لم يكن احد من المتتبعين يتوقع ان يجرأ الذين من المفروض فيهم الحياد على الدعوة الى مسيرة عنوانها جاء على الطريقة المصرية " ضد أخونة الدولة المغربية" شعار لم يألفه المغاربة سوى عندما اراد العسكر التخلص من الاخوان و إزاحتهم عن الحكم بعيدا عن الصناديق , فما الداعي لتنظيم هذه المسيرة المفاجئة بالمغرب ؟ و لماذا هذا التوقيت ؟ و ما الاهداف التي سطرت لها ؟ كثيرة هي الاسئلة لكن ما يهمنا هو الجواب الذي قد يكون واضحا للبعض و قد يخفى على الكثيرين و منهم الذين شاركوا في تلك المسيرة و جلهم لا يعرفون حتى لماذا بل و اغلبهم لا يجيدون قراءة ما في اللافتات من شعارات. نحن لن نتحدث عن المشاركين في المسيرة لاننا نعرف جيدا انه تم تضليلهم باساليب مخزنية معهودة و معروفة للجميع لكن دعونا نبحث عن سياقاتها و دلالاتها في هذا التوقيت و الطريقة المشبوهة التي نظمت بها المسيرة لدرجة ان الجهة التي دعت اليها مجهولة و في توقيت يشير الى انها دبرت بليل و خلف الستار و بأياد مرتعشة لكن الملاحظ من عدد المشاركين الذي لا يستهان به ان الجهة المنظمة تملك من الامكانيات ما يجعل منها وزارة للداخلية لان لا احد له القدرة على تجييش هذا القدر من الناس و نقلهم من مدن اخرى الى الدارالبيضاء و التكفل بجميع مصاريفهم بل و الدفع لهم كي يشاركوا في مسيرة لم تكن معلنة , اما المستهدف فهو بالتأكيد حزب العدالة و التنمية الذي اصبح كابوسا لبعض الجهات التي لا ينام لها جفن و هي ترى ان كل الاساليب المستعملة ضده لم تؤثر فيه. ان انخراط اعوان الداخلية في التجييش ضد حزب معين دليل على الارتباك و التخوف لدى جهات في الدولة من بقاء الاسلاميين في الحكم كما انها قد تعتبر اكبر خطوة تؤشر لبداية الانحياز لتيار التحكم الذي ينافس الاسلاميين في الانتخابات التشريعية بعد ان فشل دراعه الحزبي في المواجهة. لقد اختار التحكم هذا الخيار و هو لا يدري الى اين يمكن ان يؤدي به , فمحاولة استنساخ ما قام به العسكر في مصر ضد الاسلاميين عبر ازاحتهم بتجييش المتضاهرين في الشوارع و اخراج سينمائي للمسيرات الحاشدة و تسليط البلطجية الذين ظهروا في مسيرة الدارالبيضاء واعتدوا فعلا على صحفيين لا يمكن الا ان يؤدي الى ادخال البلاد في مستنقع تجنبته بشق الانفس لمدة خمس سنوات . رسالة اخرى يمكن ان نستنتجها من شعار المسيرة الرئيسي الذي هو اسلمة الدولة و قد تكون هي الاخطر و هو تسرب اموال دول الخليج التي تقود حربا لا هوادة فيها على الحركات الاسلامية المنخرطة في العملية الانتخابية ان لم نقل انها وراء تمويل المسيرة بل و التخطيط لها و ربما تكون الاموال التي وصفها السيسي بالرز قد وصلت الدارالبيضاء و قد تكون لها مسارات اخرى غير المسيرة في القادم من الايام التي هي الكفيلة بالكشف عن باقي التفاصيل .