للمرة الثانية على التوالي، قررت المحكمة الابتدائية بمدينة الرباط تأجيل محاكمة رئيس النقابة الوطنية للصحافة عبد الله البقالي، على خلفية مقال نشره في جريدة العلم حول الفساد المالي خلال انتخابات مجلس المستشارين، إلى غاية 24 ماي المقبل، بناءً على طلب من دفاع البقالي. وشهدت المحاكمة بالتزامن، تنظيم وقفة احتجاجية حضرها عدد من الصحافيين والحقوقيين، استنكارا لمحاكمة البقالي، ومعتبرين أنها محاولة ل "تكميم الأفواه"، و"التضييق على حرية الصحافيين"، وكذا محاولة ل "كسر الأقلام الحرة". وأفاد مصدر "العمق المغربي"، أن 24 محاميا ينتمون لحزب العدالة والتنمية، التحقوا بهيأة الدفاع عن البقالي. وسبق للبقالي أن صرح سابقا، بأن متابعته أمام القضاء لا تستهدف شخصه فقط، "وإنما هي رسالة لجميع المعنيين بمسار الديمقراطية في البلاد، على بعد أشهر من الاستحقاقات التشريعية"، موضحا أن المقال الذي يُتابع على خلفيته، "لم يتضمن شيئا جديدا ولا اتهاما، وإنما لامس فيه أشياء حقيقية يؤكدها كل المواطنين والمتتبعين"، وفق قوله. من جهته، أدان المكتب التنفيذي للشبيبة الاستقلالية، توجيه وكيل الملك استدعاء للصحفي عبد الله البقالي، للمثول أمام المحكمة الابتدائية بالرباط، تفعيلا لشكاية وزير الداخلية، بسبب مقال نشره في جريدة العلم حول الفساد المالي خلال انتخابات مجلس المستشارين. واعتبرت الشبيبة، في بيان توصلت جريدة "العمق المغربي" بنسخة منه، أن استدعاء الكاتب العام الأسبق للشبيبة هو "محاولة يائسة للنيل من حرية التعبير والرأي"، مشيرة أن المتابعة تشكل "انتهاكا صارخا للمواثيق والمعاهدات الدولية التي وقع وصادق عليها المغرب ذات الصلة بحرية الرأي". وجدد البيان، تأكيد المنظمة على ما سبق له أن عبرت عنه بشأن الفساد المالي الذي شاب انتخابات أعضاء مجلس المستشارين، لافتا إلى أن محاكمة البقالي "تكشف مجددا عن ضيق صدر صناع القرار تجاه الأصوات الحرة والأقلام الممانعة للتسلط والفساد والاستبداد"، حسب البيان. الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بدورها، طالبت بإلغاء متابعة النقيب عبد الله البقالي، رئيس النقابة الوطنية للصحافة المغربية، ومدير جريدة "العلم"، وأيضا "بوضع حد للتضييق الذي يتعرض له، وذلك بإلغاء المتابعة المحركة في حقه". وأشارت الهيئة الحقوقية في بلاغ لها، إلى ما وصفه ب"التطور الخطير الذي تشهده الساحة الإعلامية، والمتمثل في المتابعة القضائية، التي تستهدف النقيب عبد الله البقالي، والتي تسعى من خلالها السلطات، المحركة لمثل هذه المتابعات، إلى إخراس أصوات الصحفيين وتكميم أفواههم". بدوره، عبر اتحاد كتاب المغرب، عن ذهوله من متابعة الصحفي عبد الله البقالي، مدير نشر جريدة العلم، مطالبا ب"تفعيل وأجرأة وحماية المقتضيات الدستورية التي كرست حرية التعبير والصحافة والرأي، واحترام التزامات المغرب تجاه المواثيق الدولية المتعلقة بمجال حقوق الإنسان بصفة عامة". وأضاف الاتحاد، في بيان سابق له توصلت جريدة "العمق المغربي" بنسخة منه، أن البقالي تتم متابعته بسبب "رصده عيوب الممارسات المشينة وأعطابها التي شابت بعض المجالس والهيئات خلال العملية الانتخابية الأخيرة"، كما اعتبر أن المتابعة "تبخيس لحملة الانتظارات المرتقبة من قبل الإعلاميين والمبدعين المغاربة، من مدونة النشر والصحافة الجديدة"، لافتا إلى أن الأمر يعد "ضربا في العمق للتجربة الديمقراطية الفتية ببلادنا، ونكوص إلى الوراء، وتقويض لمنجزات المغرب في مجال حرية القول والتعبير". إلى ذلك، طالب المركز المغربي لحقوق الإنسان، الأجهزة القضائية بإيقاف متابعة الصحفي عبد الله البقالي، معبرا عن تضامنه المطلق واللامشروط معه. ودعا المركز، في بيان له، توصلت جريدة "العمق المغربي" بنسخة منه، كافة الهيآت المدنية والحقوقية والسياسية، إلى الوقوف "وقفة رجل واحد إزاء الردة الخطيرة عن قيم الديمقراطية، والتي يسعى من خلالها البعض إلى تكريس واقع يحول بين الشعب المغربي وتطلعاته المشروعة في الديمقراطية وحقوق الإنسان". وأضاف البيان، أن متابعة البقالي "يعاكس التوجهات العامة للبلاد، ويقلب المفاهيم والقيم والقواعد رأسا على عقب"، لافتا إلى أن المتابعة "ليست موضوعية". وشدد المركز، على أن فضح البقالي لاستعمال المال العام خلال الحملة الانتخابية الأخيرة، وتورط بعض مسؤولي الإدارة الترابية في ذلك، تسندها تصريحات ومستندات موثقة بالصوت والصورة على مواقع التواصل الاجتماعي، فضلا عن تقارير حقوقية متعددة، أكدت ذات المنحى، وسردت حالات معينة، "كان من المفروض أن تفتح بشأنها تحقيقات في وقتها"، حسب البيان.