لا أزال أعاني من البحث عن هويتي التي أخجل أحيانا على ضمها إلى مخيلتي، إنني أخجل مني حين أكون هنا داخل هذه المدينة المنسية، والتي ينطبق عليها عكس الجملة المعروفة الغائبة الحاضرة، إنها المدينة الحاضرة الغائبة ، مسقط رأسي، مدينة تاوريرت. على تراب تاوريرت دقت أول نبضة صغيرة داخلي، على ترابها كانت أول صرخة من فاهي الصغير، تم تسميتي من خلالها صدام الحسين ابن عمر ابن مولود بنصناع، وأما والدي ووالدتي فقد سمعا صراخ مولود جديد قبل هذا أربع مرات، لكن صرختي كانت مميزة ، فيها نوع من التميز الذي سيظهر دون شك فيما بعد ، ربما بعد عام، وربما بعد عقد أو عقدين . قبل المضي في سرد بعض من الأحداث التي مرت بها تاوريرت، ومن خلالي طبعا، أراهن على أن الكثير من الأصدقاء والذين اعتبرتهم في كثير من الأحيان أحبة لي، لن تعجبهم أجزاء كثيرة من هذه السلسلة من المقالات، والتي هم جزء منها طبعا، والتي ستعري نوعا من السرية الشخصية التي تميز كل فرد على حدا. في هذه السلسلة التي ستجدونها تباعا، وفي أوقات جد مختلفة، ومتفرقة، وغير منتظمة، هناك أحداث سأسردها بالتفصيل الممل ، وكأنني أسرد قصة لطفل صغير. وأحداث سأسردها بشكل غامض لن يصل إلى عمقها إلا أبطالها من أصدقاء، عائلة، جيران، جمعويين، إعلاميين … وغيرهم. وأحداث أخرى ستشكل نقط ضوء غير مفهومة البتة، لكنها ستكون رؤوس خيوط لكتب وروايات وسير ذاتية ودواوين ستقرؤونها بدون شك بعد عقود إن أطال الله في عمرنا. هذه الحلقة وهي الحلقة الأولى ضمن حلقات " المدينة الحاضرة الغائبة – تاوريرت المنسية – " ، هي البوابة الرئيسية لفضاء أكثر واقعية ، بدون إضافة ملونات و "ماكياج " على الأوضاع الاجتماعية والصحية والاقتصادية … وغيرها. وطبعا، من خلال كل اللحظات التي مررت بها رفقة كل من حولي ، وستكون علاقتي العاطفية الجامعية، وعلاقاتي الاجتماعية في تاوريرت أهم محطاتها.