي حول القضايا التكنولوجية والأمن والإجرام، والتشجيع على تطوير الابتكارات التكنولوجية والخدمات المرتبطة بالأمن في إطار احترام المعايير الدولية. وتدور أشغال دورة 2018 حول ثلاثة محاور تهم “الهجرة والتنمية الاقتصادية والاجتماعية” و”الإرهاب الإلكتروني السمعة الإلكترونية و البيانات الكبيرة” و”التطرف ومكافحة التيارات الراديكالية”. وأكد الوزير المنتدب لدى وزير الداخلية، نور الدين بوطيب، أن الجهود التي يبذلها المغرب في مواجهة الهجرة غير الشرعية مكنت، إلى حدود متم شتنبر 2018، من إحباط حوالي 68 ألف محاولة للهجرة غير الشرعية، وتفكيك 122 شبكة إجرامية تنشط في هذا المجال. وأوضح بوطيب أن السلطات الأمنية المغربية تمكنت منذ سنة 2002 من تعطيل أزيد من 3300 شبكة إجرامية، وحجز حوالي 2000 قارب لنقل المهاجرين السريين. وأبرز أن المغرب جدد في مجال حكامة الهجرة، من خلال إطلاق مبادرة فريدة من نوعها في جنوب البحر الأبيض المتوسط، تميزت بتسوية وضعية حوالي 50 ألف مهاجر، خلال عمليتين استثنائيتين تم إنجازهما سنتي 2014 و2017. وسجل أن التهديدات الرئيسية التي يواجهها المغرب، على غرار عدة بلدان، إلى جانب الهجرة غير الشرعية، ترتبط بالإرهاب والجريمة العابرة للحدود والاعتداءات الإلكترونية، مشيرا إلى أن مصالح الأمن المغربية قامت، منذ سنة 2002، بتفكيك 185 تنظيما إرهابيا، وتوقيف أزيد من ثلاثة آلاف شخص. وترتبط مكونات التهديدات الإرهابية، حسب بوطيب، على الخصوص، بظواهر عودة العناصر الإرهابية من سوريا والعراق، ونشر التطرف عبر الأنترنيت، إضافة إلى الوضع الراهن للإرهاب في منطقة الساحل الذي يتميز بتعدد الفاعلين الإرهابيين. وأكد أن الاعتداءات الإرهابية التي تعرض لها المغرب خلال سنوات 1994 و 2003 و 2007 و2011، فرضت القيام بمجهودات جبارة تندرج في إطار مسعى شمولي يوفق بين عمليات الوقاية الرامية إلى تجفيف مصادر التطرف العنيف، وبين ضرورات الحفاظ على الأمن والاستقرار واحترام حقوق الإنسان وممارسة الحريات الفردية والجماعية. وبالإضافة إلى المقاربة الأمنية، يضيف الوزير المنتدب، انخرط المغرب في استراتيجية تروم مواكبة المعتقلين السابقين في قضايا الإرهاب، الذين أبانوا عن استعداد لإجراء مراجعة فكرية ونبذ كافة أشكال التطرف، لا سيما من خلال برنامج “مصالحة”، الذي انخرط فيه إلى جانب السلطات العمومية عدة فاعلين في الحقل الديني والمجتمع المدني، من بينهم المجلس الوطني لحقوق الإنسان والرابطة المحمدية للعلماء ومؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية. ووقف محسن جزولي الوزير المنتدب لدى وزير الخارجية والتعاون الدولي مكلف بالتعاون الافريقي، عند معضلة الهجرة الذي تعاني منه جل الدول الأفريقية، مشيرا أن العالم يعرف هجرة أزيد من 256 مليون مهاجر حول العالم، 36 منهم ذو أصول أفريقية، و 80 بالمائة منهم يقررون الاستقرار في القارة السمراء، مؤكدا أنه لا يمكن إغفال أن هؤلاء المهاجرين قدموا الكثير لدول العالم، خاصة على المستوى الاقتصادي والثقافي. بدوره عبر وزير الأمن والحماية المدنية بمالي، ساليف تراوري في تصريح للعمق عن سعادته بتظافر جهود الدول الإفريقية من أجل البحث عن حلول حقيقية للمشاكل التي تواجهها دول أفريقيا، من بينها بلاده، والتي شدد في كلمته التي ألقاها في افتتاح المنتدى على أنها “بلد مقاوم لكل ما يعيشه من هجومات دولية تمس بالأمن الداخلي، مشيرا أن وزارته “اتخذت العديد من الإجراءات للتصدي لكل هذا، لعل أبرزها التعاون مع دول الجوار وتطوير الجيش في محاولة لمراقبة محكمة للحدود”.