- لطالما كثُر الحديث عن حقوق المرأة، ولطالما تناثرت الكلمات من جهات عديدة سواء كانوا أفرادا مُتشبعين بأفكار وحاملين لصفات مُعينة، أو جمعيات حقوقية أو أحزابا وما جاور ذلك، ولطالما اعتاد العموم على حدة النقاش بين الفينة والأخرى حول هذه القضية، وخصوصا في اليوم الذي سُمي ب ''عيد المرأة'' والذي يحمل في وجهه الآخر إساءة كبيرة للمرأة، وذلك لكونها تستحق أكثر من أن نخصص لها يوماً نتذكرها فيه، ففي المرأة، الأم والأخت والزوجة والعمة والخالة والجارة...، بل إن المرأة نصف المجتمع وأحد أركانه الأساسية وهي أيضاً عماد الأسرة، ولهذا يجب الاهتمام بها والالتفاتة لها طيلة أيام السنة،والسعي دوماً قدر الإمكان نحو تطبيق الحقوق المكفولة لها شرعاً وقانوناً دون التفريق بين المرأة الغنية والفقيرة، وبين المرأة التي تقطن في الجبال والتي تقطن في المدن، وبين التي تشتغل في مجالات -ذات أهمية- كقطاع الوظيفة وبين التي تشتغل فيمحطات البنزين، وبين التي تعمل وبين التي فضلت أن تمارس وظيفتها الأساسية (ربة البيت) ... لكن للأسف هذا الأمر الذي لا يوجد على أرض الواقع والذي يدفع بنا في نفس الوقت لطرح عدة تساؤلات :لمَ دوماً يتم التركيز على وقت معين لإثارة هذه القضية و خلق نقاش حاد حولها ؟ ولماذا يُطل علينا العديد ممن يصفون أنفسهم ب (المدافعين عن حقوق المرأة) في مختلف المنابر الإعلامية للتحدث عن القضية واختزالها في نقاش محدود حبيس لبعض الجوانب دون التطرق لجوانب حساسة وذات أهمية كبرى، ولماذا هذا التخصيص والانتقائية في النقاش حول الموضوع من زاوية معينة مألوفة لدى الجميع (التساوي في الارث نموذجاً) وإخفاء وطمس جانب حساس لا يتحدث فيه إلا الأقلية من أطياف المجتمع ؟؟ لماذا الترويج لأفكار ومفاهيم مشوِّهة للقضية بالأساس واستغلالها لأغراض بعيدة عن الموضوع الرئيس ؟؟ لا شك أن التأمل في هذه التساؤلات المطروحة سيحيلنا إلى أن هناك أعداء لا يتحدث عنهم أحد ممن يسمون أنفسهن دعاة حقوق المرأة، وغيرهم الذين يروجون لعدة مفاهيم ومغالطات ويحاولون من خلال طرحها الإيقاع بين الجنسين ودفع الشبهة عنهم، فالمتأمل في القضية جيداً سيجد أنه كلما تم ذكر موضوع المرأة يتم استحضار مفاهيم معينة ويتم التركيز على فئات مُعينة دون الأخرى، مفاهيم من قبيل أن الرجل هو عدو المرأة وهو الشيء الباطل من أساسه،وأن على المرأة أن تتحرر وتنتزع حقوقها وكأنها لا حقوق لها، وفئات معينة من قبيل دعاة العري وذوي النفوذ وأصحاب (المينيات والصايات) وتهميش الأخريات. هذه المفاهيم التي روجت لها الأطراف المستفيدة من القضية على مر السنين شوهت القضية وأوقعت بين الطرفين في الفخ، وأصبح الرجل والمرأة في صراع مع بعض إلى أن وصل بهم الحال إلى ترك الأعداء الحقيقيين لهم؛لذا سنعمل في مقالنا هذا على توضيح واستحضار بعض الأعداء المسكوت عنهم والمتقمصينفي أحايين كثيرة لصفة المدافعين عن المرأة، وكل ذلكبُغية توضيح المسألة للعموم وبالأخص للمرأة؛لأنه من الضروري لنا ولها أن نعرف أعداءنا الحقيقيين المسكوت عنهم . إن من الأعداء الحقيقيين للمرأة يا سادة، والذين يحاول البعض إخفاءهم وعدم التطرق اليهم ولا الدفاع عن ضحاياهم هم : مافيات العقار ولوبيات الأدوية والتعليم الخاص، ولوبيات السياسة وسماسرة الانتخابات، ومهربوا أموال الشعب إلى الأبناك الغربية وغيرهم ...فمن الأساسي أن تفهم وتعي المرأة هذا الأمر جيداً، كما هو مهم لنا جميعاً كأفراد ومواطنين ألا نخطئ هؤلاء الأعداء الذين لا يُفرقون ولا يريدون التفريق بين الذكر والأنثى وبين العجوز والطفل والشاب، هؤلاء هم الأعداء المستفيدون من صراع الطرفين. كذلك من الأعداء الآخرين هم أولئك المتشبعين بالفكر الرأسمالي، الذين يقومون بكل شيء سواء كان مباحاً أو غير مباح، في سبيل إزالة أنوثة المرأة مع إزالة كل الصفات الانسانية والأخلاقية والطبيعية التي تتصف بها، وملء مكانها بالرغبات الفاسدة التي تجعلها مُتعطشة وملهوفة تجاه ما يضعون في أروقتهم الباهرة للأسواق، فالذي يجب أن ندركه ونكون على يقين منه أن الذين يتشبعون بهذا الفكر لن يسهروا أبدا على تنزيل الحقوق المكفولة للمرأة على أرض الواقع ولا الدفاع عنها، فهم يرون فيها سلعة تباع وتشترى، يريدون الاستثمار بها واستغلالها وأخد أموال طائلة مقابل إظهار مفاتنها والترويج بها في اللوحات الاشهارية والأفلام والكليبات وباقي المنتوجات التي ينتجونها . نضيف كذلك أعداء آخرين لا يقلون مكراً عن السالف ذكرهم، وهمالحركات النسائية ذات النشأة الغربية، أولئك النسوة صاحبات السيارات رباعية الدفع (4×4) والنظارات الباهرة والفلل ذات المساحات الشاسعة، والساعات الذهبية وحقائب جلد الأسد وحمامات البخار والسونا بالليمون، ونتف الحواجب في صالونات الألاف درهم والتفاخر بخادمات البيوت ... وغير ذلك. هؤلاء النسوة الذين يطلون علينا عبر الشاشات الصغيرة بين الفينة والأخرى في حلقات نقاشية ويتحدثون عن القضية من زاوية محصورة في المناصفة في المناصب والمساواة في الارث والحرية في التعري وممارسة الجنس، دون أن ينطقوا أي كلمة حول من يسحقون بالقانون وغير القانون، نساء - الميناج وكسالات الحمام – ونسوة الموقف وغسل الأواني لمدة ساعات طوال في المحلبات والمقاهي من أجل بضع سنتيمات، وبائعات جسدهن من أجل دراهم ملغومة، وعاملات النسيج في معامل الذل والهوان، ونسوة الجبال المهمشين والنساء اللائي يقاتلن من أجل لقمة العيش بدون أي ضمانات تحت أشعة الشمس الحارقة في ضيعات الأسياد، كأن هؤلاء لا ينتمون لجنس النسوة !!؟. وأخيرا وليس آخرا، إن ما يجب الإشارة إليه هو أن التمييز الذي يوجد في الواقع والذي يستلزممن الجميعالتجنيدلمحوه لا يقوم على أساس الجنس، كما لا يقوم على نقصان الحقوق أو عدم وجودها لا في الدين ولا في القانون، بل يقوم على الفئة والطبقة الاجتماعية التي تنتمي لها المرأة والذي تختلف حدته وأشكال ممارسته باختلاف الطبقة والفئة التي تنتمي اليها تلك المرأة، فبدون شك أن العاقل سيلاحظ أن ما تتمتع به المرأة التي توجد في المدينة ليس هو نفسه ما تتمتع به المرأة القاطنة بالجبل، كما سيلاحظ أن دفاع دعاة المساواة والحقوق، عن المرأة الغنية والمتشبعة بفكرهم وأيديولوجيتهم ليس هو دفاعهم عن التي تنتمي للطبقة الفقيرة أو المرأة الأمية أو المتحجبة أو المتشبثة بدينها وتقاليدها وهويتها؛ إضافة لهذا كله يجب أن نعي ونكون على علم أن غالبية من يدعون الدفاع عن حقوق المرأة ليس هدفهم إلا الوصول للمرأة وقضاء مصالحهم بها، لأنه لو كانوا حقاً يريدون الخير للمرأة ويسعون لضمان حقوقها والدفاع عنها، فسيكون سعيهم موجها نحو الدفاع عن جميع النسوة من مختلف الطبقات بشكل عادل ومتساوٍ، لأجل إزالة الفوارق الاجتماعية بين مختلف طبقات المجتمع تدريجياً والسهر على تنزيل القوانين الكافلة للحقوق شرعاً وقانوناً، وتطبيقها بشكل عادل ومُنصف على الكل بدون استثناء.