استأثرت قصة عبد الكريم وكيل المعروف ب"أستاذ ورزازات المتشرد" باهتمام رواد مواقع التواصل الاجتماعي، حيث انتشر شريط فيديو صوّره أحد تلامذته كالنار في الهشيم، يتبادله كثيرون بحسرة على تطبيق "الواتساب"، قبل أن يصل إلى أكبر عدد من تلامذته الذين حزّ في نفسهم أن يكون أستاذهم الذي درسهم سنوات الثمانينات والتسعينات مشردا في شوارع ورزازات. وقد رأفوا لحاله بعد أن صار مشردا في شوارع مدينة ورزازات، وتساءل بعضهم بدهشة ما إن كان الأستاذ المتشرد الذي ظهر في فيديوهات متداولة على "فيسبوك"، هو نفسه الأستاذ عبد الكريم وكيل الذي درسهم مادة اللغة الفرنسية بثانوية سيدي عمرو بجماعة "تازارين" الواقعة بنفوذ إقليم زاكورة. من أستاذ للفرنسية إلى متشرد ثانوية سيدي عمرو بجماعة تازارين، كانت أول مؤسسة يُعين بها عبد الكريم وكيل، سنة 1987، كأستاذ لمادة اللغة الفرنسية، بحسب ما أكده الحسين المزواري وهو أحد تلامذته في التسعينيات، في حديث مع جريدة "العمق"، ويقول هذا الأخير إن أستاذه كان رجل تعليم استثنائي، ينحدر من الدارالبيضاء، وحاصل على إجازة في الحقوق قبل أن يلتحق بمدرسة تكوين الأساتذة حيث تخرج منها كأستاذ للغة موليير. "لم يحاول ولا مرة أن يغادر قرية تزارين، كانت تعجبه كثيرا، وربط علاقات اجتماعية مع الساكنة، فصار واحدا منهم، إلا أن انقطع عن التدريس سنة 2005، بسبب مرضه، حيث وجد نفسه غير قادر على التدريس"، يضيف المزواري، الذي أوضح أن أستاذه عبد الكريم تزوج من "ألنيف" والتي مكثت معه 7 سنوات وأنجبت له طفلة، قبل أن تهجره. https://web.facebook.com/lhoussaine.el.Mez/videos/10215336676466611/ اختار الأستاذ عبد الكريم وكيل حياة التشرد مُرغماً بعد أن سُدّت في وجهه جميع الأبواب، حيث هجرته زوجته، وتجاهلت وزارة التعليم آنذاك مطلبه الوحيد بتمكينه من تقاعد نسبي، بعد أن أحس بأنه لم يعد صالحا ليكون ليلقن الدروس لتلامذته، بسبب مرضه، ليجد نفسه في شوارع ورزازات يتنقل من هنا إلى هناك متكئا على عكازه، يفترش الأرض ويلتحف السماء. ورزازات بصيفها الحار وشتائها القارس، كانت كُلها سَريراً مفتوحاً لعبد الكريم وكيل، يتقلب فيه يمينا ويسارا، إلى أن أبصره أحد تلامذته مستلقيا تحت سقف "كراج"، قرب حي "أيت كضيف"، ويقرر إماطة الستار عن قصته، في شريط فيديو اجتاح مواقع التواصل الاجتماعي وتطبيق التراسل الفوري "واتساب". لتنهال الزيارات عليه وتكثر الفيديوهات، ويجد وكيل أخيرا منفذا يطل به على العالم ويحكي فيه معاناته مع التشرد. تلامذته يتحركون انتشرت قصة "الأستاذ المتشرد" ووصلت أكبر عدد من تلامذته، وحتى زملاءه القدامى في ثانوية سيدي عمرو بقرية تازارين، ليقرر الكل إطلاق نداءات للسلطات، وحملات من أجل انتشاله من التشرد، والتي تكللت بحسب تلميذه الحسين المزواري، بتدخل سلطات ورزازات، حيث نقلت الأستاذ عبد الكريم وكيل إلى المستشفى الإقليمي سيدي احساين، وأجريت له جميع الفحوصات الضرورية للاطمئنان على صحته. https://web.facebook.com/lhoussaine.el.Mez/videos/10215352346418350/ وأوضح المزواري في حديثه مع جريدة "العمق"، أن التقرير الطبي أكد أن الأستاذ الذي يبلغ من العمر حاليا 58 سنة، لا يعاني من أي مرض نفسي أو عقلي، وأنه خال من الأمراض المعدية، غير أن جسده نحيل جدا ومنهك، وقد يعود ذلك لإدمانه على الخمر طيلة أزيد من 10 سنوات من التشرد. تدخل سلطات ورزازات لم يقف عند هذا الحد، يضيف المتحدث، حيث تم الاتصال بعدد من مؤسسات الرعاية الاجتماعية التي يمكن أن تحتضنه، ليستقر الأمر أخيرا على دار للعجزة بمراكش، حيث سيمكث الأستاذ عبد الكريم وكيل هناك لفترة وجيزة، مضيفا أن تلامذته ممن انخرطوا في حملة انتشاله من التشرد وجهوا نداءات إلى وزارة التعليم والصندوق المغربي للتقاعد من أجل تمكينه من تقاعد نسبي. البحث عن حياة جديدة مكوث وكيل في دار العجزة بمراكش سيكون لفترة وجيزة فقط، وفق تلميذه المزواري، "في انتظار تسوية مسألة تقاعده النسبي، حتى يكون لديه مدخول مادي قار يبني به حياته من جديد"، نفس الكلام يكرره وكيل في الفيديوهات المنتشرة على "فيسبوك" فالرجل لا يطلب شيئا مستحيلا، بل حقه فقط في تقاعد نسبي ينتشله من التشرد بعد أن قضى 18 سنة في التدريس. ويقول "الأستاذ المتشرد"، إنه قصد وقت انقطاعه عن التدريس بسبب مرضه، مديرية التعليم طالبا منحه تقاعدا نسبيا، دون أن يجد جوابا، قبل أن يقرر نقل طلبه لوزير التعليم آنذاك بالرباط غير أنه لم يستجب هو الآخر لطلبه، كما عرض قضيته على عدد من النقابات وقوبل بالتسويف. العودة إلى البيضاء وعلمت جريدة "العمق" من مصادر متفرقة أن الأستاذ عبد الكريم وكيل غادر دار العجزة بمدينة مراكش بعد أن قضى بها أسبوعين، حيث قرر الالتحاق بأخته التي يوجد منزلها بالدارالبيضاء.