ملخص: غرض هذا القول, هو تسليط الضوء على شخصية فلسفية أندلسية عرفها الأندلس في القرن الخامس الهجري, وهي للفيلسوف الشاعر والوزير أبوبكر ابن إبن باجه, الذي بدأت معه الفلسفة المشائية وبقي وفيا للقول البرهاني منتقدا للصوفية وطرقهم في الاتصال و الوصول للسعادة, وهو بذلك مهد الطريق لابن طفيل وابن رشد الذي استفاد كثيرا من تواليفه في شروحه على أرسطو, غير أن الشهرت كانت من نصيب ابن رشد الذي اتجه أغلب الباحثين و الدارسين الى العناية بفلسفته, فيحين بقي تراث ابن باجه مهملا, إلا من بعض الدراسات القليلة لعناصر من فلسفته, أو تحقيقات لأقوال و تواليف إحتفظت بها فهارس بعض الخزانات العالمية, وقد عاش الرجل حياة علمية متقلبة, تشهد بها سيرته التي هو عليها مشهورة, حيث لقي محن وبلي بالإعتقال مرتين, واتهمه العامة والخاصة, وسعوا في قتله وهو ما تحقق بمدينة فاس, حيث توفي مسموما, وهوما لم يترك له الوقت لأتمام مشروعه الفلسفي الذي وعد به في بعض رسائله, ويندرج الكتاب الذي نحن بصدد مراجعته في إطار البحث البيبليوغرافي الذي يسعى إلى تقديم صورة واضحت عن فيلسوف سرقسطة وفاس, و المساهمت في التعريف بسيرته ومؤلفاته, وطرح الإشكالات التي تعترض الباحث في فلسفته, من خلال ترتب تواليفه ترتيبا جديدا, وتوفير المادة العلمية لكل باحث في فلسفة الرجل. تقديم: صدر كتاب "ابن باجه سيرة وبيبليوغرافية" عن مركز الدراسات والأبحاث وإحياء التراث (سلسلة كتاب مجلة مرآة التراث 6) التابع للرابطة المحمدية للعلماء، سنة 2017، للباحث المغربي جمال راشق (أستاذ الفلسفة العربية الإسلامية بجامعة القاضي عياض مراكش). ويتميز الكتاب بتقديم للأمين العام للرابطة ، وتصدير لمدير الخزانة الملكية بالرباط ، وكذا تقديم بالإسبانية للباحث المختص في الدراسات الباجية جوزيف بوتش مُنتادا) ولد في1946م ( من جامعة كومبليتونس بمدريد. يتكون الكتاب من سبعة أقسام وزعها المؤلِف كالتالي : القسم الأولُ، عرضٌ وافيِ لسيرة ابن باجه (460ه/533ه)، استقصى فيها جميع كتب التراجم والطبقات التي تعرضت لحياة الفيلسوف، أما القسم الثاني فقد خُصص لوصف المخطوطات التي تضم تواليف الرجل وصفا دقيقا، والقسم الثالث احتوي على تحقيق نصين هامين عبارة عن تصدير ابن الامام لمجموع أقاويل ابن باجه في نسخة أكسفورد وكذا تصدير المجموع في نسخة برلين، أما القسم الرابع فقد جعله المؤلف عبارة عن جداول تتبع فيها نصوص ابن باجه، الموجودة اليوم بين أيدي الباحثين، في النسخ المخطوطة ثم تحقيقاتها وترجماتها، والقسم الخامس كان عبارة إبرازٍ للحضور الباجي في التراث العبري واللاتيني، ثم القسم السادس فيحتوي على محاولة جمال راشق في الترتيب الكرونولوجي لمؤلفات ابن باجه مع الإشارة إلى المحاولات التي سبقته، وأخيرا ببليوغرافيا غنية ووافية جمع فيها المؤلف أغلب ما أنجز عن ابن باجه، تحقيقات كانت أودراسات أو ترجمات أو مساهمات في ندوات أو أيام دراسية نشرت أو قيد النشر بلغات مختلفة. يندرج عمل الباحث جمال راشق في إطار البحث البيوببليوغرافي أو السيرة الببليوغرافيا، وهي دراسة تشمل التنقيب في حياة المترجمِ لهُ، رصد تواليفه، وتتبع تطوره الفكري من خلال محاولة ضبط التسلسل الزمني للتواليف ومراحل الحياة. ولا يخفى على الباحثين والعارفين أهمية هذا النوع من العمل العلمي في تقصي الحقائق وتدقيق النظريات وأفكار المترجم له، ولما كانت شخصية ابن باجه، لم تستوف حقها من هذا النوع من الدراسة، فإن أي محاولة لوضع سيرة ببليوغرافيا عنه ستعترضها حتما صعوبات لقلة المعطيات حول حياته وشيوخه، وتلامذته، و كذا ندرة المادة في كتب الطبقات والتراجم. ومن ثمة أهمية هذا الكتاب، محاولة من صاحبه لملأ هذا الخصاص، إذ يأتي صدور كتاب جمال راشق بعد خمسة وثلاثين سنة على إصدار كتاب مؤلفات ابن باجه للعلامة المرحوم جمال الدين العلوي (1992/1945م)، والذي لا زال يحتفظ براهنيته في حقل الدراسات الباجية، غير أن عمل جمال راشق يحتوي على إضافات وعلى جديد يبرر إصدار مؤلف يتناول نفس الموضوع، بالنظر إلى ظهور مخطوطات وصدور تحقيقات ونشرات جديدة تتناول نصوص و فلسفة ابن باجه، فما هو الجديد الذي جاء به هذا الكتاب؟ حول أهمية الكتاب: يعتبر الكتاب إضافة نوعية في حقل الدراسات الأندلسية وتاريخ الفلسفة في الغرب الإسلامي عامة، وفي فلسفة ابن باجه خاصة . لأن الباحث جمال راشق عمل على جمع وتصنيف وتوثيق أغلب نصوص الفيلسوف من رسائل وتواليف، موجودة في مخطوطات منها ما حقق والبعض لا زال ينتظر، وهو بذلك وفر للباحثين والدارسين في فلسفة ابن باجه مرجعا علميا دقيقا بمثابة مدخل للبحث في فلسفته، وتتجلى هذه الأهمية فيما يلي : ترجمة لسيرة ابن باجه من أوفى ما كتب عن الرجل. تتبع لآثار الرجل في جميع الخزانات العالمية وتفحص مجمل النسخ إما بشكل مباشر أو عن طريق ميكروفيلمات. الإشارة إلى الترجمات العبرية واللاتينية لبعض تواليف الرجل. تحقيق لأول مرة لتصدير ابن الإمام لمجموع تواليف ابن باجه عن مخطوطة برلين. ترتيب رسالة الغاية الإنسانية بين رسالة الوداع ورسالة الاتصال. اعتبر أن كتاباته المنطقية ورسائله الطبية وإن رتبت في بداية المتن الفلسفي الباجي، إلا أنه لا يمكن حصرها في زمن معين من حياة الرجل، بل هي من صميم ممارساته اليومية، اشتغالا وتدريسا. اعتبر أن "القول في القوة الناطقة" يشكل الفصل الأخير من كتاب النفس، ولا يمكن اعتباره نص مستقل عن كتاب النفس وإن تأخر في كتابته. تتبعه للإحالات الداخلية التي تثبت أن تدبير المتوحد سابق على رسالة الوداع. إضافته للأقوال المشكوك في نسبتها لابن باجه ، باعتبارها مراسلات بينه وبين تلميذه ابن الإمام، على خلاف العلوي الذي أسقطها من ترتيبه بالمرة ولومبا فوينتس الذي ضمنها ترتيبه لمؤلفات الرجل. اهتمامه بالإبداع الفني لابن باجه وتجميعه لجميع انتاجه الشعري والموسيقي المعروف. في سيرة ابن باجه: خصص جمال راشق القسم الأول من كتابه لحياة ابن باجه, استقصى فيه جميع ما كتب عن فيلسوف سرقسطة وفاس، وتتبع سيرة الرجل من خلال نصوصه وتواليفه، ومن ترجمه من أصحاب الطبقات والأعلام، وقد حظيت بشرف الاشتغال معه في هذا القسم والتمرن على قراءة هذه النصوص وذلك بعد إنجازي لبحث الإجازة في الفلسفة تحت إشراف الأستاذ جمال راشق في موضوع : "القوة المتخيلة من خلال كتاب النفس لابن باجه" . ويمكن التأكيد، من خلال قراءة هذه السيرة، أن جمال راشق جمع بين ما جاء من روايات وتراجم في كتب الطبقات والأعلام وما تحفل به نصوص الرجل من إشارات، مما يجعلها أوفى ما كتب من ترجمات عن هذا الفيلسوف . ولدينا بعض الملاحظات التي لا تقلل من العمل بقدر ما تغني النقاش الدائر حول عمر ابن باجه وكذا مدة مكوثه في فاس، ونعرضها على الشكل التالي : أ-حول تاريخ ولادة ابن باجه: لم يحاول جمال راشق تحديد تاريخ الولادة، واكتفى بالإشارة إلى أن المصادر القديمة لا تذكر شيئا عن سنة ولادته ، وذكر جمال الدين العلوي الذي حددها بين سنة 470 و475 ه، وقد خلص إلى هذا التاريخ بناءا على تأمله لمراحل تكوين ابن باجه العلمية، من خلال رسالته التي بعث بها إلى الطبيب أبي جعفر يوسف ابن حسداي الأندلسي (ت522ه/1128م). وكذلك حاول محمد عابد الجابري (2010/1936م) تحديدها في سنة 475 ه، دون أن يقدم دليله أو مصدره في ذلك . لكننا نذهب إلى أنه ولد في العقد السادس من القرن الخامس الهجري، وحججنا في ذلك ما نعثر عليه من إشارات مبتوتة في ثنايا نصوص الرجل. ففي المقالة السابعة من شروحات السماع الطبيعي، يتحدث ابن باجه عن استنباط هندسي لأستاذه ابن السيد المهندس ، وإذا كان هذا الاستنباط أو الكشف الجديد قد أرخ له ابن باجه بسنة 480 ه , فإنه في رسالة بعث بها إلى صديقه وتلميذه الوزير أبي الحسن ابن الإمام (توفي بعد547ه/1152م) يقول فيها : "وقد كنت قلت أنه بلغك أن عبد الرحمان ابن السيد كان قد استخرج براهين في نوع هندسي لم يشعر به أحد قبله ممن بلغنا ذكره, وأنه لم يثبتها في كتاب, و انما لقنها عنه اثنان: أحدهما أنا, و الأخر تلف في حرب و وقعت في الأرض التي كنا فيها و بلغك مع ذلك أني زدت عليه حين استخرجها." فإذا كان ابن باجه وحده من احتفظ بهذا الكشف وأتم براهينه بعد تلف الرجل الآخر، فإن هذا التلقي كما يبدو من سياق النص كان مباشرا و إملاء من الشيخ المهندس على تلميذه الفيلسوف، ومعنى ذلك أن ابن باجه في سنة 480 ه كان تلميذا في مستوى هذا التلقي ولديه استعداد وروية، فكم كان سنه آنذاك؟ نعتقد أنه في أقصى الحدود لم يكن ليتجاوز العشرين سنة كعمر مقبول لدراسة العلوم والتمكن منها وبلوغ الغاية فيها، وهو ما يدفعنا للعودة عشرين سنة من تاريخ التلقي الهندسي بالضبط في 460 ه كتاريخ نقترحه لولادة الرجل. لأن السنة التي اقترحها جمال الدين العلوي ومحمد عابد الجابري تجعل سن ابن باجه أثناء هذا التلقي بين عشر وستة سنوات وهو الأمر الذي نشك فيه. ولا غرابة، إذا قلنا أن لهذه المسألة أهميتها بالنسبة للباحث في سيرة الرجل، فلقد أجمع كل من ترجم لفيلسوفنا من القدامى على موته شابا لم يتكهل، و تابعهم في ذلك أغلب المحدثين، و هو الأمر الذي لا يستقيم مع كرونولوجيا حياة الرجل الغنية بالأحداث. ب-في دعوى وفاته شابا لم يتكهل: أثار جمال راشق في ترجمته لابن باجه ما قيل عن وفاته شابا لم يتكهل ، وهي دعوة جاءت عند ابن أبي أصيبعة (600ه-1203م/668ه-1270م)، ونقلها عنه جميع من ترجم للرجل ، حيث ذهبوا إلى أن المنية اخترمته شابا لم يتكهل، وهو ما لا يقع عليه الباحث في ثنايا تواليف الرجل، ففي رسالة الوداع التي بعث بها إلى تلميذه الوزير ابن الإمام (توفي بعد547ه/1152م) يخاطبه و يقول : «ولعلي لا ألقاك وفي نفسي تشوق شديد إلى مفاوضتك في أجناس من الأمور من أوكدها وأوجبها أني قد تقدمت فسلكت من العمر القدر الذي بين سني و سنك، وليكن لك البقاء الأطول حتى تجاوز هذه السن التي أنا اليوم فيها.» يدل هذا النص على أن سن فيلسوفنا كانت ضعف عمر صديقه ابن الإمام الذي كان وزيرا بالفعل في اشبيلية ثم بعد ذلك رحل إلى مصر حيث كانت بينه وبين ابن باجه مراسلات، وقد علق جورج زيناتي على هذا النص وقال : « je crois bien, avec Dunlop, qu'Avempace a vécu plus d'une cinquan-taine d'années pour la raison suivante : Avempace , au début de sa lettre d'adieu adressée à son ami Ibn Al Imam qui est déjà ministre a la cour des almoravides, affirme qu'il ya une grand différence d'âge entre eux. La question qui se pose alors est la suivant : comment Avempace pour-rait-il ne pas avoir une quarantaine d'années quand un autre beaucoup plus jeune que lui est déjà ministre ? » من خلال نص ابن باجه وتعليق جورج زيناتي عليه، يبدو أن مسألة موته شابا يطالها الشك، وهو الأمر الذي ذهب إليه أيضا الأستاذ شلومون مونك (1803/1867م) الذي أكد على موته في سن متقدمة، وكذلك دنلوب (1909/1987م) في اعتقاده بأن ابن باجه تجاوز الخمسين سنة عند وفاته. ج-حول مدة استقراره بفاس: يقول جمال راشق: »…قصد )ابن باجه( فاس بالمغرب الأقصى حيث عمل طبيبا في البلاط المرابطي، ووزيرا لدى أبي بكر يحيى بن تاشفين مدة عشرين سنة حسب رواية القفطي (1248م/ه646)، وهي رواية لا يرقى إليها الشك في اعتقادنا «، ورواية القفطي التي جاءت في مؤلفه إخبار العلماء بأخبار الحكماء، يقول فيها : »استوزره أبو بكر يحيى بن تاشفين مدة عشرين سنة وكان يشارك الأطباء في صناعتهم فحسدوه وقتلوه مسموما حين كادوه وكانت وفاته في سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة . « وقد حاول جمال راشق أن يحدد سنة دخوله لفاس، فبعد سقوط سرقسطة سنة 512 ه، واعتقاله الاعتقال الثاني بنفس التاريخ، رحل إلى المغرب ومر باشبيلية وغرناطة، وربما توقف بها لمدة ومنها لحقه لقبه الغرناطي، »فإن دخوله فاس كان في 514ه/1120م، وهو التاريخ الذي تدعمه رواية القفطي لأنه من 514ه/1120م إلى 533ه/1139م سنة وفاته تستوفي وزارته بفاس عشرين سنة» . لكن في نفس الكتاب نجد نصا بالغ الأهمية أورده جمال راشق عند وصفه لمخطوط أكسفورد الذي يحتوي على تصدير ابن الإمام للمجموع المحتوي على أقاويل ابن باجه، حيث يقول القاضي الحسن بن النضر ناسخ المجموع : «قابلت بجميع ما في هذا الجزء جميع الأصل المنقول عنه وهو بخط الشيخ العالم الورع الزاهد البر العدل التقي عصمة الأخيار وصفوة الأبرار السيد الوزير أبي الحسن علي بن عبد العزيز بن الإمام السرقسطي وهو ينظر في أصله المحبوبة من يد فريد دهره ويسير عصره ونادرة الفلك في زمانه أبي بكر محمد بن يحيى بن الصائغ المعروف بابن باجه قراءة بقراءة على المصنف باشبيلية والعزيز المذكور أدام الله عزه يومئذ عامل عليها ومستفاد لخراجها وما أضيف من العمل اليها و كان فراغ الوزير من قراءة هذا الجزء عليه في تاريخ أخره اليوم الخامس عشر من شهر رمضان سنة ثلاثين وخمس مائة». ونفهم من هذا النص أن المجموع نقله ابن الإمام بيده مباشرة عن ابن باجه إملاء في اشبيلية سنة 530ه وهذا يطرح العديد من الشكوك حول رواية القفطي والمقري(986-1041ه/1578-1631م) ، لأن ذلك لا يتفق مع دخوله فاس حوالى 514ه واستوزاره عشرين سنة ووفاته بها سنة 533ه. ربما يكون ابن باجه مكث في فاس بين 530ه و533ه، أي ثلاث سنوات فقط. وقد تداولت الأمر مع جمال راشق، وأخبرني أنه أصبح أميل إلى هذه الرواية (أي مكوثه فقط ثلاث سنوات بفاس) وذلك بعد بحثه في الجانب الموسيقي لابن باجه، وكيف أنه يعد صاحب التلاحين المعروفة اليوم في المغرب بطرب الآلة، فكيف يعقل أن لا نقف له على أي ذكر بين شيوخ الموسيقى سواء في التواليف (على قلتها) أو ذكر شفهي وقد مكث عشرون سنة بفاس. ويقترح راشق حلا لهذا الضبط بالوقوف على زمن تواجد ابن الحمارة بفاس، لأن هذا الشيخ الكبير (في طرب الآلة) أخذ مباشرة عن ابن باجه في فاس، إلا أنه ويا للأسف ليس لنا في تراجم ابن الحمارة ما يفيد زمن تواجده في فاس. ويضيف راشق أمر آخر ألا وهو كتب الطبقات والتراجم التي تؤرخ لفاس ورجالاتها وعلمائها في هذه الفترة لا تأتي على ذكر ابن باجه، ويذكر على سبيل المثال كتاب سلوة الأنفاس و محادثة الأكياس بمن أقبر من العلماء والصلحاء بفاس . جديد محاولة جمال راشق في ترتيب مؤلفات ابن باجه: لقد تتبع جمال راشق نصوص فيلسوف سرقسطة وفاس تتبعا دقيقا، انطلاقا من إدراكه بأن أي محاولة لترتيبها بالرجوع إلى الفهارس القديمة أو الحديثة تكون غير مجدية، لأن الرجل لم يعن بتأريخ نصوصه، ولما كان ذلك الترتيب مستحيلا، كان لزاما البحث عن طريق آخر، وهو طريق فحص النصوص وتتبع الإحالات الداخلية التي تسعف في وضع ترتيب معين لهذه التواليف، ففي كل رسالة أو كتاب نعثر على إحالة لنص سابق أو لقول لاحق، وهو عمل بذل فيه جمال راشق جهدا عظيما دام لسنوات من القراءة والتأمل في النصوص والوقوف على المخطوطات بالخزانات وفحص ما تحتويه مباشرة . ويقول : «سأستغل كل الإحالات الداخلية التي استخرجتها من تواليف ابن باجه وهي عبارة عن إحالات واضحة تبين أسبقية تأليف على أخر أو على مجموعة أخرى من التواليف» ، وقد وصل من خلال استخراج جميع الإحالات إلى الترتيب التالي : 1. في الألحان. 2. في إبانة فضل عبد الرحمن ابن سيد المهندس. 3. في الهيئة. المنطق: 4. التعاليق المنطقية : المدخل، الفصول، ايساغوجي، المقولات، لواحق المقولات، كتاب العبارة، العبارة، القياس، ارتياض في كتاب التحليل، البرهان، البرهان، المقولات، العبارة. الطب: 5. في الأسطقسات. 6. في المزاج. 7. في المزاج. 8. شرح كتاب الفصول لأبقراط. 9. تعاليق في الأدوية المفردة. 10. مقالة في الحميات. كل النظر الطبيعي يقع بعد 503 للهجرة: 11. قول أرسطو هل حدثت الحركة ولم تكن. 12. وله ابتداء أخر في الثامنة. 13. وله ابتداء في شرح المقالة السابعة و الثامنة. 14. سائل منثورة من السماع. 15. ومن قوله في الثانية من السماع. 16. ابتداء في شرح المقالة الثامنة. 17. ومن الأقاويل المنسوبة اليه رضي الله عنه. 18. السماع الطبيعي. 19. ومن متقدم قوله في معاني الثامنة. 20. شرح الآثار العلوية. 21. الكون والفساد. 22. في ماهية الشوق الطبيعي. 23. كتب رضي الله عنه الى الوزير أبي الحسن بن الإمام (بعد 512 للهجرة). 24. كتاب النفس. 25. النيلوفر. 26. الحيوان. 27. كتاب النبات. التواليف الباجية: 28. تدبير المتوحد. 29. رسالة الوداع. 30. قول يتلو رسالة الوداع. 31. القول في الغاية الإنسانية. 32. ومن كلامه فيما يتعلق بالنزوعية. 33. ومن كلامه في البحث عن النفس النزوعية. 34. في المتحرك. 35. في الوحدة والواحد. 36. ومن كلامه (بين العقل والقوة المتخيلة واتصال العقل الإنساني بالأول) 37. ومن كلامه (في المعرفة النظرية والكمال الانساني أو في الاتصال بالعقل الفعال) 38. ارتياض في تصور القوة الناطقة. 39. نظر أخر يقوي تصور ما تقدم. 40. نظر أخر (الفطرة الفائقة والتراتب المعرفي). 41. نظر أخر (فيض العلم الإلهي). 42. ومن قوله أيضا (في الفيض والعقل الإنساني والعلم الإلهي). 43. ومن كلامه أيضا (في العلم الإنساني والعقول الثواني والعلم الإلهي أو في مراتب العلم). 44. نظر أخر (في الواجب الوجود والممكن الوجود). 45. ومن قوله أيضا (في الفاعل القريب والفاعل البعيد وخلود العقل). 46. قال الشيخ أبوبكر (في تراتب العقول وخلودها). 47. ومن قوله أيضا (في السعادة المدينية والسعادة الأخروية أو دفاع عن أبي نصر). 48. ومن قوله، وهو أخر ما وجد من قول الحكيم فيما دار بينه وبين الوزير. وهناك تواليف لابن باجه يحيل إليها هو نفسه في كتاباته، لكن لا نجدها اليوم فيما وصلنا من آثاره، ولم أشأ أن أدرجها ضمن ترتيبي لمؤلفاته، ومع ذلك أسجلها في الأخير على سبيل الذكر: 1/ كتاب الحركة (وقد ألفه ابن باجه قبل السماع). 2/ في انعكاس الأضواء. 3/ المناظر والظلال التعليمية. 4/ في صناعة النجوم. 5/ كتاب المرض والصحة. 6/ السماء والعالم. وهو ترتيب يبدو جديدا ومحاولة تسعف في تمثل كرونولوجيا تواليف ابن باجه، كما أنه يختلف عمن سبقه خصوصا محاولة المرحوم جمال الدين العلوي والتي يعتبرها جمال راشق أفضل محاولة كتبت عن المتن الباجي ، والاختلاف واضح في أمرين أساسيين: الأول: محاولة جمال الدين العلوي ترتيبٌ لمراحل الفكر الباجي، في حين يُعتبرُ عملُ جمال راشق محاولة في ترتيبِ كتابات ابن باجه. الثاني: رتب جمال راشق في محاولته الأقوال المشكوك في نسبتها وجعلها عبارة عن مراسلات بين ابن باجه وتلميذه ابن الإمام، بعد أن شكك في نسبتها العلوي وأسقطها من ترتيبه. من خلال ما سبق تبدو أهمية هذا العمل، الذي يعتبر عملا أكاديميا متخصصا ومدخلا لكل باحث في فلسفة ابن باجه، فقد بذل فيه جمال راشق جهدا كبيرا وأخذ منه تأليفه سنوات من البحث والتنقيب، انطلاقا من زيارة المكتبات العالمية والاطلاع على المخطوطات مباشرة، وتفحص المجاميع التي تحتويها ووصفها وصفا دقيقا، وكذا اتصاله بأغلب الباحثين الدوليين المختصين في ابن باجه ثم محاولة تجميعه لجميع الدراسات والأبحاث في الباجيات، ومشاركته في أغلب الندوات والمشاريع التي تهتم بفلسفته، وهو ما يظهر جليا في قيمة هذا الكتاب من خلال العناية الفائقة بمصادره ومراجعه وغنى الهوامش والإحالات التي تدل على اطلاع واسع بالموضوع والتزام تام بالأمانة العلمية والبحث الأكاديمي الجاد والرصين. لائحة المصادر و المراجع بالعربية: ابن أبي أصيبعة, عيون الأنباء في طبقات الأطباء, تحقيق محمد باسل عيون السود, بيروت: دار الكتب العلمية, 1998. ابن الأبار, أبو عبد الله, التكملة لكتاب الصلة, اعتنى به عزة العطار الحسيني, تراث الأندلس, 1956. ابن باجه, أبوبكر, رسائل فلسفية لأبي بكر ابن باجه, تحقيق و تقديم جمال الدين العلوي, بيروت و الدارالبيضاء: دار الثقافة و دار النشر المغربية, 1983. العلوي, جمال الدين, مؤلفات ابن باجه, بيروت و الدارالبيضاء: دار الثقافة و دارالنشر المغربية, 1983. ابن باجه, أبوبكر, رسائل ابن باجه الإلهية. تحقيق و تقديم ماجد فخري, ط.1, بيروت: دارالنهار للنشر, 1968. ابن باجه, أبوبكر, شروحات السماع الطبيعي, تحقيق و تقديم ماجد فخري, بيروت: دار النهار للنشر, 1973. القفطي, اخبار العلماء بأخبار الحكماء, مصر: مؤسسة الخانجي, د ت. المقري, أحمد بن محمد, نفح الطيب في غصن الأندلس الرطيب, ط 2, دارالرشاد الحديثة, دارالفكر, 1986. راشق, جمال, ابن باجه سيرة و بيبليوغرافيا, ط 1, الرباط: دار الأمان للنشر و التوزيع, 2017م. راشق جمال, بين الحكيم و الوزير, رسائل فلسفية بين ابن باجه و ابن الامام, دراسة و تحقيق, ط.1, مراكش:دار النشر فضاء أدم, 2017. الجابري محمد عابد, نحن و التراث, قراءات معاصرة في تراثنا الفلسفي, , المركز الثقافي العربي, ط.6, الدارالبيضاء,1993. الكتاني, محمد بن ادريس, سلوة الأنفاس و محادثة الأكياس بمن أقبر من العلماء و الصلحاء بفاس, تح. محمد حمزة بن علي الكتاني وأخرون, ط.1, الدار البيضاء: دار الثقافة, 2004. باللغات الأجنبية: Lomba. Joaquin. Librosobre el almaé (kitab al-nafs) Ibn Bayya.edicion et traducion. Editorial Trota. 2007. P.13. Dunlop.D.M.Encyclopédie de I'islam.Nouvelle édition. Tom 3. H-IRAN.G.P.maison neuve et Larousse E.S.A. Paris. 1975. Zainaty.G. la moral d'Avempace. Paris.1979 Ma'sumi.M.S.H. Ibn Al-imam the disciple of Ibn Bajjah. Islamic Quarterly. N3-4. 1959-1960.pp.102-108. Munk, (S) ,Mélanges de philosophie juive et arab. Vrin. Paris. 1955. 383-410.Un extrait du régime du solitaire.