أكد وزير العدل والحريات السيد مصطفى الرميد، اليوم الجمعة بأكادير، أن المغرب مصمم على المضي قدما في مسار نهضة تنموية شاملة تتوخى تطوير الاقتصاد الوطني وتدعيمه بالوسائل التي تمكنه من المنافسة والانفتاح على آفاق جديدة من قبيل إنشاء مركز دولي للتحكيم. وقال السيد الرميد، خلال افتتاح ندوة دولية حول "آفاق التحكيم الدولي بالمغرب"، "إن هذا الأمر لا تخفى أهميته بالنسبة لبلد واعد كالمغرب عمل دوما على تطوير تجارته الدولية بحيث تمكن في ظرف قياسي من أن يغدو ثاني مستثمر في إفريقيا". وأضاف أن المغرب، وعيا منه بما يشهده العالم من إقبال على الوسائل البديلة لحل النزاعات باعتبارها آلية فعالة تضمن سرعة الأداء وتؤمن سرية المعلومات والإجراءات وتخفف من حدة الخصومة، سعى إلى تحديث الإطار القانوني للأعمال من خلال وضع ترسانة من النصوص القانونية المستلهمة من أحدث التجارب الدولية بغية الإسهام في تحسين مناخ الاستثمار. وذكر، في هذا الإطار، ببعض مقتضيات القانون 08.05 المتعلقة بالتحكيم والوساطة الاتفاقية والتحكيم المؤسساتي، مشيرا إلى أن صدور هذا القانون واكبه اهتمام كبير بموضوع الوسائل البديلة لحل النزاعات من قبل الفاعلين الاقتصاديين ورجال القانون أثمر إحداث مجموعة من المراكز للتوفيق والتحكيم. وشدد على سعي الوزارة إلى تشجيع الشراكة في مجال الوساطة والتحكيم مع عدة فعاليات اقتصادية وحقوقية، كالاتحاد العام لمقاولات المغرب والقطب المالي بالدار البيضاء والغرف التجارية والمحامين والأساتذة الجامعيين وجمعيات المجتمع المدني، فضلا عن تكثيف علاقات التعاون مع الشركاء الدوليين. واعتبر الوزير أن توفير الإطار القانوني للتحكيم وغيره من الوسائل البديلة لحل المنازعات لن يكون كافيا ما لم تصاحبه إجراءات مواكبة، من قبيل التحسيس بأهميتها لاسيما بالنسبة لمختلف فئات التجار والمقاولات الصغرى والمتوسطة، فضلا عن الاهتمام بالتكوين على مساطر هذه الوسائل، مشيدا، في هذا السياق، بالتوقيع على اتفاقية تعاون في ميدان التكوين بين المعهد العالي للقضاء وهيئة المحامين بأكادير والعيون. وتتواصل أشغال هذه الندوة الدولية حول موضوع "آفاق التحكيم الدولي بالمغرب"، على مدى يومين، بمشاركة عدد من الخبراء والقضاة والمحامين والأكاديميين المغاربة والأجانب ومؤسسات ومراكز دولية تعنى بالتحكيم التجاري الدولي. ويعكف المشاركون في هذا اللقاء العلمي، الذي تنظمه محكمة النقض، بشراكة مع نقابة هيئة المحامين بأكادير والعيون، والقطب المالي للدار البيضاء، وغرفة التجارة الدولية، على مناقشة عدد من القضايا المرتبطة بالتحكيم التجاري الدولي من خلال خمس جلسات تتناول الإشكالات التي يطرحها الموضوع في جوانبه القانونية والقضائية والاقتصادية وأبعادها الوطنية والدولية. وتندرج هذه الندوة، حسب المنظمين، في سياق التفاعل الإيجابي مع ما تعرفه الساحة القانونية والقضائية من ديناميكية تكرس الأمن الاقتصادي والحقوقي بالمغرب، وما تقتضيه التحديات التي فرضتها عولمة الاقتصاد من ضرورة خلق شراكات وفضاءات للمناقشة ووضع تصورات ورؤى جديدة تسهم في التنزيل السليم للدستور وتؤسس لقضاء قريب من انتظارات المتقاضين و في خدمتهم. ويتضمن برنامج هذا اللقاء سلسلة من العروض التي تهم قضايا "التوجهات الكبرى لمحكمة النقض المغربية في مجال التحكيم الدولي" و"الاتجاهات الحديثة في مجال التحكيم الدولي" و"تفسير اتفاق التحكيم بين النص القانوني والممارسة القضائية" و"خصوصية التحكيم في المادة الإدارية" و"قضاء الارتكاز في القانون والممارسة بالمغرب" و"إشكالات الاعتراف وتنفيذ الأحكام التحكيمية الدولية بالمغرب" و"الرقابة القضائية على أعمال المحكمين في القانون والممارسة المغربية". كما سيتناول المشاركون في هذه الندوة، التي تتخللها مناقشات مفتوحة، عددا من المواضيع المرتبطة ب"حصيلة تحكيم الغرفة التجارية الدولية في منطقة شمال إفريقيا وإفريقيا جنوب الصحراء" و"الاعتراف وتنفيذ الأحكام التحكيمية لدى المحكمة المشتركة للعدل والتحكيم لدول غرب إفريقيا" و"حصيلة وآفاق التحكيم في بلدان غرب إفريقيا" و"تصور القطب المالي للدار البيضاء للتحكيم الدولي بالمغرب".