ثمن المحلل الاقتصادي إدريس الفينا، قرار الملك محمد السادس القاضي بإعفاء محمد بوسعيد من مهامه كوزير للاقتصاد والمالية، طبقا لأحكام الفصل 47 من الدستور، بعد استشارة رئيس الحكومة. وكان بلاغ للديوان الملكي قد أوضح أن هذا القرار يأتي في إطار تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، الذي يحرص الملك أن يُطبّق على جميع المسؤولين مهما بلغت درجاتهم، وكيفما كانت انتماءاتهم. وأشار الفينا في تصريح لجريدة "العمق"، أن إعفاء بوسعيد من مهامه لم يكن مفاجئا لأن كان ينتظر هذا القرار منذ فترة، وذلك بسبب التدبير السيء للوزير بوسعيد للوزارة التي يديرها، مؤكدا أنه شخص لا علاقة له بالاقتصاد. وأبرز الفينا أن بوسعيد سبب اختناقا لعدد من مؤسسات الدولة بسبب تأخره في التأشير على الميزانيات، مشيرا أن عددا من المشاريع أصابها الشلل، وهو ما جعل كل الوزارات تشتكي من تباطؤ تعاطي وزارة المالية مع ملفاتهم، الأمر يسري كذلك على الجهات والجماعات. وأكد أن سبب تباطؤ وزارة المالية في التأشير على ميزانيات المشاريع سببه هو إسناد هذا الأمر إلى مديرية الميزانية بالوزارة، والتي يرأسها رئيس الجامعة الملكية لكرة القدم فوزي لقع، حيث يتسبب انشغاله بأمور الجامعة في جعل الشلل يصيب هذه الوزارة، دون أن يبادر الوزير المعني إلى تعويضه بمسؤول آخر. واعتبر المحلل الاقتصادي ضمن تصريحه للجريدة، أن قرار الملكي كان حكيما لأن استمرار بوسعيد رأس الوزارة كان سيفقد المغرب سيادته المالية والاقتصادية وسيضعها تحت وصاية البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، مشيرا أن قرارات بوسعيد ساهمت في إحكام البنك الدولي قبضته على اقتصاد المغرب. وأضاف أن استمرار بوسعيد وزيرا للمالية كان سيؤدي إلى الانفجار، بسبب جعله عددا من مؤسسات الدولة تعاني من "البلوكاج"، مبرزا أن إعفاء بوسعيد يأتي لتوالي اخطائه في التسيير منذ مدة، مؤكدا أن إقالة بوسعيد من قبل الملك كانت ضرورية وتأتي في إطار ربط المسؤولية بالمحاسبة. وأكد أن بوسعيد له تكوين في الصناعة وهو المجال الذي لم يشتغل فيه أبدا، مشيرا أن "الظروف فقط والتدخلات والعلاقات العائلية التي نسجها جعلته يتقلد عددا من المسؤوليات كانت أكبر منه بكثير ولَم يتوفق فيها أبدا ورغم ذلك استمر في تقلد المسؤوليات باسم حزب الأحرار للأسف". وأفاد أن بوسعيد كان وراء عملية المغادرة الطوعية التي كانت وبالا على الوظيفة العمومية، معتبرا أن وزارة المالية في عهده أصبحت شبه مشلولة في حين تعتبر العمود الفقري للحكومة، متوقعا أن يتم إصدار قرارات متتالية في حق مسؤولين آخرين. وأوضح أن الرسائل وراء إعفاء بوسعيد متعددة؛ وهي أنه "لا يوجد استثناء في هذا المجال، لا الانتماء الحزبي ولا أهمية المنصب ولا أهمية الشخص المعني بالقرار كيفما كانت نوعية العلاقات التي يمكن أن تربطه بالدوائر العليا"، بحسب تعبيره.